أشرت في مقال سابق إلى تشعب أزمة السكن في المملكة، وارتباطها الوثيق بأداء قطاعات عديدة، علاوة على أداء جهات حكومية، وأخرى خاصة، وتناولنا في الأسبوع الماضي غياب دور الأكاديميين عن المشاركة الفاعلة في إنتاج الحلول اللازمة، كل ذلك وأكثر يؤكد أننا في أمس الحاجة إلى تفعيل منظومة قادرة على مواجهة الأزمة، وهذه المنظومة تمثل الإطار الأكثر شمولا للطريقة الأمثل في التعاطي مع هذا الاستحقاق الوطني الذي يتحمل الجميع مسئولية الوفاء به، وتضم كل العناصر الكفيلة بإيجاد أو تسهيل الوصول إلى الحلول الناجعة، ومتى ما اتسم أي من عناصرها بالضعف أو القصور فإن الحلول ستتأخر أو تأتي مشوهة الملامح، لتصبح مشكلة إضافية بحد ذاتها. ولعل قطاع المقاولات المحلي هو الوجه الآخر لأزمة السكن التي يعيشها مجتمعنا، وأحد عناصر المنظومة التي ننادي بتفعيلها وتحسين أداء كل عناصرها، فهو قطاع مثقل بالمشاكل والهموم التي جعلت الاستثمار فيه يعد مخاطرة حقيقية في غياب الأنظمة التي تحكم تعاملات ونشاط العاملين فيه، مما سمح بتسرب الكثير من الدخلاء إلى تعاملاته، وهذه مشكلة ضمن عدة مشاكل لا تنتهي، بدءا بضعف البيئة التشريعية التي تنظم هذا النشاط وتحكم علاقته بجميع الأطراف، وكذلك متطلبات التصنيف وفئاته، ومرورا بعوائق التمويل وإحجام البنوك المحلية عن تمويل المقاولين، كذلك المنافسة الشرسة، وحرب الأسعار القائمة بين أبناء السوق، وفي ظل تذبذب مستمر في أسعار المواد، ومشاكل العمالة الماهرة، وأخيرا دخول شركات المقاولات الأجنبية إلى الساحة المحلية. إذا جمعنا مشاكل قطاع المقاولات مع مشاكل قطاع التطوير العقاري سنجد أننا أمام معضلة ربما يستحيل حلها، ولكن التسليم بهذه النتيجة ليس مقبولا أو واردا لدى مختلف الجهات التي تضع معالجة أزمة السكن على رأس أولوياتها، إذا ما الحل؟ وكيف؟ما سبق نظرة خاطفة على أهم عناوين قطاع يمثل الذراع التنفيذي لحل أزمة السكن، وهي نظرة لا تدعوا للتفاؤل بما سيكون عليه أداء قطاع المقاولات إذا بقي الوضع على ما هو عليه، وإذا جمعنا مشاكل قطاع المقاولات مع مشاكل قطاع التطوير العقاري سنجد أننا أمام معضلة ربما يستحيل حلها، ولكن التسليم بهذه النتيجة ليس مقبولا أو واردا لدى مختلف الجهات التي تضع معالجة أزمة السكن على رأس أولوياتها، إذا ما الحل؟ وكيف؟ حل هذه المشاكل المركبة لأزمة أو أزمات شديدة التعقيد يكمن في التشريعات، فحينما تعمل الجهات الحكومية على سن تشريعات جذرية لتوفير السكن للمواطن لا بد أن المشرعين سيتنبهون إلى ضرورة أن تشمل هذه الأنظمة كافة القطاعات التي ترتبط بشكل مباشر بقطاع الإسكان في المملكة، غير أننا لسنا في وارد المطالبة بتشريعات نظرية لا تمس واقع الأزمة فليس الوقت من صالحنا لتجربة أنظمة قد تفيد وقد لا تفيد، ما نحتاجه هو أكثر تحديا وينطلق من معطيات واضحة، فهناك مشاكل تشريعية بالدرجة الأولى تعترض كافة القطاعات التي يجب أن تقدم الحلول الفاعلة لأزمة السكن، ولتكون هذه التشريعات في صميم موضوعنا يجب أن يكون صوت العاملين في القطاعات المعنية حاضرا لأنهم أقرب الجهات إلى واقع السوق ومشاكله. ساعدوا المقاولين..أعطوهم ساحة..ومساحة للإبداع.. * العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة تمكين