استبعدت مصادر مصرفية واقتصادية بمصر تطبيق الخطوة التي أعلنها قبل يومين مجلس الأعمال المصري الأمريكي، بإسقاط ديون مصر الخارجية للولايات المتحدةالأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي والبالغة 34.9 مليار دولار بنهاية يونيو الماضي، مؤكدين صعوبة إسقاط الدين بالكامل لاعتبارات قانونية ومصرفية، وقالوا إن الرفض ناتج عن الضغوط الاقتصادية الكبرى التي يواجهها الغرب منذ 2008، مطلع الأزمة المالية العالمية التي هزت اقتصادات العالم وما زالت تداعياتها مستمرة. من جانبه أكد الدكتور حازم الببلاوي وزير المالية المصرى أن فكرة إسقاط ديون مصر يهز ثقة الدول بنا ، وقال إن مجرد أن تصل دول العالم رسالة مفادها أن مصر لا ترغب فى سداد ما عليها فإن هذه الدول ومؤسساتها ستفكر ألف مرة قبل أن تتعامل مع مصر مرة أخرى فى المستقبل وستهز ثقتهم فينا. وكانت بريطانيا قد طالبت مصر بسداد ديون مستحقة عليها تفوق مائة مليون جنيه إسترلينى (160 مليون دولار) استدانتها إبان حكم الرئيس السابق حسنى مبارك لتمويل صفقات شراء أسلحة، وفى المقابل فال نائب مساعد وزير الخارجية للشئون الاقتصادية، السفير خالد عمارة، بهذه الدعوة، إن فكرة إسقاط الديون غير مطروحة وصعبة التحقيق، ويمكن الاكتفاء بالمبادلة، بحسب تعبيره، مبررا ذلك بأن الظروف الاقتصادية حاليا غير مواتية لإسقاط الديون. وقال هانى قدرى، مساعد وزير المالية، إن الحكومة تتفاوض مع الولاياتالمتحدة لمبادلة الديون المستحقة على مصر وليس إسقاطها كما تردد، مشيرا إلى أن إسقاط ديون مصر لدى أمريكا يمكن أن يضر بسمعة مصر بالخارج ويعطى انطباعا بعدم قدرتها على سداد ديونها، ما يؤثر سلبا على مستقبل البلاد، وهو أمر غير صحيح على الإطلاق، وأضاف قدرى فى تصريحات صحفية: إن أحوال الاقتصاد المصرى لا تستدعى طلب إسقاط الديون، مؤكدا أن ما يمر به الاقتصاد مسألة مؤقتة، وإسقاط الديون تكون له تبعات سلبية على الاقتصاد لاحقا، وأوضح أن الديون الخارجية تصل الى نحو 12 بالمائة من الناتج المحلى الإجمالى، معظمها ديون ميسرة على فترات طويلة، مؤكدا أن حجم الدين الخارجى يصل إلى نحو 35 مليار دولار منها نحو 26.7 مليار دولار مستحقة على الحكومة والباقى يمثل مديونيات على الهيئات الاقتصادية وجهات أخرى. وكان محمد يونس، رئيس مجلس الأعمال المصري الأمريكي، قد ذكر قبل يومين أن مسؤولي الإدارة الأمريكية رجحوا موافقة الكونجرس على تنازل الولاياتالمتحدة عن ثلث ديون مصر البالغة 3 مليارات دولار خلال الأسابيع القليلة المقبلة، أي نحو مليار دولار، وأوضح في ختام أعمال المنتدى الثاني لمجلس الأعمال المصري الأمريكي في واشنطن، أن المسؤولين الأمريكيين أكدوا أنه لم يتبق سوى خطوة واحدة في سلسلة من الإجراءات في الكونغرس حتى تتنازل أمريكا عن هذه الديون ، وأضاف: إن هناك اتجاها إيجابيا أمريكيا بشأن إسقاط الديون المصرية، مشيرا إلى وجود خطوات لتفعيل مبادرة الرئيس الأمريكي باراك أوباما بإعفاء مصر من ثلث ديونها، وحث الاتحاد الأوروبي ونادي باريس على حذو نفس حذو أمريكا بإسقاط جزء كبير من الديون المستحقة على مصر. وقال مصدر بالبنك المركزي، إن إسقاط الديون بالكامل أمر مستبعد، مرجحا تحويل تلك المبادرات إلى استثمار مباشر، على غرار ما قامت به إيطاليا مع مصر، حيث حولت مديونيتها على مصر إلى تمويل مشروعات، وهو قرار استثماري جيد يفيد عجز الموازنة، كما أنه لا يصطدم بالقواعد الغربية في التعامل مع أصحاب المديونيات.