في السبت الماضي، كانت مراسم بيعة ولي العهد، الأمير نايف بن عبدالعزيز، مشهداً خارقاً للعادة، وجاذباً للتفكير في هذه العلاقة الحميمية والنادرة بين الشعب والقيادة، والتي ترسخت منذ التأسيس الأول على يد المؤسس الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه. فالمواطنون الذين توافدوا ومن مختلف الشرائح والأعمار ومن كل مناطق مملكتنا الغالية، رسموا اللوحة الاعتبارية الفائقة القيمة، بكل عناوين الوفاء والولاء والإخلاص، مجددين العهد، وليشدوا على يد ولي العهد مهنئين بالثقة الكريمة، ومعبرين عن تعاضدهم معه في مهمته الجديدة، بعدما خبروه في المواقف الأكثر صعوبة، والملفات التي تعلقت بحياتهم وكينونتهم وأمنهم واستقرارهم. وأمام كل هذا الحب، كانت كلمات سمو ولي العهد لهم تعبيرا عما أحاطوه به من امتنان ومشاعر جيّاشة، ولم ينس أن يشير إلى منهج خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الذي كما قال سموه تعلمنا منه «كيف يجب أن نخدم الوطن، وقد شاهدناه وعايشناه عن قرب في ظروف صعبة فوجدناه لا يهتم ولا يقلق إلا على سلامة المواطنين والوطن، وبقيادته الرشيدة واعتماده على الله تبوّأت المملكة مكانة آمنة ومستقرة في كل امورها، فلدينا ملك صالح وفاهم وشعب وفي كريم قادر على الإخلاص لوطنه والالتفاف حول قيادته». مشهد الآلاف الذين حرصوا على مبايعة الأمير نايف شخصياً، والملايين الذين توافدوا على قصور الإمارات بالمناطق، ، إنما جددوا تقليداً نعتز به ونفخر، ويشير بكل وضوح إلى ترحيب الشعب السعودي بأكمله، واستبشاره بتعيين سموه، ما يعني ثقة شعبية مطلقة، تؤكد أن اختيار المليك ومعه هيئة البيعة كان في محله تماماً. ولم لا.. والأمير نايف رجل دولة من الطراز الأول، وصاحب عفة وحزم وحكمة وقدرة عالية على التعامل الهادئ والرصين مع الأمور مهما كانت درجة حدتها أو توترها. هذا الإجماع الشعبي، استطاع تعميق الصورة النادرة، التي تكررت ، في كافة المناطق، رأينا جميعاً مشاهدها العملاقة، في إمارات المناطق، كما رأيتها في قصر الإمارة بالشرقية، حيث لمست حرص المواطنين، على الحضور شخصياً، بكل إرادتهم الحرة، وتأكيد بيعتهم أمام الأمير محمد بن فهد، وتتحول الحشود البشرية، من مجرد حضور شخصي، إلى تظاهرة حب نعتز بتقليدها الشرعي، وصورتها الشعبية. ما يهمنا في كل ذلك، ليس قراءة المشهد الظاهر أمام أعيننا فقط، ولكن استنباط معانيه ودلالاته العميقة، التي يؤكدها تاريخنا الحديث منذ التأسيس وحتى الآن، حيث تلخص تلك الحشود المباركة والمبايعة، أن الثقة لا تُفرض، ولا تشترى، ولكنها بالأساس تعبير مخلص عن إجماع وطني، والتفاف شعبي، حول قيادة تستلهم احتياجات شعبها، وتقرأ المستقبل بعين واعية، كما أن هذه الثقة أيضاً تعني أن الوطن بقيادته وشعبه، يلتفون حول الرجال المخلصين، والقادرين على وضع الوطن والمواطن على الطريق الصحيح، والأمير نايف بكل تأكيد أحد هؤلاء القادة الذين سيحفظ لهم وطننا كل ما بذل وعمل وأخلص، فاستحق كل هذا التأييد والالتفاف والمباركة. وعندما نعود للوراء نجد تلك المؤازرة لملوكنا منذ مراحل التأسيس وحتى عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز «حفظه الله» ومن قبله الملك فهد بن عبدالعزيز والأمير سلطان بن عبدالعزيز «رحمهما الله» نجد أن نايف بن عبدالعزيز واحد من الذين تشربوا تلك التجارب من قيادات هذا الوطن عبر السنين وهي تجارب حرصت على أمن واستقرار هذا الوطن الكبير كما أن تلك التجارب أعطت لسمو ولي العهد الأمير نايف بن عبدالعزيز مزيدا من الحرص و الرعاية لكل ما يخدم الدين والوطن والمواطن في ظل القيادة الحكيمة فسياسة الباب المفتوح هي ديدن القيادة السعودية منذ المراحل الأولى للتأسيس وعبر هذه المنهجية استطاعت المملكة أن تؤصل وتجذر المعنى الصحيح للتلاحم بين القيادة والشعب فلا فرق في هذه الأرض بين مواطن وآخر في ظل هذه المنهجية الحكيمة وفي ظل الثوابت السعودية العظيمة.