قدمت «التجربة السعودية» في الحكم «نموذجا» فريدا ومتميزا، مقارنة بتجارب الحكم الحديث والمعاصر العالمية. وكان «الاعتدال» و»الوسطية» عصب هذه التجربة ومِقوَدَها الذي حافظ لها على نقطة واحدة تنطلق منها في كافة توجهاتها، وبحيث تقف على مسافة واحدة من الدول وأنظمة الحكم والحكومات، فلم تنجذبْ يمينا أو يسارا، كما أنها لم تنزلق إلى مواقف أو عداوات غير محسوبة، والتزمت الموضوعية ، وتجنّبت الخوض في الخصومات، وظلت «التنمية» و»التحديث» محورين رئيسيين يشكلان التيار العام للطريق الذي اختارت أن تسير فيه هذه التجربة، لتحقق الكثير من «الإنجازات» لأبناء شعبها، باعتباره الهدف «الأسمى» للحكم، ولم تحبس التجربة السعودية نفسها وراء أسوار العزلة، بل امتدت بكثير من «حصاد» التنمية تعطي عن طيب خاطر لجيرانها وشقيقاتها، ولدول العالمين العربي والإسلامي، وللعديد من شعوب العالم، خصوصا الفقيرة منها، تسخيرا لخيراتها في خدمة البشرية. في هذه البيئة الفريدة والمتميزة والمستقلة في الحكم الحديث والمعاصر، وفي هذه «المدرسة» التي أسس لها وأنشأها الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود عاش الملوكُ والأمراءُ من أبنائه، وفيها تعلموا، وتدرّبوا على أصول السياسة المعاصرة و»منهجها السعودي» الفريد. في هذه المدرسة التي قدمت لعالميها العربي والإسلامي قادة وحكاما وأمراء بحجم الدولة السعودية الحديثة ومقاصدها وغاياتها الإنسانية النبيلة، نشأ صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود، ونهل من منابعها. ويأتي اختيار خادم الحرمين الشريفين الملك القائد عبدالله بن عبدالعزيز وبعد اجتماع هيئة البيعة لسموه وليا للعهد نائبا لرئيس مجلس الوزراء، خلفا لأخيه وشقيقه سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز «رحمه الله»، تعبيرا عن استمرار النهج السعودي في «التنمية» و»التحديث»، وتأكيدا ل»توجهاته» المحورية المنحازة للوطن، وخياراته الاستراتيجية، و»ثوابته» الوطنية العربية الإسلامية. سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز رجلُ دولة وهو رجلُ دولة من طراز رفيع المستوى، واسع الاطلاع، ومعروف بثقافته الموسوعية التي أتاحت له معرفة واسعة بأصول الحكم الحديث وتجاربه المتنوعة، كما أنه يتمتع بفهم عميق لأحوال العالم المعاصر، وصراعاته ومشكلاته، وأهم قضاياه ومتغيراته، وإلى ذلك يتمتع سموه بعلاقات طيبة بالعديد من رؤساء الحكومات وكبار الشخصيات العالمية، وله في مختلف الأوساط والدوائر السياسية مصداقية اكتسبها، عبر العديد من التجارب والقضايا التي عكس فيها توجهات التجربة السعودية الحديثة والمعاصرة في الحكم، ولا شك ان هذه العلاقات مما يمكن أن يتاح لرصيد الإدارة والعمل الوطني، استثمارا من «الدولة» في خدمة وإدارة العديد من الملفات والقضايا خلال المرحلة القادمة. وإضافة إلى ذلك، فإن سموه عبر سنين طويلة من المسئولية والمشاركة في الحكم اكتسب خبرات وتجارب فذة، واتسمت إدارته للملفات والقضايا التي تولاها بالحكمة والموضوعية والدقة والصبر والأناة وبُعْد النظر، وحُسْن التقدير والحنكة السياسية والخبرة الأمنية والمهارة الإدارية، إلى جانب التواضع، وحسن التعامل مع الناس. نايف بن عبدالعزيز شخصية متعددة الملامح والجوانب الإنسانية، وحقق نجاحا فريدا ومتميزا في إدارة «أخطر» الملفات التي واجهها الوطن، منذ إنشاء الدولة السعودية الحديثة، وهو ملف الإرهاب والعنف السياسي الذي هدّد الوطن والمواطن، وحاول أن يستولي على «عقل» الأمة، ويصادر مستقبلها. نجح سموه في القضاء على «أخطبوط» الإرهاب، وتمكن من قطع أذرعته التي امتدت بالسوء إلى الوطن وأبنائه المخلصين، لكنّ مواجهته للإرهاب لم تكن «أحادية» الجانب، تعتمد القوة والحزم والصرامة فقط أسلوبا في العمل الأمني، بل كانت سياسته الأمنية تجمع إلى ذلك الجانب الإنساني، ركيزة لمفهوم الأمن الفكري، من خلال برنامجه لتأهيل الموقوفين بقضايا إرهابية، والذي يعتمد على مناصحتهم، وتأهيلهم النفسي والعملي، لإعادة دمجهم في المجتمع، باعتبارهم أبناء الوطن، والوطن مسئول عن جميع أبنائه ورعايتهم، حتى لو أخطأوا. إنها النظرة الإنسانية الواسعة التي «تحتضن» أبناء الوطن جميعا، وتضم إلى صفوفها مِن جديد مَن ابتعد عنها أو ضلّ، تجمع ولا تفرّق، تُقَوّي ولا تُضعف، تسعى للتآلف وتنبذ التنافر. تلك كانت دائما وستظل «مفاتيح» أساسية لفهم أدوات الحكم السعودي، والتي تجد في نايف واحدا من أبرز تجلياتها في التطبيق والعمل. سمو الأمير نايف هو رجل التحديات الكبرى.. وهو رجل المسئوليات الضخمة.. ورجل المهام الصعبة.. وهو خيرُ عَضُد لخادم الحرمين الشريفين، بإذن من الله، وتوفيقه.. الرئيس العام للمؤسسة العامة للخطوط الحديدية رئيس مجلس إدارة مؤسسة دار «اليوم» للإعلام