حضور هذا الحشد الكبير من الزعماء والقادة والسياسيين في العالم العربي والإسلامي والدولي يشير بوضوح إلى ما يتمتع به الفقيد الراحل الأمير سلطان بن عبدالعزيز من تقدير واحترام ومحبة وإعجاب في العالم وهو إعجاب واحترام يفوق الوصف إذا وضعناه في الإطار السياسي والإنساني فالمشيعون الذين تقاطروا على العاصمة الرياض ليشاركوا في تشييع الراحل الكبير إنما يعطون دلالة على أهمية الراحل كزعيم سياسي شارك في بناء الدولة السعودية الحديثة وكان ركنا مهما من دعائم الاستقرار والأمن الذي تحظى به المملكة وشعبها الكريم الذي فقد برحيله إنسانا مخلصا لبلده ولأمته، وكريما معطاء وقف مع المحتاجين والفقراء من شعبه بل وحتى فقراء العالم العربي والإسلامي والدولي وهذا العطاء اللامحدود بالإضافة إلى تصنيفه كأحد رجال الدولة السعودية البارزين الذين أرسوا التقاليد الراسخة في صناعة القرار في كل الأوقات والمحن التي مرت بها المملكة. بحق إنه من الزعماء المعدودين الذين لا يجود بهم الزمان إلا نادرا لتوافر خصال كبيرة في شخصية لا تليق إلا بالأفذاذ والكبار فهو المسؤول الذي أمسك بأعقد الملفات السياسية والإدارية والتنموية وعبر بهذه الملفات إلى الحلول المشرفة والإنجازات القيمة التي سيظل الوطن والأجيال يتذكرونها حين تروى مسيرة الحكم السعودي الحديث وحين تروى أسطورة الدولة السعودية الحديثة القوية المنيعة المستعصية على كل الأعداء والحاقدين. إن فقد رجل بحجم الأمير سلطان بن عبدالعزيز لهو أمر محزن ومصاب جلل لكن ما يخفف المصاب هو المدرسة السعودية في الحكم التي أرساها الملك عبدالعزيز في أبنائه وهي مدرسة أنجبت ومازالت تنجب رجال دولة كبارا متمرسين تتواصل فيها الخبرة والمسؤولية دون انقطاع وهو ما مثل دائما صمام الأمن للمملكة العربية السعودية ووحدة أرضها ووحدة شعبها وجعل منها واحة أمن واستقرار وعطاء متدفق لا تتوقف عند حدود ولا عند باب بل ابواب المستقبل مشرعة تحرسها عائلة حاكمة كريمة ارتضاها شعبها متمسكا بتقاليدهم وأصالتهم لأنهم يعبرون عن طموحات شعبهم وعن تطلعاته في التقدم والمسيرة لمستقبل أكثر إشراقا. إن السعودية بفقدها رجلا استثنائيا إنما تؤكد على أن النهج الذي أرساه الملك عبدالعزيز ويتواصل في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز سيبقى نهجا متقدما في مسيرته وفي تطلعاته لمستقبل أفضل للمملكة كوطن وللسعوديين كشعب وهذا ما عهدناه من أسرة مالكة يرأسها خادم الحرمين الشريفين ويلتف حولها الشعب للأبد.