بنهاية منتصف العام 2011م بلغت نسبة انتشار الإنترنت في السعودية 44 بالمائة حسب تقديرات هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، أي ما يقارب 12.5 مليون مستخدم. ولعل فتح قطاع الاتصالات والتنافس الشرس على المستهلك من قبل شركات القطاع أسهما في حصول نقلة نوعية في مستوى الخدمة وتطورها، صاحب ذلك تطور تنظيمي ملحوظ من خلال إنشاء هيئة الاتصالات ودورها في تعزيز الشفافية. تطور قطاع الاتصالات والإنترنت كان من المفترض أن يوازيه تطور لقطاع التجارة الإلكترونية، لكن ذلك للأسف الشديد لم يحصل حتى الآن. التجارة الإلكترونية في السعودية مازالت حبيسة عنق الزجاجة تنتظر دفعة قوية لتنطلق وتسهم في تطوير الاقتصاد الوطني. وعلى الرغم من تشكيك البعض في انتشار ثقافة الشراء عبر الإنترنت بين السعوديين، فإنه حسب دراسة نشرتها مجموعة الاستشاريين العرب مطلع هذا العام قدر حجم التجارة الإلكترونية للسعوديين بالإنفاق على المنتجات والخدمات بما يقارب 12 مليار ريال، تصدرها الإنفاق على السلع الإلكترونية، ثم شراء تذاكر السفر تليها حجوزات الفنادق. هذا الرقم وإن كان يبدو صغيرا على حجم اقتصادنا فإنه كبير جدا إذا قارناه بالشح الشديد في خدمات التجارة الإلكترونية المحلية، حيث استحوذت الشركات الأجنبية على نصيب الأسد من هذه التعاملات. اللافت للنظر أن العديد من المختصين والأكاديميين في مجال تقنية المعلومات مازالوا بعيدين عن توصيف فداحة تأثير التجارة الإلكترونية على اقتصادنا، ولعل ذلك يعود للفجوة بينهم وبين نظرائهم في المجال الاقتصادي، ما أسهم في تغييب حقيقة أثر تباطؤنا الواضح في هذا المجال. الأثر الحقيقي للتجارة الإلكترونية يتخطى تأثيره المباشر على قطاع تجارة التجزئة والقطاعين الخدمي والسياحي. إن الفرص التي تتيحها تسهل على المنتجين الوصول مباشرة للمستهلكين من خلال تقصير قنوات التوزيع، وبالتالي تطوير أداء القطاع الصناعي، وتعميق حجم التعاملات المالية وأداء القطاعين البنكي والمالي، وزيادة كبيرة في تعاملات قطاعي النقل والتوزيع وتطوير خدماتهما، وبالتالي خفض تكاليفهما. وبالضرورة فإن نمو التجارة الإلكترونية في السعودية سيطور صناعات وقطاعات مستفيدة بشكل مباشر أو غير مباشر، ليصل الأثر إلى قطاعات حكومية عدة كالتعليم والصحة والمالية والتجارة وغيرها. هذا ليس توقعا، بل حقائق اقتصادية تكررت في عدد كبير من دول العالم من شرقه إلى غربه. اللافت للنظر أن العديد من المختصين والأكاديميين في مجال تقنية المعلومات مازالوا بعيدين عن توصيف فداحة تأثير التجارة الإلكترونية على اقتصادنا، ولعل ذلك يعود للفجوة بينهم وبين نظرائهم في المجال الاقتصادي، ما أسهم في تغييب حقيقة أثر تباطؤنا الواضح في هذا المجال عن أصحاب القرار في القطاعات والمؤسسات الحكومية وقيادات القطاعات الاقتصادية. الحقيقة الغائبة هي أن الاقتصاد السعودي لا يستفيد من تواجد 12.5 مليون نقطة بيع في هواتف المواطنين الجوالة، وفي مكاتبهم على الكمبيوتر، وفي أجهزتهم اللوحية والمحمولة. وعلى الجهات التي تملك قرار تفعيل التجارة الإلكترونية في السعودية أن تعي جيدا أننا بحاجة ماسة إلى هذه الدفعة الاقتصادية المجزية لتخفيف الضغط الهائل على الإنفاق الحكومي للمحافظة على انتعاش الاقتصاد الوطني، ولنخرج من عنق الزجاجة، لابد أن تتصدر إحدى الجهات التنظيمية لهذا الموضوع لتكون نقطة التنسيق المشترك بين شتات الجهود الحكومية المتفرقة في هذا المجال. Twitter: @alkelabi - [email protected]