تنظر أم عبدالعزيز إلى أبنائها وهم يتضورون جوعا أمامها بعينٍ تملؤها الدموع ولا تريد إطالة النظر حتى لا يتقطع قلبها ولا تتفتت كبدها أسى وحزناً على ما آلت إليه أوضاعهم من سوء .. وتبكي هذه الخمسينية لأنها لا تستطيع توفير الطعام .. وتحزن لأنها لا تقوى على إيجاد المسكن الجيد لهم .. تحاول مراراً وتكراراً أن تتخلص من قهر الظروف العصيبة التي يمرون بها و تسعى بشتى الطرق لذلك ولكن « لا حول لها ولا قوة». وتعود لتخبرهم بلغتهم البريئة لعلهم أن يفهموا أو يشعروا بما تشعر به من هم وألم فلا تستطيع سوى الابتسامة إخفاء لما وراءها من صنوف الأحزان وألوان العذاب .. فبعد أن كوتهم نيران الفقر وتربصت بهم الحياة .. بدت أكبر أحلامهم لا تتعدى الحصول على منزل صغير يعيشون فيه ما بقي من حياتهم بأمان . تقول أم عبدالعزيز وآهات الحزن قد ملأت صوتها :» لقد توفي زوجي منذ أكثر من عشرين سنة وترك لي مسؤولية كبيرة حملتها على عاتقي في تربية أبنائي وتوفير السكن لهم وزادت معاناتي يوماً بعد يوم لاسيما عند دخولهم إلى المدرسة، فأنا لا أملك أي مبلغ لتوفير متطلباتهم من أكل وشرب ومستلزمات مدرسية من كسوة ومصروف مدرسي يومي»، وتتابع أم عبدالعزيز:» ظروفنا المادية أصبحت صعبة جداً، وبدت تزداد صعوبة خاصة أنني كبيرة في السن ومريضة، وأعاني من داء السكري وانزلاق غضروفي في الظهر جعلني لا أقوى على الحركة، كما أنه تراكمت على الديون من كل حدب و صوب، وحاولت بشتى الطرق أن أجد حلاً لمشكلتي هذه، ولكن لم أجد من يمد يد العون لي ويعاونني على تحمل دفع الإيجار الذي لم أستطع دفعه منذ ثلاث سنوات، وأنني حتى الآن مطالبة بدفع ما يزيد عن 36 ألف ريال متخلفة من قيمة الإيجار والبالغ 12 ألف ريال سنوياً، فالشقة قديمة في حي البادية، ولا أكاد أصحو يوماً من نومي إلإ وأحمد الله تعالى أنني وأبنائي مانزال في شقتنا، وأن صاحب العمارة لم يطرق باب شقتنا ذلك اليوم يطلب منا إخلائها»، وتضيف أم عبدالعزيز :» أعول على ذلك ابنتي المطلقة وأبناءها، ولا يصرف لنا من الضمان الاجتماعي سوى 1000 ريال شهريا، وأعيش على الزكاة وبعض ما يجمع لنا من جيراننا من مساعدة مالية نهاية كل شهر « . وتناشد أم عبدالعزيز ولاة أمر هذا الوطن العزيز وأبناءه من أهل الخير والإحسان وتقول : «لا أريد من أهل الخير سوى تأمين شقة لي ولأولادي» ، فأنا أخشى عليهم من الضياع إذا طردنا من المنزل»، مضيفة أنها حاولت جمع مبلغ من المال لشراء شقة، إلا أنها عجزت عن توفير المبلغ كاملاً وكلما أتتها زكاة أنفقتها في شراء متطلباتهم اليومية ، وتقول حلمي الوحيد هو تأمين شقة لي ولأبنائي تحمينا من التشرد في الشوارع .