كان اعلان الرئيس اليمني علي عبد الله صالح السبت اعتزامه ترك السلطة في الايام الجايهما هو الا خطوة أخرى من سياسة حافة الهاوية من زعيم أمضى وقتاً طويلاً مقاوماً لرياحالربيع العربي.اعتبر اليمنيون بصفة عامة تقريبا كلمات صالح حيلة من هذا الزعيم الذي رأوه وهو ينجو من المحن واحدة تلو الاخرى منذ أن تولى السلطة عام 1978. قال جريجوري جونسن وهو باحث في شؤون اليمن أين الخدعة هنا.. صالح يتعامل مع عجز في الثقة في اليمن واليمنيون متوجسون للغاية من وعود هذا الرئيس.وعبارات مثل في الايام الجاية أي القادمة لها معنى فضفاض بالنسبة لصالح الذي عاد الى بلاده بعد أن قضى ثلاثة أشهر يتعافى بعد محاولة اغتيال.وقال نائبه مرارا بعد اصابة صالح في محاولة الاغتيال في يونيو انه سيعود من الخارج خلال أيام قلائل.وعرض صالح قائمة طويلة من التنازلات الظاهرية منذ انطلاق النشطاء لاول مرة الى الشوارع - عقب قيام ثورة في كل من تونس ومصر - في صنعاء في يناير احتجاجا على حكم صالح وللمطالبة بانهاء حكمه واصلاحات ديمقراطية.وكثيرا ما كانت تحدث هذه التنازلات بثمن باهظ، فبعد أن دعا حزبه الحاكم للحوار مع المعارضة في محاولة للقضاء على الاحتجاجات المناهضة للحكومة يوم 29 يناير هاجم أنصاره المعارضين الذين كانوا يحاولون تنظيم مسيرة الى السفارة المصرية تضامنا مع المصريين الذين نجحوا بعد اسبوعين في اسقاط الرئيس حسني مبارك.وقال علي سيف حسن وهو سياسي معارض انه لا يعني حرفيا أنه سيترك السلطة خلال أيام قليلة بل انه يحاول تهديد المعارضة بأنه يمكن أن يخوض وحده انتخابات جديدة بلا اتفاق لكنه لا يستطيع ذلك الان لان الوقت مضى.وبعد أن قتل قناصة تابعون للحكومة بالرصاص 52 شخصا في أحد أيام شهر مارس غير صالح من نبرته وتحدث علانية في اكثر من مناسبة عن استعداده للتنحي وأنه عازف عن التمسك بالسلطة في حد ذاتها لكنه أبدى رغبته في التحقق من الناس الذين سيسلم لهم السلطة.وقال لالاف من أنصاره في 25 مارس لسنا بحاجة الى السلطة... لكننا بحاجة الى تسليم السلطة الى أياد أمينة... لا الى أياد حاقدة وفاسدة ومتآمرة.وبعد ذلك انخرطت حكومته صراحة في محادثات توسطت فيها دول الخليج وبدعم من الولاياتالمتحدة حول آلية لنقل السلطة من خلال اجراء انتخابات برلمانية ورئاسية بعد أن يشكل صالح حكومة تقودها المعارضة ثم يتنازل عن الرئاسة.لكن هذا الترتيب - الذي عرض حتى ضمانات بعدم اتخاذ أي اجراءات قانونية ضد صالح وأفراد عائلته - انهار ثلاث مرات عندما كان يتذرع صالح في اللحظات الاخيرة بحجج لعدم التوقيع على اتفاق تسليم السلطة.وخلال اقامة الرئيس اليمني في الخارج بدأ تشديد موقفه أكثر قائلا ان مبادرة الخليج تحتاج تعديلا للتأكد من عدم توريث السلطة للمعارضة. استغلت كرمان الجائزة في لفت الانظار الى الرسالة التي تقول ان احتجاجات الشوارع لن تتوقف قبل أن تشمل ثورات الربيع العربي اليمن أيضا. وقال مستشار طلب عدم نشر اسمه أوضح صالح أنه مستعد لترك السلطة لكن هذا لن يحدث قبل قيادة اليمن الى مكان آمن يمكن فيه نقل السلطة سلميا. لكن محللين يرون أن صالح ربما كان له سبب وجيه في اعطاء الانطباع بأنه يوشك على اتخاذ خطوة ما.ومنحت جائزة نوبل للسلام يوم الجمعة لتوكل كرمان وهي واحدة من أبرز النشطاء التي ظلت في الشارع في ساحة التغيير أمام جامعة صنعاء منذ فبراير .ومن المفترض أن يؤدي الاعتراف بفضل ناشطة يمنية مطالبة بالديمقراطية الى تجدد الاهتمام العالمي بالكفاح في اليمن.واستغلت كرمان الجائزة في لفت الانظار الى الرسالة التي تقول ان احتجاجات الشوارع لن تتوقف قبل أن تشمل ثورات الربيع العربي اليمن أيضا.وسيضع صالح في اعتباره أيضا احتمال اتخاذ اجراء ما في مجلس الامن الدولي حيث يسري حديث عن اصدار قرار يحث الحكومة على تنفيذ مبادرة الخليج وربما يكون هذا الاسبوع.وغادر مبعوث من الاممالمتحدة صنعاء في الاسبوع الماضي لاطلاع مجلس الامن الدولي عما بدا أنها محاولات غير مثمرة للوساطة في أزمة دفعت اليمنيين الى شفا حرب أهلية واقتصاد البلاد الى حالة من الشلل.وقال همدان الحقب وهو زعيم في الجنوب في حركة الاحتجاج انه يعتقد أن صالح يريد التشويش على مجلس الامن الدولي قبل تقديم طلب لبحث قضية اليمن.وربما يكون الأمر الوحيد الذي قد يرغب صالح في تجنبه هو خروج مخز من السلطة تحت ضغط دولي. ويقول هو بنفسه انه في حالة تركه للسلطة فسيكون ذلك بكرامة. وعبارة في الايام الجايةعبارة مبهمة بما يكفي لجعل الباب مفتوحا لخروج على المدى القصير أو المتوسط اذا أصبحت كل الظروف ضده في النهاية. ولو كانت الظروف سانحة لكان من المعتاد أن يرغب صالح في التمسك بمنصبه حتى انتهاء فترته في سبتمبر عام 2013 . والى جانب المناورات الداخلية الحاذقة فان ممارسات صالح أثارت قلق الحلفاء الدوليين.ولم يكن هناك ضغط شعبي أمريكي بينما كان يتعاون مع واشنطن في حربها السرية على المتشددين في اليمن.وقتلت طائرة امريكية بلا طيار تابعة لوكالة المخابرات المركزية الامريكية اليمني الاصل انور العولقي في اليمن الشهر الماضي فيما اعتبر ضربة موجعة وجهها الرئيس الامريكي باراك أوباما لمنظمة القاعدة الإرهابية.