في لقاء جمعني بمعالي وزير التعليم العالي الدكتور خالد بن محمد العنقري، لمست مدى حرصه على الاستفادة الكاملة من المبتعثين في برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، وجاءت كلماته معبرة بصدق بل ومتفهمة تماماً لما ننتظره وينتظره الوطن من هذه الأعداد الغفيرة من أبنائنا المبتعثين والمبتعثات. لم يتحدث معاليه، كوزير، بل قال بصراحة، إنه كمواطن، وأب لكل هؤلاء، إن وزارته حريصة على تحقيق الاستفادة الكاملة من تجربة الابتعاث، وتضمينها في خارطة العمل الوطنية، وما يتبع ذلك من تسخير كافة الإمكانيات لينخرطوا في سوق العمل المحلي ونقل التجربة الخارجية لتلائم أوضاعنا ومستلزمات نهضتنا. وطمأنني معاليه، بأن الدولة بقيادة خادم الحرمين الشريفين، ما كانت لتهتم كل هذا الاهتمام، إلا وهي تنتظر جني ثمار الخبرات المتراكمة من عملية التحصيل العلمي، ووضعها في إطار التنفيذ العملي، ولعلّ ما شدّد عليه معاليه، سابقاً، حول إمكانية استيعاب سوق العمل لقرابة 100 ألف من هؤلاء، يندرج في هذا الإطار، مع عدم إغفال تشجيع القطاع الخاص لتنفيذ هذه الرؤية، وتحقيق أقصى استفادة ممكنة. لماذا نتأخر في إنشاء هيئة مشتركة من الوزارات المعنية وعلى رأسها المالية والتخطيط والعمل، لتضع لنا خارطة طريق مستقبلية، تفيد المبتعث، وتفيد الوطن، بحيث نعرف ويعرف المبتعث دوره ومكانه حتى قبل أن يلتحق بالبرنامج، وكيفية تنفيذ ذلك بعد عودته. أعتقد أنه اقتراح جدير بالتأمل والمناقشة. الوزير العنقري، شرح لي بعض الخطوات والتصورات المستقبلية، وهذا يعني أن المجال مفتوح على مصراعيه أمام شبابنا وفتياتنا، لتأكيد ذاتهم، والتثبت من الحاجة الوطنية الملحة لصقل كل هذه الخبرات، لتكون رافداً للنهضة كما تكون أيضاً نوعاً من الاحتياطي الاستراتيجي يعيننا للنهوض للأمام والقفز المدروس نحو المستقبل. بالطبع زادت سعادتي، عندما تعرفت على الكثير من الجهود المبذولة، لحل العديد من المشاكل التي تواجه المبتعثين، وهي في رأيي عادية بل ومتوقعة، بحكم اختلاف المكان، وطبيعة السلوك الفردي لكل مبتعث، لكن بالمجمل، فإن الصورة العامة مبشرة للغاية بل ومطمئنة جداّ. تأمين الحياة والمعيشة لهذا العدد الضخم، ليس بالأمر الهين، وتأمين العلاج الطبي أيضاً مسؤولية ليست سهلة، وتحقيق الاستقرار النفسي للطلبة والطالبات هو العنصر الأهم، الذي سييسر بل سينهي الكثير من التعقيدات، وهو ما شدد عليه الوزير بل وأكد عليه، مشيراً إلى أن الدولة لن تبخل على أي من أبنائها بالغالي والنفيس لتحقيق ذلك. يبقى العنصر الواجب العمل عليه، وهو في هذه الحالة يقع على المبتعثين، وهو تفهم المقصد الوطني من البرنامج، وعدم التعامل معه كنوع من النزهة أو الفرجة، بل التعامل بجدية، باعتبار برنامج الابتعاث مشروعا وطنياً يستلزم التحقق من عائده الأكاديمي والمعنوي والتحصيلي، كي لا تصبح العملية برمتها مجرد «شو» إعلامي. يبقى أيضاً، التأكيد على ما سبق أن طرحته في مقال سابق، وهو ضرورة البحث عن سبيل لتحقيق الانخراط المنهجي لقوافل الطيور المهاجرة لتغرد في سماء وطنها، أجدني مقتنعاً مرة أخرى، بما أشرت إليه أكثر من مرة، وهو لماذا نتأخر في إنشاء هيئة مشتركة من الوزارات المعنية وعلى رأسها المالية والتخطيط والعمل، لتضع لنا خارطة طريق مستقبلية، تفيد المبتعث، وتفيد الوطن، بحيث نعرف ويعرف المبتعث دوره ومكانه حتى قبل أن يلتحق بالبرنامج، وكيفية تنفيذ ذلك بعد عودته. أعتقد أنه اقتراح جدير بالتأمل والمناقشة. تذكر!! تذكر يا سيدي أن أولى الفضائل خدمة الوطن. وخزة.. شيئان لا يستطيع الرجل التحكم فيهما : المرأة والطقس.