في بلد مثل المملكة العربية السعودية تشكل الثوابت الوطنية التي أجمع عليها الأجداد والآباء والأجيال الحاضرة خطا أحمر لا يمكن تجاوزه أو التساهل في القفز عليها لأنها لحمة أساسية في صيانة البلد من الأخطار وضمانة أساسية للأمن والاستقرار. منذ أن وحد الملك المؤسس تراب الوطن في اطار جغرافي وسياسي واحد استطاعت المملكة أن تقدم نفسها أنموذجا حضاريا ملهما لدول ومجتمعات كثيرة في مجال الأمن والاستقرار والتنمية وتجاوز التحديات سواء كانت هذه التحديات خارجية أو داخلية أو تحديات تنموية مما أهلها لتمارس دورا قياديا على المستويين العربي والإقليمي وحتى الدولي. ويكفي أن نلقي نظرة فاحصة على ما يدور حولنا من ثورات وخضات سياسية فوتت على العديد من الأنظمة ومجتمعاتها أن تنمو نموا طبيعيا في السياق الحضاري الذي نراه في هذا العصر وانتكست إلى بداياتها وغرائز القتل والتدمير وتهجير مواطنيها لأنها لم تصنع سياجا عاصما لوحدتها الوطنية وانهارت في أول اختبار حقيقي أمام خيارات شعوبها. أما نحن في المملكة فقد ادرك بناة الدولة وعلى رأسهم الملك المؤسس والملوك الذين جاؤوا بعده أن اللحمة الوطنية بين الشعب والقرب من همومه وتطلعاته وتلبية طموحاته هي البنية الأساسية والقاعدة المتينة لتطور بلدنا ومجتمعنا تطورا طبيعيا بعيدا عن الأهواء والمخاطر لذلك تشكل دعامة الأمن أساسا في تطور المملكة وكل من يحاول أن يتلاعب بهذا المنجز الوطني سيلقى جزاء رادعا ليس من الدولة وسلطاتها الأمنية فحسب وهو الأمر الطبيعي لكن أيضا من أبناء الوطن وقاعدتهم العريضة الذين أعلنوا بفخر واعتزاز ولاءهم لوطنهم وملكهم وهو الرادع الحقيقي الذي تعززه الأفعال قبل الأقوال ورأيناه جليا واضحا في محطات مهمة من تاريخ المملكة مثل حركة جهيمان وتنظيم القاعدة وأحداث العوامية. إن التلاحم الوطني الخلاق مثار اعتزاز وافتخار في بلدنا ومحط إعجاب الدول الأخرى حين يرون المملكة تمضي قدما بثبات صوب استكمال أنموذجها الحضاري المشرف الذي يليق بكل مواطنيها على حد سواء. في عهد خادم الحرمين الشريفين قطعت المملكة مشوارا طويلا نحو مستقبل عصري من الانفتاح والتلاقح مع الدائرة الحضارية وصاغت خطابها الحضاري بتفوق من خلال القيم الإسلامية والعالمية النبيلة مع ضمانة ظلت ملازمة لهذا التقدم المتمثل في إرساء الأمن والتشديد على ترسيخ اللحمة الوطنية في أكثرها تسامحا وتفاعلا مع المتغيرات وهو ما يجب أن يدركه الجميع. إن الأمن مسؤولية الجميع وهو ما لا يمكن القبول باختراقه وكل شخص يحاول أن يمس بأمن وطنه سيلقى جزاءه الرادع.