تعتبر قيصرية الأحساء من أقدم الأسواق الشعبية في عالمنا العربي. وأنا هنا لست بصدد الحديث عن التاريخ الجميل لهذه القيصرية. لأن هناك من هم أكفأ مني وأعلم مني بتاريخ هذا السوق. ولكن أريد أن أتحدث عن الرابط العاطفي بين أهالي الأحساء وهذا السوق. ومع أنه وقبل احتراقه بالكامل افتتحت أسواق حديثة في الأحساء والمنطقة الشرقية إلا أن السوق بقي جزءا من قصة حب بين أهالي الأحساء وسوق اسمه القيصرية. ولا تزال في ذاكرتي صورة البعثة الصحفية الأمريكية من جريدة (Christian Science Monitor) الشهيرة وزيارة وفدها لهذا السوق قبل عشرات السنين. لقد كان سوق القيصرية بالنسبة لآبائنا وأجدادنا وكأنه مجمع الراشد في الخبر مضافا له متجر هارودز بلندن. وقد كان وجهة أساسية للعمال الغربيين وخاصة من ارامكو وشركة فيلبس هولزمان الألمانية. والكل يعلم بأن هناك الكثير من الغربيين ممن اشتروا وبثمن يسير كنوز تاريخية من هذا السوق. وبجانب هذا السوق كان هناك مكان مخصص للنساء البائعات الآتي كن يتمنعن باستقلالية تحسدهم عليها بنات اليوم. وكما يعلم فإن هذا السوق جمع الكثير من المحلات التجارية التي كان لديها مخزون يقدر بمبالغ خيالية. ألا أن الماركة الأساسية وشعار السوق كان يتمثل في دكان صغير يفتح أول الناس ويغلق آخرهم. ولا مانع من أن تأتي لبيت صاحب هذا الدكان إذا كان مغلقا وتطلب منه الخروج ليفتح الدكان بناء على طلب أحد الزبائن. وحسب ذاكرتي البسيطة بأن الدكان ورغم صغره إلا أنه يحتوي على كل شيء يخطر على بالك. ويقال إن أحد المهندسين الألمان في الأحساء وجد لدى هذا الدكان قطعة لسيارته لم تكن موجودة في الوكالة. ويحدث في أحيان كثيرة أن يسأل أحد القادمين للأحساء عن أي دكان في القيصرية وقد يأتي الجواب بعدم معرفة موقع الدكان بالتحديد. ما عدا (دكان الحبص). فالكل كان يعرف أين دكان إبراهيم الحبص. وقد كان يثق بالناس ويثق به الناس. بل كان العين الساهرة على السوق. وأرجو من أبنائه أو أحفاده أن يستمروا في أخذ نفس موقع الدكان ...ففي السنوات الماضية أصبح هذا الدكان جزءا من تاريخ قيصرية الأحساء. [email protected]