للأطفال لغتهم الخاصة، وحاجاتهم الخاصة، وميولهم المتنوعة، ورغباتهم المنطلقة، وآفاقهم البسيطة، للأطفال بنية لغوية بسيطة، لا تتعدى معرفة الكلمات التي يحتاجونها في تواصلهم مع غيرهم ممن حولهم، كما أن للأطفال خصوصيتهم في إدراك ما حولهم، ذلك الإدراك الضيق الذي يتواءم وقدراتهم العقلية واللغوية، إذاً هو عالم الطفل عالم يتعامل مع المحسوسات بالدرجة الأولى، عالم مبني على كل ما يسمعه ويتلقاه دون تحليل أو مناقشة في أغلب الأحيان، عالم يتعاطى ببساطة في كل المؤثرات التي تؤثر عليه، ولهذا يطلق على الطفل بأنه بريء، كون البراءة لا تلتفت لأي حسابات أخرى. كلامي هذا مقدمة لمقالي الذي أتناول فيه الحلقة الأضعف في الحركة الثقافية لكل المؤسسات الثقافية دون تسميات أو تلميحات، حيث إن هذا المسرح يكاد يكون معدوماً على الساحات الثقافية، بل إننا لا نسمع له ذكر ولا يخطر على بال بعض المثقفين من الأساس، على اعتبار أن مسرح الطفل يحتاج لإمكانات فنية وبشرية وتقنية غير متوافرة حالياً. سؤال في العمق... هل يستحق مسرح الطفل أن نخصص له الميزانيات المالية ونهيئ له التقنيات المتوائمة مع العقلية الطفولية؟ أقول جازماً، إن الصعوبة في تهيئة مسرح الطفل تكمن في تحديد الفئات العمرية المتوائمة مع كل حدث يُقدَّم، وتكمن في صوغ المعلومة المناسبة للعمر المناسب وللفئة المناسبة، كما تكمن في إيجاد شخصيات فنية تستطيع التعامل مع الأطفال ضمن إطار معرفي ثقافي ترفيهي تربوي علمي، في بيئة في غالبها تنظر للطفل على أنه وعاء كيفما سكبت فيه نضح، من غير أي التفات إلى بناء الطفل بناءً معرفياً يقوم على التحليل المتناسب مع قدراته العلمية للعمليات العقلية. من غير المعقول أن نهتم بالبناء المعرفي والثقافي والتربوي للكبار مع تسليمنا بأهمية ذلك، وننسى البناء المعرفي للطفل، فمراحل الطفولة هي من أهم المراحل التي يجب علينا استغلالها للبناء المعرفي والتربوي للطفل مسرح الطفل بين التأسيس والتهميش... من غير المعقول أن نهتم بالبناء المعرفي والثقافي والتربوي للكبار مع تسليمنا بأهمية ذلك، وننسى البناء المعرفي للطفل، فمراحل الطفولة هي من أهم المراحل التي يجب علينا استغلالها للبناء المعرفي والتربوي للطفل، وتوجيهه للسلوك، وغرس المفاهيم والقيم التي يراد للطفل أن ينشأ عليها، فالطفل في هذه السنوات هو مادة خام أشبه ما يكون بالعجينة تتشكل كيفما نريد، ومن هذا المنطلق فيجب علينا استيعاب أن التعليم بعد مرحلة المراهقة أصعب بكثير من التعليم أثناء الطفولة، ما يحتم علينا التركيز على مسرح الطفل كون المسرح يخلق البيئة المناسبة لتقَبُّل الطفل ما نريد غرسه فيه، فالمسرح يتمتع بالجاذبية لدى الأطفال ،كما أن الشخصيات المحببة للأطفال إذا ما استغلت فإنها تساعد وبقوة في اختصار الطريق في تعليم الطفل وتربيته. نهاية القول... حين نلتفت إلى أهمية مسرح الطفل فإننا بذلك نضع الحجر الأساس لنقلة نوعية في العملية التربوية والتعليمة، كما أننا نخلق في الطفل حافزاً كبيراً ل»النهم العلمي» ما يساعدنا على صناعة شخصيات ترتقي بالوطن نحو آفاق كبيرة مزدهرة.