الوقفة الأولى : النمو اللغوي لدى الطفل لا أحد يشك في حرص الوالدين على طفلهما، ولا أحد يشك أيضا في رغبتهما على أن يكون طفلهما على أحسن وجه. شعور يراود الكثير منا، ولكن للأسف يفوت علينا أن نربط ما يحدث لأطفالنا فترة نموهم بما قد يحدث فيما بعد، بمعنى آخر التنبؤ المبكر بالمشكلة. فلو بدأنا مثلاًً بالنمو اللغوي للطفل لوجدنا أن الطفل يأتي إلى المدرسة في المرحلة الابتدائية الأولى، ومعه رصيد لغوي، يستطيع من خلاله التعبير عن نفسه في جمل معينة تقصر أو تطول، كما أنه قادر على فهم ما يسمع من كلام. ويبدأ النمو اللغوي عند الطفل منذ أن يستمع في سريره إلى الكبار، وكلما زاد استماعا إليهم ارتبطت لديه الرموز الصوتية بما تدل عليه من أشياء أو صفات، وما يربط بينها من علاقات مختلفة. ومن خلال هذه المعاني والمفاهيم وما يتصل بها من خبرات وتجارب يمر بها الطفل، يشكل رصيده اللغوي، ويستخدم الطفل كذلك رموز الكلام في التفكير وفي الكلام بادئا من الكلمات المفردة، في العبارات البسيطة، إلى الجمل والعبارات الطويلة. ومن المعروف أن الطفل محب للاستطلاع، وهذا الحب يدفعه إلى معرفة كل ما يحيط به. وبهذا تزداد ثروته اللغوية، ويضيف في كل يوم من خبراته وتجاربه ومعايشته مع من يتصل بهم إلى قاموسه اللغوي كلمات وتراكيب، ويزداد فهما لكلمات وتراكيب لغوية جديدة، وفي سن الخامسة، نلاحظ تحدث الطفل إلى نفسه وتقليده لما يسمع من أصوات. وكل هذه تعزر قاموسه اللغوي... بعد هذا يتساءل الجميع ماذا نعني بالنمو اللغوي ؟ وما خصائصه في مرحلة ما قبل المدرسة ؟ وما المراحل التي يمر منها النمو اللغوي عند الطفل ؟ والأهم من ذلك ما علاقة اكتساب اللغة والنمو اللغوي بالمهارات القرائية للطفل ؟ وما دور الأسرة في ذلك؟ ومتى يكون تأخر الكلام مؤشراً على الضعف في القراءة ؟ أنا أطرح هذه الأسئلة فقط لأبين أن أطفالنا يحتاجون إلى متابعة منا في جميع جوانب نمو حياتهم، وليس فقط في الجانب المادي والنفسي ، ولعل طرح السؤال يثير لدى القارئ الفضول بالبحث والمعرفة ، فما تبحث عنه أنت يبقى وتستمتع بمعرفته أكثر قد مما يقدم لك ... والله خير المعين الوقفة الثانية :" الطفل أبو الرجل" هذه عبارة قالها الشاعر الانجليزي " woodwrth " هي عبارة " الطفل أبو الرجل " ( the child is father of the man ) وقد نقل عنه هذه الفكرة كثير من علماء النفس، ويمكن توضيحها باختصار حيث إن ما يتعرض له الطفل في فترة نموه المبكر من خبرات وتجارب تترك أثراً بعيد المدى في نموه في المستقبل، من هنا يجب أن يدرك من يتعامل مع الطفل في هذه الفترة إلى أهمية ما يقع عليه سلباً كان أم إيجابا وأخص من يعملون في رياض الأطفال ، والمرحلة الأولية من المرحلة الابتدائية، فهم يشكلون الصورة الحسنة للطفل عن التعلم بتعاملهم، إضافة إلى ذلك تشير هذه العبارة إلى أن ما نحن عليه اليوم في شخصياتنا وسلوكنا يعود في جانب كبير منه إلى نمونا وخبراتنا خلال فترة الطفولة ... إذن لنكن ذكرى حسنة يتذكرها الطفل فيصنع منها مستقبلاًً زاهراً ... لنكون صورة رائعة تضيء مستقبله ... لنكن كما قال صلى الله عليه وسلم :" إذا قامت القيامة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها " الوقفة الثالثة : الخلفة النضجية وهنا أشير إلى مصطلح مهم يفسر لنا تأخر بعض الأطفال في اكتساب المعارف أو قصورهم المعرفي في بداية التحاقهم بالمدرسة ، وهو ما يسميه أهل علم النفس التطوري " الخلفة النضجية " أي تخلف بعض مجالات التطور بفعل طبيعة النظام الذي يتطور به الجهاز العصبي في سيرورته نحو النضج، مما ينتج عنه تأخر هذا الطفل في مسايرة أقرانه في الجاني المعرفي . وهذا يفسر لنا فكرة " أثر تاريخ الولادة " حيث حدد التربويون دخول الطفل إلى المدرسة بست سنوات لاعتقادهم أن هذا العمر هو العمر الذي يكون فيه النظام المعرفي قد اكتمل بناؤه، لذا ينصح التربويون الوالدين بالتقيد بهذا العمر تماشياً مع طبيعة النمو... والله ولي التوفيق فهد حماد التميمي وحدة الخدمات الإرشادية