حاولت أن ألتمس العذر لما قام به أمين منطقة عسير المهندس إبراهيم بن محمد الخليل خلال زيارته الأخيرة لمحافظة المجاردة، وللأسف لم أجد أي مبرر لأن يقوم مسئول بطرد مواطن، ذهب لينقل له مطالب أهالي الحي الذي يقطن به، ولم أجد عُذراً لأي من كان أن يحول ذلك المعنى الإيماني العظيم في التوكّل على الله إلا صيغة طرد، قائلاً له: «توكل على الله .. لدينا شغل كثير»، حقيقة أنا لا أود أن أقيم الدنيا ولا أقعدها لتصرّف هذا المسئول، وأعرف أن سر التفاعل مع هذا الحدث هو تصوير حادثة الطرد ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي واليوتيوب، ولكن أنا أود التعمّق قليلاً في نظرتنا لتلك الحادثة لنكشف بعضاً من مكامن الخلل - التي لا يتحمّلها أمين المنطقة وحده -، أولها أنه لو كان كل مسئول في مدينته أو محافظته قد قام بدوره على أكمل وجه، ما كان المواطنون سينتظرون أمناء المناطق لعرض شكاويهم وتقديم طلباتهم، والله وحده يعلم، كم من مسئول قال لمواطن «توكل على الله» ولم يعلم أحد عنهم شيئاً، لا لشيء سوى أن عدسات كاميرات الجوال لم تلتقطهم، ووسائل الإعلام لم تتمكّن من نشر قصصهم، مع الأخذ في الاعتبار أنني لا أخلي مسئولية أمين عسير مما فعله. آمل أن يعتبر كل مسئول مما حدث، وان ينصتوا جميعاً لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - الذي لطالما شدّد على أهمية الاستماع لشكاوى المواطنين والعمل على خدمتهم وتحقيق رفاهيتهم، كذلك آمل أن يدرك كل مسئول في موقعه أهمية الاعتذار الصادق، الاعتذار الذي يستوجب القدرة على الاعتراف بالخطأ، ثم الشعور بالندم، وتحمّل المسئولية ثم تصحيح الخطأ. الأمر الثاني الذي يمكن أن نستخلصه، هو التركيز على مدى حاجتنا لإدراك أهمية ثقافة الاعتذار، فظني أن الأمر كان يمكن أن ينتهي، لو حرص أمين منطقة عسير على أن يقدّم اعتذاراً للمواطن قبل أن يغادر محافظة المجاردة عما بدر منه، مع وعد جاد بدراسة الطلبات التي قدّمها لها، خاصة أنها لم تكن مطالب فردية، ولا طلبات مبالغاً بها أو صعباً تحقيقها، أو أنها تخرج عن صميم عمله، وآمل أن يكون المهندس إبراهيم الخليل قد استبق نشر هذا المقال بتقديم اعتذار للمواطن، علما بأن الاعتذار لا ينقص من قيمة أو قدر المعتذر بل يكسبه احترام من حوله، فما أحوج الكثيرين منا إلى تعلم ثقافة الاعتذار، لا سيما في مجتمعنا الإسلامي، خاصة أن ديننا الحنيف يحثنا على التوبة والاعتذار عند الخطأ، بل يبيّن لنا أنه لا داعي للكبر وأنه ما من أحد معصوم من الخطأ، ورسولنا «صلى الله عليه وسلم» يقول: «كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون»، والتوبة تقتضي الاعتذار، فالاعتذار كفيل بتنقية الأجواء الملبّدة بغيوم المشاكل وتراكم الأخطاء. الأمر الثالث والهام أنه ما من مسئول فوق المساءلة، وهذا ما برهن عليه عملياً أمير منطقة عسير الأمير فيصل بن خالد الذي وجّه بتشكيل لجنة للتحقيق فيما بدر من أمين منطقة عسير تجاه المواطن سلطان صالح الشهري خلال زيارته محافظة المجاردة، ورفع النتائج إليه بأسرع وقت ليتسنى اتخاذ الإجراء المناسب حيال ما حصل. وختاماً، آمل أن يعتبر كل مسئول مما حدث، وان ينصتوا جميعاً لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - الذي لطالما شدّد على أهمية الاستماع لشكاوى المواطنين والعمل على خدمتهم وتحقيق رفاهيتهم، كذلك آمل أن يدرك كل مسئول في موقعه أهمية الاعتذار الصادق، الاعتذار الذي يستوجب القدرة على الاعتراف بالخطأ، ثم الشعور بالندم، وتحمّل المسئولية ثم تصحيح الخطأ. [email protected]