كشفت مصادر فلسطينية واسعة الاطلاع، أن مستشارين فلسطينيين وأجانب باعوا وثائق المفاوضات الفلسطينية -الإسرائيلية التي تنشرها حاليا قناة «الجزيرة» الفضائية. عباس في القاهرة ينفي صدقية الوثائق «أ ف ب» وأكدت المصادر أن ستة أشخاص على الأقل كانوا متورطين في بيع الوثائق للقناة قبل ثلاثة أشهر. وأشارت المصادر إلى أن هؤلاء الأشخاص كانوا مستشارين في الوحدة التي تشرف على شؤون المفاوضات، والتي كان أسسها حسن عصفور قبل أن تدار من قبل شخصيات أخرى. وترددت في أروقة دوائر القيادة الفلسطينية أسماء المتورطين الذين عرف منهم: إدوارد (بريطاني)، وكلايتون (أميركي) كان مرافقا لوزيرة الخارجية الأميركية، زياد (فلسطيني) يحمل الجنسية الفرنسية، رامي (فلسطيني) يحمل هوية القدس، كما تردد أن شخصا آخر يمت بصلة قرابة لعضو الكنيست السابق عزمي بشارة وكان يعمل في مكتب صائب عريقات شارك في تسريب الوثائق. وأكدت المصادر عدم ضلوع أي قيادي فلسطيني في تسريب هذه الوثائق، وأبدى مسؤول فلسطيني استغرابه من الادعاء أن هذه الوثائق تمثل حقيقة الموقف الفلسطيني، وقال «لو كان الأمر على هذا النحو لكانت إسرائيل قد وقعت معنا اتفاق سلام نهائيا منذ سنين». لجنة تقصي وأعلن الأمين العام للجان الشعبية الفلسطينية تشكيل لجنة تقصي حقائق بشأن ما نشرته قناة الجزيرة حول الوثائق الخاصة بالمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، بعد مشاورات مع عدد من الشخصيات الأكاديمية والحقوقية من المستقلين العاملين بالجامعات ومراكز الأبحاث الفلسطينية. وطالب القيادات الفلسطينية وقناة الجزيرة بوقف الحملات الإعلامية المتبادلة حاليا «التي أحدثت بلبلة وخلط الأوراق بين صفوف أبناء شعبنا وحرفت البوصلة الفلسطينية عن مسارها المقاوم للاحتلال وبرامجه وأصبحت تشكل خطورة بالغة على مجمل القضية الفلسطينية من خلال انشغال وسائل الإعلام عن جرائم وانتهاكات الاحتلال المتواصلة». أمريكا ..احتواء الآثار وسارعت الولاياتالمتحدة الإثنين لاحتواء الآثار الدبلوماسية الناجمة عن وثائق مسربة أظهرت تقديم المفاوضين الفلسطينيين تنازلات كبيرة لإسرائيل وهو كشف يعقد الجهود الرامية إلى استئناف جهود السلام المتوقفة. ووعدت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون بألا يثني ذلك الولاياتالمتحدة عن سعيها لإعادة الحياة إلى عملية السلام حتى مع اعتراف مسؤولين أمريكيين بأن ما نشرته قناة الجزيرة من وثائق قد يؤدي إلى تفاقم موقف صعب . وقالت كلينتون للصحفيين في المكسيك حيث تقوم بزيارة رسمية :لا أعتقد أن القضايا الموجودة بين الفلسطينيين والإسرائيليين تمثل أي مفاجأة. إنها معروفة بشكل جيد منذ 20 عاما أو أكثر. إنها قضايا صعبة. وقال جيه.بي كراولي المتحدث باسم الخارجية الامريكية للصحفيين: إننا لا ننفي أن عملية النشر تلك ستؤدي إلى زيادة صعوبة الموقف عما هو عليه بالفعل على الأقل لفترة. ولكنه أصر على: إننا سنستمر في التواصل مع الأطراف ومعرفة ما إذا كان بوسعنا تضييق شقة الخلافات الموجودة. تقويض المفاوضات ورغم ذلك قال بعض خبراء الشرق الأوسط إن الوثائق المسربة يمكن أن تقوض أي محاولة من جانب إدارة اوباما لاستئناف محادثات السلام التي يحيط بها الغموض منذ انهيار المفاوضات المباشرة أواخر العام الماضي. وقال حاييم مالكا وهو محلل لشؤون الشرق الاوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن: ان التأثير المباشر للتسريبات ستضر بموقف عباس التفاوضي لان هذه التسريبات تكشفه امام الهجمات السياسية الفلسطينية الداخلية التي ستؤدي الى تراجع شرعيته بشكل أكبر. ولا يرى محللون اي سبب يذكر للتفاؤل في ضوء ان الوثائق المسربة أظهرت انه حتى وعد الفلسطينيين بتقديم تنازلات كبيرة بشأن القضية الاساسية المتعلقة بالقدس لم يكن كافيا للحصول على الموافقة الاسرائيلية. وثائق صحيحة وأكد المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت صحّة الوثائق التي نشرتها الجزيرة، مشيرا إلى أنها تثبت أن السلطة الفلسطينية «شريك حقيقي» للعملية السياسية الثنائية. في حين اعتبر مقربون من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أن الوثائق تدل على أن مطلب الفلسطينيين بتجميد الاستيطان مثير للسخرية. ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن ينكي غلنتي، قوله «لا أستطيع فهم سبب نشر تلك الوثائق ولكني أستطيع أن أؤكد أنه جرت خلال تلك الفترة مفاوضات جدية، وأن إسرائيل إذا رغبت في طرح خطة سياسية على الطاولة بجدية فإن نظرية لا يوجد شريك تختفي، حيث إن الوثائق تثبت أن الطرف الفلسطيني برغماتي وجاء إلى المفاوضات بنية صافية». كما أوضح أنه «لا أحد يوثق على نفسه ألفا وستمائة وثيقة وتكون نيته في النهاية الخداع، إن السلطة كانت مقتنعة بالحل وترغب بالتوصل إليه» مشيرا إلى أن مسألة عدم التوصّل لاتفاق ثنائي في ظل «التفاهمات المتقدّمة» بين الجانبين، مردّها إلى السلطة الفلسطينية و»أعذار خاصة بها». ندم عباس وأكد مستشار أولمرت، أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس «شعر بالندم الشديد» بسبب عدم توقيعه على التفاهمات التي أوردتها «الجزيرة» في الوثائق. وشدد غلنتي على أن الحكومة الإسرائيلية «لم تخدع» الرئيس الفلسطيني فيما يتعلّق بمسألة عودة اللاجئين، مؤكداً أن أولمرت كان قال لعباس إن «إسرائيل لن تقبل عودة اللاجئين إليها ولن يعود أي لاجئ إلى أرضها». إسلاميو الأردن وطالب حزب جبهة العمل الاسلامي، الذراع السياسية للإخوان المسلمين وأبرز أحزاب المعارضة في الأردن الحكومة الأردنية بإعادة النظر في علاقاتها بالسلطة الوطنية الفلسطينية بعد بث قناة الجزيرة مئات «الوثائق السرية» حول مفاوضات السلام الإسرائيلية-الفلسطينية. وقال الحزب في بيان نشر على موقعه الالكتروني: «نطالب حكومتنا في الأردن أن يكون لها موقف صريح وواضح تدين فيه هذه المجموعة المفرطة وتعيد النظر في علاقاتها معهم لأن التفريط بحقوق الشعب الفلسطيني وثوابته على ثرى فلسطين هو تفريط بحقوق الشعب الأردني، لا بل سيكون حتما على حساب الأردن وأمنه ومستقبله دولة وحكومة وشعبا». وخلص الحزب إلى أن «المطلوب اليوم ان تقف الأمة كلها حكومات وشعوبا صفا واحدا لتعرية هؤلاء التجار ونبذهم وعزلهم وسحب الغطاء عنهم».