ردّت القيادة الفلسطينية بقوة على الوثائق التي بثتها قناة «الجزيرة» القطرية عما اسمته المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية، متهمة الدوحة بالوقوف وراء «حملة سياسية» ضدها بالتزامن مع حملة إسرائيلية لتشويه مواقفها الوطنية. وكانت القناة بدأت ليل الاحد - الاثنين ببث ما قالت انه 1600 «وثيقة سرية» عن المفاوضات التي أجراها الفلسطينيون مع ادارة رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت العام 2008 وانتهت بداية 2009. وتناولت الدفعة الاولى ما وصفته المحطة القطرية ب «تنازلات» قدمها الفلسطينيون في ما يتعلق بالقدس واللاجئين، مثل عرض احمد قريع التخلي عن كل المستوطنات في القدس باستثناء جبل ابو غنيم، واقتراح صائب عريقات بأن يحتفظ الاسرائيليون بالسيطرة على الحي اليهودي و«جزء من الحي الارمني»، اضافة الى اقتراح بأن تستقبل اسرائيل ألف لاجئ فلسطيني سنويا ولمدة خمسة أعوام لاسباب انسانية. وفي احتجاج على نشر الوثائق، حاول عشرات الموالين لعباس اقتحام مكتب «الجزيرة» في رام الله. وقال شهود ان المتظاهرين هتفوا بشعارات اتهموا فيها «الجزيرة» ب «الجاسوسية»، كما احرقوا علما اسرائيليا عليه شعار المحطة. في هذه الاثناء، انتهز وزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان الفرصة، مشيرا الى صحة موقفه من حل الصراع، والقائل بوجوب التوصل الى اتفاق مرحلي طويل الامر يشمل اقامة دولة فلسطينية في حدود موقتة على نصف اراضي الضفة الغربية. في المقابل، اعتبرت نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق من حزب «كديما» حاييم رامون ان الوثائق تؤكد ان السلطة الفلسطينية «شريك فعلي» في المفاوضات للتوصل الى اتفاق سلام. وعلى الجانب الفلسطيني، انتقد الرئيس محمود عباس (ابو مازن) عقب محادثاته مع الرئيس حسني مبارك في القاهرة، بث الوثائق، لافتاً الى «خلط متعمد ما بين المقترحات الاسرائيلية والمواقف الفلسطينية»، وأوضح: «ليس لدينا سر... فكل المفاوضات التي نجريها او اللقاءات وكل قضية نطرحها او تطرح علينا، نقدمه بتفاصيله الى الدول العربية مشفوعاً بكل الوثائق والاوراق، لذلك عندما يحدث خلط مثلما اذيع، فهذا امر مقصود، وهذا عيب». من جانبه، قال عبد ربه في مؤتمر صحافي في مقر المنظمة في رام الله في الضفة الغربية ان هدف هذه الحملة هو «التخلص من السلطة لان وريثها معروف ومعد سلفا»، في اشارة الى حركة «حماس». واضاف: «هذه حملة سياسية من الدرجة الاولى، وبدأت بقرار سياسي من اعلى مستوى في الشقيقة قطر». وفي تعقيبه على نشر التسريبات، قال مبعوث الاممالمتحدة الخاص الى الشرق الاوسط روبرت سري ان التعليق الاعلامي نقل «انطباعاً غير دقيق»، مضيفاً: «بإمكاني أن أشهد بالتزام القيادة الفلسطينية ضمان الحقوق المشروعة ومصالح الشعب الفلسطيني استنادا الى القانون الدولي وقرارات الاممالمتحدة». في المقابل، قال النائب عن «حماس» إسماعيل الأشقر ان «هذه الوثائق تثبت مدى تورط السلطة مع الاحتلال الصهيوني في التآمر على الشعب الفلسطيني، ومدى تهاون هذا الفريق في الثوابت وحقوق الشعب الفلسطيني»، مطالباً ب «تقديم هؤلاء لمحاكمات شعبية ومحاكمات قانونية كمجرمين ومفرطين في الحقوق الشعب الفلسطينية».