في ذكرى اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية نريد أن نجعل من هذه الذكرى مناسبة نقف فيها أمام أنفسنا لنسألها بصدق وتجرد؛ ما الذي فعلناه بالأمس؟ وما الذي ينبغي علينا أن نفعله اليوم لهذا الوطن الذي ما بخل علينا بشيء مما يرفعنا ويعزنا بين العالمين. وكلنا يعرف أن التربية الوطنية انما تبدأ في البيت منذ الطفولة، وقبل أن يدخل الطفل المدرسة، وإنها يجب أن تستمر في كل المراحل التعليمية بما يتناسب مع المرحلة العمرية للطالب. لأجل حب هذا الوطن.. علينا أن نقف وقفة صادقة مع النفس في هذه الذكرى لنسأل.. ماذا قدمنا لهذا الوطن الغالي على قلوبنا جميعاً؟ وقد تحدث في هذا الجانب بعض من الاساتذة في المدارس والمدراء فيقول مدير مدرسة الزبير بن العوام في محافظة الخبر أحمد البارقي، إن الاحتفاء بذكرى اليوم الوطني تكشف بصورة عميقة حقائق النقلة النوعية في حياة المواطن السعودي في هذه الأرض والانتقال من مرحلة البؤس والشقاء وهي مرحلة ما قبل توحيد المملكة إلى مرحلة الخير والنماء وهي بعد التوحيد، فقد أولت قياداتنا المتعاقبة على هذه البلاد خدمة المواطن واهتمامها به، وكفلت له الحياة السعيدة, ووفرت له أسباب الحياة الكريمة عن طريق إنشاء العديد من المؤسسات الدينية والاجتماعية والصحية والتعليمية التي تهتم بتثقيفه وتربيته ورعايته إلى جانب المؤسسات الثقافية والإعلامية. واليوم الوطني في اعتقادي يشكل فرصة سانحة للوصول إلى تطلعات الوطن والمواطن في مناحي الحياة المختلفة، ولكن بشكل عام يظل يوم الثالث والعشرين من سبتمبر من كل عام ميلادي مناسبة خالدة لهذا الوطن المعطاء، حيث يجب غرسه في أذهان الناشئة، فاليوم الوطني ذكرى خالدة وهو مغروس في أذهان أفرادها بصورة لا يتردد الجميع في الاحتفاء به ، من تذكره والإحساس الدائم بالانتماء العميق له، أما المدرسة فهي مؤسسة اجتماعية تمثل أداة المجتمع في تحقيق أهداف المنهج المدرسي التربوية وتعمل المدرسة على تنمية شخصية التلميذ الإدراكية والانفعالية والوجدانية والجسمية ، وكذلك غرس قيم المجتمع في نفوس التلاميذ وتكوين اتجاهات ايجابية تجاهها, ومنها الوطن، حيث يتحدد دور المدرسة في تنمية قيم المواطنة من خلال وجود إدارة تربوية تعي مفهوم التربية الحديثة ،وتمارس أسلوبا في قيادة المدرسة والذي بدوره يشكل أساس الانتماء للوطن الجامع لكل مكونات المجتمع السعودي في غرس روح الانتماء الوطني وتعزيزها عن طريق المنهج. ونوه المشرف التربوي عبدالرحمن العزمان بأن البداية تكون من الأسرة الحضن الأول للفرد والتي لها دور في تشكيله ومن ثم المدرسة المؤسسة الرسمية التي تؤسس الفرد . فهي مناسبة لتغذية الإحساس بالوطنية والشعور بها بكل صدق وإخلاص لأن هذا الوطن المعطاء يستحق أن ننظر له كل عام بأفق جديد وهو يتقدم ويحقق أعلى معدلات التنمية التي نستفيد منها في حياتنا وتستفيد منها الأجيال القادمة التي يجب أن تتربى على القيم الوطنية النبيلة في هذا اليوم بل وكل يوم. دور المؤسسات التربوية مهم في إعداد المواطن وغرس روح الوطنية داخل المجتمع و بأن سلوك الفرد يدل على وطنيته ونظرة الشخص للمصلحة العامة للجميع من دون النظر بمصلحة شخصية دليل واضح على انه وطني. وذكر المشرف التربوي عبدالله البيشى أن دور المؤسسات التربوية دور هام في إعداد المواطن للاشتراك الفعال في المجتمع من خلال القيام ببعض الأعمال التطوعية لخدمة المجتمع، حيث يجب تشجيع الطلاب على البحوث والاطلاع والعمل التطوعي. وذلك عن طريق المناهج التي وضعتها وزارة التربية والتعليم فلا بد من وجود مؤسسات تعتني بالعمل التطوعي . وتطرق البيشى إلى إلزامية المناهج حيث إن الطالب ملزوم بقراءة المناهج التربوية و تغذيتها بالمواد الوطنية بشكل أكبر، وكذلك إلى تطابق النظرية والعملية لذا يجب أن يكون المدير مثالاً حسناً على الوطنية للطلاب. وذكر مدير مدرسة ابن القاسم عبدالله الشهري، ان احتفاءنا باليوم الوطني هو احتفاء بوحدة هذا الشعب واجتماع كلمته والتفافه حول قيادته، إضافة إلى الدور المتكامل والعظيم للمواطن الغيور على مصلحة وطنه والحريص على سمعته وسموه ليظل هذا الوطن دائما وأبدا عزيزا شامخا ونجما بازغا في سماء الأوطان. وأضاف أن روح المواطنة موجودة والانتماء لهذا البلد الخير، ولكن غرس المواطنة وروح الانتماء عند الطلاب واجبة وكذلك توفير بيئة صالحة للتعليم يزيد من روح الانتماء. حيث سياسة التعليم تقوم على تربية المواطن المؤمن بروح الانتماء، ولتحقيق ذلك أقرت مادة الدراسات الاجتماعية والوطنية في التعليم العام، و التي تعد ضرورة وطنية اجتماعية، حيث أخذت وزارة التربية منهج التقويم والتطوير الشامل والمستمر لها. وبين الشهري أن التربية الاجتماعية والوطنية تعتمد على الشراكة بين الأسرة والمسجد ، وأن التربية والتعليم هما خط الدفاع الأول لمواجهة الآثار السلبية، وأن المواطن نواة الوطن، والوطن حصاد المواطن والتأكيد على دور المدرسة في تعزيز قيم الانتماء الوطني.
تعميق الشعور ب «الوطنية» في المناهج يعكس لحمة ووحدة الشعب وقال مدرس مادة الدراسات الاجتماعية والوطنية عبداللطيف الأحمري، إن الوطنية تعني الانتماء إلى الوطن فكرًا ووجدانا واتجاها وسلوكًا، وتعني الوطنية أيضًا حب هذا الوطن والسعي لخيره ورُقيه، والدفاع عنه ضد كل الأخطار الداخلية والخارجية، وإن اليوم الوطني مناسبة وتظاهرة وطنية عظيمة يهدف من خلالها بالدرجة الأولى إلى تأصيل مفهوم الوطنية لسكان البلد، والاحتفال بهذه المناسبة هو إبراز وإظهار ما يكنه أبناء البلد من حب لوطنهم وتجديد للولاء والطاعة لولاة الأمر ورد الجميل للقيادة الرشيدة، كما انه تجسيد للوحدة الوطنية. وأن المدارس والجامعات هي المؤسسات المؤهلة لمساعدة المتعلمين على اكتساب الاتجاهات الوطنية الصحيحة. والمرحلة التعليمية أساس لتعزيز الوطنية في مدارسنا وتسهم في تعميق الشعور الوطني واتساع دائرة العلاقة بين التلميذ ووطنه أرضًا وتاريخا ومدينة وحضارة، يمكن أن ترتقي بالشعور الوطني إلى مستوى إيجابي نضمن به، والرغبة في حلها، بحيث تكون أساليب التعلم مساعدة على اكتساب التلاميذ المفاهيم والخبرات والاتجاهات الوطنية الصحيحة. يجب أن نستشعر في عقولنا ووجداننا هذا اليوم الوطني العظيمواعتبر معلم الدراسات الاجتماعية والوطنية محمد العسيري، أن تحقيق المواطنة في نفوس الناشئة من أهم المسببات التي تساعد على تحقيق أمن واستقرار الوطن وتطوره، وأشار إلى أن المدرسة تُعد من أهم المؤسسات التربوية التي تؤدي دوراً بارزاً في المحافظة على القيم والسلوك والأفكار المنضبطة المعينة على تحقيق أهداف المجتمع وتطلعاته نحو تنمية شاملة مستدامة في شتى المجالات، كما أن لها دورا في تشكيل سلوك النشء وتكوين المفاهيم الصحيحة وتعزيزها في أذهانهم بصورة تتوافق مع تطلعات المجتمع وغاياته، مضيفاً أن الإدارة المدرسية تأتي على هرم العناصر الرئيسة التي تقوم عليها المدرسة، ويظهر أثرها العملي في سلوك الطلاب والمعلمين، في العمل على غرس تعزيز الانتماء الوطني لدى الناشئة، والطرق والإجراءات والبرامج التي يمكن أن تقوم بها الإدارة المدرسية لتحقيق ذلك فالمواطن السعودي خارج بلاده هو سفير لوطنه وتصرفه وسلوكه السليم المرغوب فيه الذي اكتسبه من شريعة وأنظمة وقوانين وعادات وتقاليد بلده لدليل قوي على وطنيته وتمسكه بدينه وعقيدته واحترامه لوطنه ومليكه وتجسيد الوطنية وتأصيلها واجب على كل فرد وجماعة، سواء كانوا مواطنين عاديين أو رسميين، كل يقوم بمساهمته وبدوره في حدود مجال عمله، فتأصيل الوطنية يساهم فيها كبار مسئولي الدولة وأصحاب الفضيلة والعلماء والآباء والمعلمون ورجال الأعمال وأولياء الأمور بل والطلبة أنفسهم سواء داخل مدارسهم أو في المجتمع الذي تقع فيه تلك المدرسة. ويشير معلم دراسات الاجتماعية والوطنية حسين الشيخ أن المؤسسات التربوية والتعليمية في مجتمعنا المعاصر تقوم بدور هام، يتمثل في إعداد أفراد المجتمع للمواطنة منذ مراحل أعمارهم الأولى ليكونوا لبنة صالحة، ودعامة حقيقية في خدمة المجتمع، وأفراده، وعن هذه المناسبة التاريخية الكبيرة. وأن الاحتفال بيوم الوطني ليس مناسبة للتهاني والتبريكات فقط بقدر ما هي مناسبة اجتماعية تعكس الروح الوطنية التي يجب أن نستشعرها في عقولنا ووجداننا، وهذا اليوم العظيم يستحق أن نتوقف عنده ونحن نحتفل بما أنجزناه عاما بعد عام لنستدرك الأبعاد الوطنية العميقة في نفوسنا حتى لا يصبح مجرد يوم عابر في شعورنا، كما أن للمعلمين نصيب الأسد في تجسيد مفهوم الوطنية لدى الناشئة من خلال استغلال وتوظيف الدروس ذات العلاقة والتي يجب أن يستغلها المعلمون خلال شرحهم لتلك الدروس فعلاوة على وجود منهج لمادة الدراسات الاجتماعية والوطنية في مدارس التعليم العام يوجد في كافة المناهج الأخرى التي تدرس ما يشير إلى الوطنية في كافة صورها.
ضرورة العمل على إعادة حساباتنا التنموية وحفظ النظام العام في حين أكد عميد كلية التربية بجامعة الدمام ومدير المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات، عبد الواحد بن حمد المزروع, بأهمية اليوم الوطني وبهذه المناسبة التي تخلد لهذه البلاد، وقال في كلمته: إن الحديث يقول: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» وهذا يبين أصلا في وجوب الرعاية والعناية لكل ما هو تحت يدك لأنك بمثابة الراعي والمالك له. كما أن من الواجبات الشرعية والأمور المرعية في الإسلام أداء الأمانة، وحفظ الحقوق، وعدم الإضرار، وتحريم الإفساد. فإذا استحضرنا هذه القضايا التي جاء بها ديننا العظيم، علمنا حجم المسؤولية الملقاة على عاتق كل مواطن فإن الواجب على كل مسلم أن يحمل مسؤولية الأمانة والرعاية وأن يقوم بواجبه تجاه وطنه وبلاده وأمته. ومن المسلمات بل ومن المهمات وأولى الواجبات أن يحمل أبناؤنا في مدارسهم وفي بيوتهم وفي المرافق العامة أهمية العمل لمصلحة الوطن وحمايته والعمل على استقراره والمحافظة على ممتلكاته، ولعل من أبرز ما يعين على تقوية الحس الوطني لدى الناشئة تذكيرهم بأن ما في هذا الوطن إنما هو من أجلهم، فقد أقيمت المدارس والحدائق والملاعب والطرقات من أجلهم ومن أجل سعادتهم، فإذا أدركوا ذلك استشعروا أهميتها والعمل على المحافظة عليها، والعناية بها. وإذا استشعر أبناؤنا هذه المسؤولية فلن نحتاج لكثير من العناء في الصيانة والمتابعة، لأن هذه ستكون مسؤولية كل فرد من أبناء الوطن صغيرا أو كبيرا. وفرصة هي المناسبات عموما لتقوية هذا الحس وتنميته ويجب العمل على تنفيذ وترتيب برامج في المدارس ومراكز الأحياء لاستشعار المسؤولية والإحساس بالواجب الوطني، للحد من الكثير من تلك السلبيات والتصرفات الخاطئة حيث يؤلمني حقاً أن أرى هدر المياه، والإسراف في الكهرباء، والعبث بالسيارات والمنشآت، وعدم العناية والاهتمام بالنظافة في كثير من المواقع، وإتلاف الحدائق والمتنزهات والكثير من المرافق التي بذلت فيها الأموال الطائلة. وأضاف أنه اشتكى المستفيدون من تلف وتعطل الكثير من المصالح والمرافق بسبب العبث والإفساد والإهمال المتعمد واللامبالاة التي تجدها عند الكثير ، بل ربما عند بعض من يتوقع منهم العقل والإدراك، وإلا فماذا يعني أن يترك الموظف مثلا مكتبه دون إطفاء الأنوار أو إطفاء التكييف أو المحافظة على المرافق العامة في عمله، أو ترك المياه دون إغلاق أسئلة عريضة ومؤلمة وتحتاج لعمل جاد وجهد مركز لمعالجة هذه الظواهر، وهذه المصالح حق للجميع وملك للجميع ويستفيد منها الجميع، فهل يليق بعاقل أن يتلف ويفسد ماله، وهذا الشعور الذي نحتاج أن نضعه ونزرعه في قلوب أبنائنا وشبابنا حتى ينشأوا على الحرص والعناية والاهتمام ويبتعدوا عن الإهمال والإفساد والعبث. كم سنسعد ويسعد الوطن وأبناؤه كافة حين يكون عملنا لصالح الوطن، ونعمل على حماية ممتلكاته، ويستفيد الجميع من مصالحه ومنشآته؟ وكم من الخير سيتحقق للوطن؟ وكم من الأجور والفضل والثواب سيترتب على هذا العمل؟ وفق الله الجميع لما يرضيه وحفظ لنا بلدنا عزيزاً محفوظاً بحفظ الله آمنا مطمئنا، وأدام على هذه البلاد المباركة أمنها واستقرارها ووفق ولاتها لكل خير.
الوطن شعور بالانتماء وإحساس بالمسؤولية ويقول الشيخ عبد العزيز الشغيبي إننا نحتاج لغرس هذا المبدأ العظيم في نفوس الناشئة فبعد حب الله تعالى الذي خلقنا ورزقنا وأنعم علينا . وحب رسوله صلى الله عليه وسلم هادينا وقدوتنا بعد هذا يأتي حب الوطن الذي ننتمي إليه ونحمي حوزته وندافع عنه . والتعليم هو المعني بالدرجة الأولى في غرس هذا المفهوم في النفوس ولكن نحتاج أن نغرسه بإسلوب حكيم تتشربه الأنفس لا يكون غرسا بالأوامر والنواهي , ولا يكون حب الوطن مجرد قصيدة وطنية نرددها كل صباح رغم أنوفنا .ولا يكون حب الوطن مبنيا على مجاملة أو مداهنة لمعلمينا ومدرائنا ومسؤولينا . إننا لابد أن نقتنع به حتى نقنع الأخرين , حب الوطن هو : شعور بالإنتماء وإحساس بالمسؤولية إن استطعنا عبر مؤسسات التعليم أن نجعل أبنائنا وبناتنا يحافظون على ممتلكات الوطن , ويمتثلون قول الشاعر : هذا من أجلي كيف أكسره ؟!! كسرت يدايا إن امتدت بلا سببي . وإن استطعنا أن نرتقي بمفهوم النشء لأن يفتخروا بوطنهم وما يملك من مقومات دينية وثقافية واقتصادية , وألا يتعرضوا له بالتحقير والإزدراء فإنا ولا شك سنخرج جيلا يحب وطنه ويخلص له .