كثيرا ما نتحدث عن مدى جاذبية المملكة للاستثمار الأجنبي المباشر ، وفي واقع الحال لا يوجد شك في ان المملكة لديها قدرة عالية على جذب واستقطاب الاستثمارات مدعومة بذلك وسط وجود مدارس مؤيدة للتوسع في دعوة الاستثمار الأجنبيي أو الاستثمار المختلط أو الاكتفاء بالاستثمار المحلي فقط، لكن للخوض في الركائز الأساسية المحفزة للاستثمار من جهة والعمل على تطوير وتوفير محفزات أخرى, يحتاج ذلك الى التحليل وتسليط الضوء على أوجه مدخلات وأركان العملية الاستثمارية وتوافر المناخ الملائم الجاذب للاستثمار والمستثمرين. ومما لا شك فيه ان الحكومة عملت خلال الفترة الماضية وأنجزت أمورا كثيرة تعزز جاذبية الاستثمار، ولعل آخرها القرارات الاخيرة التي صدرت من مجلس الوزراء التي تدعم وتشجع الاستثمار في المناطق الأقل نموا بحثا عن التنمية المستدامة في تلك المناطق، وقد نلاحظ ان العوامل التي تحفز على الاستثمار متوافرة وبشكل كبير وتتفاوت دون ان يكون هناك أي عوائق جوهرية لذلك، وهذا يشير الى ان السنوات الماضية تم العمل على حلحلة معوقات كثيرة عززت ودعمت مناخ الاستثمار الايجابي لسوق المملكة، وقد تكون الأزمة العالمية سببا في محدودية الاستثمار في السنوات الأخيرة دون ان ان تكون بيئة الاستثمار في المملكة عاملا أساسيا لذك. أعتقد في الفترة المقبلة أننا سنواجه تحولا وشيكا من الاعتماد على الميزة النسبية الى توفير أساس الميزة التنافسية في بناء النموذج الاقتصادي لحافز الجذب للاستثمار وقد عززت المملكة دعمها للاستثمار الأجنبي معتمدة على عوامل الميزة النسبية المتاحة، ومما لا شك فيه ان هذه الميزة أثرت إيجابا وبشكل كبير على جاذبية الاستثمار ، حيث نشاهد المشاريع العملاقة البتروكيماوية في الجبيل وينبع، وفي تحليل لهذا الموضوع نشاهد ان الصناعة وبشكل عام اعتمدت على الميزة النسبية ومازالت تؤثر على مستوى نمو الاستثمارات الصناعية وقد يكون عامل توافر الأراضي الصناعية وسعر تعرفة الكهرباء ورخص بعض مدخلات الانتاج أهم الأسباب التي تؤدي بشكل دائم الى جاذبية الاستثمار. أعتقد في الفترة المقبلة أننا سنواجه تحولا وشيكا من الاعتماد على الميزة النسبية الى توفير أساس الميزة التنافسية في بناء النموذج الاقتصادي لحافز الجذب للاستثمار ، وهذا بالتبعية سيغير مفهوم طبيعة الاستثمار والتحول في الاعتماد من مدخلات عناصر الانتاج شبه المدعومة الى عناصر أخرى أساسية في العملية الإنتاجية، وقد يكون أهمها قوة الطلب والموارد البشرية وتوافر التقنية اللازمة لسير العملية الانتاجية، وهذا بلاشك سيغير تقييم عناصر جاذبية الاستثمارية لسوق المملكة وإن كنت شخصيا أتوقع ان تزيد الاستثمارات المحلية على الاستثمارات الأجنبية أو تقنينها من باب « أهل مكة أدرى بشعابها « وهذا قد يجعل من سوق الاستثمار أكثر نضجا واستقرارا، وقد يكون ذلك قريبا بإذن الله. [email protected]