اليوم، تأتي الذكرى الحادية والثمانون لوحدتنا الأبدية.. اليوم، ها هو التاريخ يُعيد نفسه، ويحكي لنا كيف كنا، قبل ذلك التاريخ، وكيف أصبحنا بعده؟ أقصوصة يُعلمنا إياها التاريخ، ويقرؤها لنا، كل من عاصر الفارق الكبير، وكل من شهد الحدث، ربما ترك لنا الأولون وأولهم عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل ما نحكيه لأولادنا وأجيالنا، وبالتأكيد ما سنحكيه سيخلد الذكرى المعجزة. ليست الحكاية في مجرد توحيد وطن، وليست في مجرد لملمة شتات، ولكنها بكل اعتزاز، ملحمة عبقرية نالت احترام العالم، ووقفت شاهداً على ما نحن فيه. من حق عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل، أن ينام الآن قرير العين، وذكراه تشير إلينا، بأن «ها قد صنعت لكم مجداً من واجبكم أن تحافظوا عليه». من حق أشبال عبدالعزيز أن يؤكدوا لكل طفل وفتاة أن «ها قد حملنا الأمانة، وأديناها بكل إخلاص، وأن عليكم أن تحملوا وطنكم على عاتقكم، وترفعوا رايته خفاقة بين الأمم». من حق عبدالله بن عبد العزيز أن يضمَّنا جميعاً بين خافقيه، ويقول لنا: هذا وطنكم جميعاً بلا تفرقة، وهذه أرضكم، عزيزة كريمة، فلا تسمحوا في ذكرى الوحدة، لأي مرجفٍ بأن ينال من وحدتها، أو يهدّد سيادتها. من حق كل سعودي الآن، وفي هذه المناسبة الغالية، أن يعضّ بالنواجذ على كل إنجاز، وأن يتمسَّك بما تركه لنا الأجداد والآباء والمؤسسون الأوائل، ويبني لبنة في صرح هذا الوطن، ونكمل جميعاً المسيرة ونوفي لها عهدها الذي قطعناه في كل بيعة شمّاء. من حقنا الآن، ونحن في هذه المرحلة الهامة من عمر الوطن، أن نقف قليلاً، ونراجع الذكرى، كأسطورة نزيّن بها عقولنا، ونتوهّج بمفرداتها، لتكون معنا طيلة أيامنا دليلاً واضحاً على قوة العزيمة والإرادة، التي نجح من خلالها عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل في بناء دولة، وتوحيد شعب، وإقامة مُلك، تاجه الإسلام، وصولجانه العدل، وأداته المواطنة، ونتعلم جميعاً، المعنى الرائع الذي قامت به وعليه مملكتنا، دون تزييف إرادة، أو قهر صوت، أو تغييب عقل. الآن، وفي ذكرى توحيدنا، علينا أن نتساءل: ماذا قدّم كل منا لهذه الأرض؟ وماذا يريد أن يقدّم لهذا الوطن؟ لو نجحنا في الإجابة الواعية، لقدَّم كل منا أجمل هدية لوطنه، ولكان شريكاً فعلياً في صنع المواطنة اللائقة، بعيداً عن الشعارات، وبالدليل العملي، لنقفز إلى المستقبل مسلحين برؤية ثاقبة، تقرأ التاريخ جيداً، وتعيد قراءته للأجيال والأحفاد، فيكون نبراساً يتعلمون منه، ويصنعونه لأولادهم.