وتعود الذكرى الجميلة، الذكرى العزيزة علينا -مجتمعًا وأفرادًا- إنها ذكرى مولدك يا وطن المجد. ذكرى يوم ليس كسائر الأيام، أشرقت شمسه على الدنيا، حاملة الخير والسلام والوئام لجزيرة العرب، يومٌ كان له ما بعده، حمل للعالم أجمع معجزة فوق الرمال، في منطقة فقيرة الحال، قليلة الموارد في عالم النسيان، ثم تحوّلت فيما بعد إلى إحدى أغنى دول العالم. حقًّا إنها معجزة فوق الرمال، ولكن ليس بثرواتها الطبيعية، ولكن بقيادتها الرشيدة، يوم غرس المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود نبتة هذا الكيان المبارك (المملكة العربية السعودية)، وأعلن توحيد أجزائها تحت راية التوحيد (لا إله إلاَّ الله محمد رسول الله)، ويمتدُّ هذا الكيان، ويرعاه من بعده أبناؤه البررة الملوك: سعود، وفيصل، وخالد، وفهد -رحمهم الله جميعًا- ويكمل مسيرة البناء من بعدهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، فيصبح البناء سامقًا، والنبتة شجرة وارفة الظلال، أصلها ثابت وفرعها في السماء. إنه وطني، وطن الفخار والمجد، وطن اتّخذ القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة منهج حياة، ودستور حكم، وقيادة أخلصت لشعبها، فبادلها الحب والعطاء وفاءً وولاءً. ويجيء هذا العهد الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله ورعاه- ليحمل في معطياته برنامج الإصلاح الفكري للمجتمع، ومواكبة العصر بما لا يتعارض مع ثوابتنا الدينية، فهذا مشروع تطوير نظام القضاء، ومشروع تطوير التعليم ومناهجه، وبرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث، والذي استفاد منه حتى الآن أكثر من مائة ألف من أبنائنا -طلابًا وطالبات- ابتعثوا إلى أرقى الجامعات العالمية، وفي مختلف التخصصات التي يحتاجها الوطن، وهذه جمعيات حقوق الإنسان، ونصرة المرأة، وإعطائها حقوقها، وأمور إصلاحية أخرى كثيرة ومتعددة. حقًّا.. لقد سعد الوطن بحزمة الإصلاحات التي أثبتت للعالم أجمع أن ديننا دين صالح لكل زمان ومكان، بل هو -حقًّا وصدقًا- دين التجدد والاستفادة ممّا أنتجه العقل البشري لخدمة الإنسانية، وأن ديننا ليس دين الجمود والانغلاق، بل هو دين المحبة والسلام. كلنا هذا الوطن، وكلنا أمل وعمل في استمرار عهد الصلاح والإصلاح، ولتكن هذه الذكرى الغالية نبراسًا لنا جميعًا؛ لنعمل لتبقى راية الوطن خفاقة عالية فوق هام السحب، ولتستمر مسيرة التنمية المباركة في ظل راية التوحيد، ولنعض بالنواجذ على أواصر وحدتنا الوطنية التي هي مضرب المثل بين الشعوب في التفاف الشعب خلف قيادته وحدة واحدة. إن وطننا مهوى الأفئدة، وموئل الرسالة المحمدية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، ومنبع الحضارتين العربية والإسلامية، وسيبقى وطنًا للخير، وحاملاً للواء السلام والوئام بين الشعوب. وسيبقى المواطن السعودي بقلبه الأخضر يُردِّد قولاً وفعلاً: (وطني الحبيب.. وهل أحب سواه)، ويبقى حب الوطن تُرْضِعه الأمهات لأبنائهنّ منذ الصغر، ويستمر حرص المواطن على المواطنة الصالحة، وليس الهوية الوطنية فحسب، فالوطن أمانة في أعناقنا جميعًا، وكلنا هذا الوطن، وكلنا يبني، ويعيش، ويعمل لهذا الكيان الكبير في حياتنا -قولاً وفعلاً- وطنًا للمجد، وفخرًا لكل العرب والمسلمين، والشعوب المحبة للسلام. رسالة: دام عزك يا أغلى وطن.. ودام عزك يا أبا متعب.. وكل عام وأنت العز والمجد والفخر.