مازالت قضية المعاهد الصحية المثيرة للجدل مطروحة على الساحة، حيث أثار قرار إغلاقها ابتداء من الفصل الثاني للعام الدراسي المقبل حفيظة مدراء ومسؤولي المعاهد الصحية في مختلف مناطق المملكة، فيما عبر البعض الآخر من المسؤولين إن فكرة إنشاء هذه المعاهد لم تكن بهدف الاستثمار فقط إنما بدافع وطني من مجموعة من أساتذة الجامعات من كليات الطب والعلوم الصحية ودعماً لمسيرة تطور وترقية الخدمات الطبية والصحية التي انتظمت كل المؤسسات والهيئات والجهات ذات الاختصاص في المملكة، وأكدوا أنه إذا كان الأمر استثماراً بحتاً فإن إنشاء أي مدرسة متوسطة أو ثانوية يمكن أن تدر إرباحا تفوق مكاسب المعاهد الصحية. من جهته قال أستاذ طب الأسرة بكلية الطب في جامعة الدمام ورئيس المنظمة العالمية لأطباء الأسرة الدكتور نبيل ياسين القرشي إن الاستثمار في هذه المعاهد «نقمة وليست نعمة» كما يتصور البعض والباحث عن الكسب المادي الوفير من أصحاب هذه المعاهد يمكن أن يجد ضالته في افتتاح مدرسة متوسطة أو مدرسة ثانوية عامة بدلاً من أن يتكبد إنشاء معهد صحي متخصص قد لا يزيد عدد طلابه في بعض التخصصات عن عدد أصابع اليد وليست هناك مقارنة من حيث الكم فعدد طلاب فصل واحد من إحدى المدارس المتوسطة أو الثانوية ربما يفوق نصف أو أكثر من نصف عدد طلاب معهد صحي كامل، مؤكداً أن الاستثمار هنا ليس مجزياً على الإطلاق، ولكن السبب هو رغبة أصحاب المعاهد في توفير مثل هذا النوع من التعليم «المهني» المتخصص لدعم الخدمات الصحية بالمملكة. وتأكيد بعضهم على توفير عمالة وطنية متخصصة، وإتاحة الفرصة لبعض أبناء هذا الوطن بالحصول على دبلومات صحية مساعدة هو دعم للخدمات الصحية التي تسعى الدولة إلى توفيرها كاملة لكل قطاعات المواطنين. وأضاف القرشي ان الاستثمار في هذه المعاهد لصالح المواطن في المقام الاول وذلك لتوفير الخدمات الطبية والصحية بشكل مثالي، وأضاف : «ليس كل المستثمرين في هذه المعاهد رجال أعمال أو أصحاب عمل بل هناك أطباء متخصصون يتولون أمر هذه المعاهد ويرون في الدبلومات التي تمنحها فرصة كبيرة لأبناء هذه الوطن، أولاً : من حيث استيعاب بعض من لم يوفقوا في دخول الجامعات وثانياً : إتاحة الفرصة للدراسة والتدريب بالداخل بدلاً من السفر للخارج وأعبائه ومشاكله، ثالثاً: إيجاد كوادر صحية وطنية تعمل جنباً إلى جنب مع الأطباء والاستشاريين السعوديين وتؤهل مستقبلاً لنيل درجة البكالوريوس والماجستير من كليات متخصصة». وفي سياق ذي صلة قال القرشي حول الخسائر المتوقعة جراء تطبيق قرار إغلاق المعاهد الصحية: «إنني لا أريد أن أخوض في تفاصيل الخسارة الكبيرة التي سببها صدور قرار هيئة التخصصات الصحية المشار إليه بإغلاق هذه المعاهد وتحويلها إلى كليات، ولكن نظرة فاحصة للنشاط المالي لبعض هذه المعاهد يوضح انخفاض الدخل العام المتوقع عن الدخل الفعلي بنسبة 50 بالمائة وبالتالي يوضح الدخل العام المتوقع عن الدخل الفعلي بنسبة 50 بالمائة وبالتالي انخفاض عدد الطلاب بنسبة 70 بالمائة وقد تصل إلى 90 بالمائة وسوف يتم هذا الانخفاض تدريجياً إلى 100 طالب، ويعتبر ذلك كارثة في حد ذاته لأنه المصدر الرئيسي للدخل، ويبقى الاقتصار فقط على دبلومي الصحة المهنية والأجهزة الطبية، وهذه الأقسام لا تجد قبولاً بالشكل المرضي ولا يزيد طلابها في أسوأ الحالات على 30 طالباً، ولا يوجد لها أقسام بقسم الطالبات إطلاقاً «. وأضاف حول أجور المعلمين وخسائر المباني: «إن تكلفة أجور رواتب المعلمين ومستحقاتهم سوف تظل ثابتة لحين الانتهاء من الأقسام التخصصية المتبقية من الأعوام السابقة، كذلك الإيجارات المدفوعة فيجب أن تظل كما هي لأنها مرتبطة أساساً باستمرارية المؤسسة وغير ذلك من الارتباطات». وختم القرشي حديثه بقوله : «انني لا أريد أن تمنُ علينا الهيئة بما لا نستحق ولكن فقط أن تدعم رؤية أصحاب المعاهد وتسعى لتحقيق العدالة لهم والخروج من هذه الازمة، ووضع خطة إستراتيجية دقيقة لمساعدة أصحاب المعاهد وتقديم الدعم الكافي لهم وتذليل كل الصعاب لهم والوقوف معهم لتحويل هذه المعاهد إلى كليات دون الإضرار بهم.