أحيانا تلعب الصدف في يومياتنا بشكل غريب، وأحيانا قد تكون موجعة. وما أصعب الصدف إذا أتت على ألم بين أضلاعك وما تخفيه بين خلاياك من وجع، وفي كثير من الأحيان لا ينطبق المثل الذي يقول رب صدفة خير من ألف ميعاد. فقد تكون الصدفة هنا بمثابة ألف وجع يفتح أضلاع الألم على مصرعيه في دوامة الأوجاع في حياتنا. فمن عادتي أن أتصفح الإيميل قبل إرسالي مقالتي، وهذه المرة كانت لحظات فتح الإيميل بمثابة فتح بركان خامد في أعماقي، ولكن حمم الخمود تحرق أوصالي كوني لا حيلة لي في إخماد هذا البركان إلا بالصبر والدعاء لخلايا ذاكرتي باحتساب الأجر من الله سبحانه وتعالي. المهم فتحت الإيميل وإذا بي أجد فيديو مرسل من أحد القراء وهو عبارة عن لقاء للدكتور العريفي مع أب فقد ستة من ابنائه خلال عشر سنوات نتيجة مرض اللكيماء. في كثير من الأحيان لا ينطبق المثل الذي يقول: «رب صدفة خير من آلف ميعاد» فقد تكون الصدفة هنا بمثابة ألف وجع يفتح أضلاع الألم على مصرعيه في دوامة الأوجاع في حياتنا وقد سالت دمعات الأب على الأبناء الستة ولم تسلم عيون الدكتور العريفي من الانزلاق غير المتعمد منه، ولكن من جرأ الألم الذي استشعره الدكتور في كلام الأب المحزون. مما جعلني انخرط في نوبة بكاء أوجعت مفاصل روحي وحركت بركان صبري الخامد بين أضلاعي المحتبسة بالصبر الذي اوجعني. تلك الصدفة التي أعمت لحظاتي، فماذا لو علم الدكتور أني فقدت اختي وأبي وأمي في ثلاث سنوات متتالية؟ ماذا لو علم أن الحزن مساحاته اتسعت في لحظات تذكري كل ذلك، هنا الأب فقد الأبناء في عشر سنوات، وعظم الله أجره في مصابه، فما حال من فقد سر وجوده في الحياة، وفقد الأب مفتاح الآمان وجدار الفولاذ الحامي لقشرة الروح من همهمات الوقت؟ ماذا لو علم أن سلسلة الفقد تواصلت ثلاث سنوات في حياتي أنا وأخواتي، وفي لحظة من لحظات الوجع تغمض الأم عيناها عن النظر إلينا لتنتقل إلى خالقها، وسط ضياع أرواحنا التي مازالت مبلولة بحزن فقد الأب والأخت والتي بغيابها غابت الابتسامة عن أعماقنا جميعا. ماذا لو علم أن الأمان والصدق والحنان غابوا عن أرواحنا في سلسلة ارتضيناها فهي قدر من الخالق سبحانه وتعالى. الصدفة في انفتاح كل هذا الألم هو توقيت الإيميل، فهو تاريخ الفقد لأبي وأمي رحمهما الله وأسكنهما فسيح جناته. ألم أقل إن بعض الصدف تكون مصدر عاصفة للوجع وبس. [email protected]