بدأت دول شرق البحر الأبيض المتوسط حراكا باتجاه استغلال حقول الغاز الطبيعي الكامنة في أعماق البحر، حيث بدأت هذه الثروة ترسم معالم وشكل العلاقات بين الدول المطلة على مياه المتوسط فمنها ما بدأ يأخذ شكل التحالفات والمبادرات، ومنها ما بدأ يكرس العدائية والأطماع للهيمنة على اكبر قدر ممكن من المقدرات في ظل غياب المعالم الحقوقية في المياه الاقليمية والدولية. وفي هذا الاطار، بدأت تركيا تلتفت الى استثمار مشاريع الغاز في مياهها الأوسطية عبر صياغة شكل من التحالفات الاستراتيجية تستهدف منها ضمان حقها بالطاقة والغاز، وهذا ما يبرر موقف وزير الطاقة التركي تانر يلدز عندما أعلن أن تركيا قد تنقب عن الغاز الطبيعي في البحر المتوسط بالتعاون مع مصر وأنها تدرس استيراد الغاز من الدولة الواقعة في شمال افريقيا، مبينا في الوقت ذاته أن تركيا وقعت مذكرتي تفاهم في مجال الطاقة مع مصر، حيث من المقرر ان تمد تركيا خطا لنقل الكهرباء بين سوريا ولبنان والاردن وفلسطين ومصر وليبيا خلال سبع الى ثماني سنوات. ويبدو أن تركيا ومصر تتحالفان للقيام بأعمال مشتركة في مجال النفط والغاز ويحتاج الأمر الى بعض من الوقت للبحث والتنقيب على طول البحر المتوسط، وهذا ما تؤكده الأوساط الدبلوماسية التي أكدت أن من بين أهم الموضوعات التي بحثها رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان خلال زيارته إلى مصر موضوع التعاون في مجال الغاز والطاقة، وهذا ما أكدت عليه صحيفة «اكشام» التركية عندما وصفت ما تم انجازه من اتفاقيات بين تركيا ومصر في مجال الطاقة بأنه «ربيع الطاقة في البحر المتوسط». تشير دراسات المؤسسة العامة للمسح الجيولوجي في الولاياتالمتحدة الى «إمكانية اكتشاف كنز غازي ونفطي هائل في حوض البحر المتوسط التي تقدر احتياطاته بحوالي 122 تريلون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي وحوالي 107 مليارات برميل من النفط الخام». وعلى الجانب المعاكس قالت قبرص التي تجمعها مع تركيا أزمة علاقة جراء الاستثمار واستغلال ثروة الغاز الكامنة في أعماق المتوسط، انها ستمضي قدما في التنقيب عن الغاز في شرق البحر المتوسط، الا ان محللين يقولون إنها قد تواجه منازعات قانونية بشأن حدود المياه الاقليمية نظرا لمطالبة تركيا ولبنان بحقوقهما في مناطق بها جزء من الاحتياطيات. وأفرزت قضية استثمار ثروة الغاز جملة من القضايا الرئيسية ذات الشأن بالسيادة على المناطق البحرية المتعلقة بتطوير احتياطيات غاز ضخمة غير مستغلة اكتشفت في الآونة الأخيرة في شرق البحر المتوسط. وتبادلت قبرص وتركيا التصريحات الساخنة بشأن خطط نيقوسيا للتنقيب عن النفط والغاز في البحر الشهر المقبل. ويرى الباحث الجيولوجي الدكتور بيوار خنسي في تقرير له ان تاريخ تأسيس اغلب الدول المطلة على حوض شرق البحر المتوسط يعود الى القرن الماضي وتم اكتشاف النفط والغاز في بعض المواقع في المياه الإقليمية في الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط. كما تم اكتشاف الغاز الطبيعي في المياه الإقليمية شمال الاسكندرونة وفي منطقة دلتا النيل، حيث يشكل الغاز الطبيعي المنتج حوالي 40 بالمائة من مجمل الغاز الطبيعي قي مصر. وتم اكتشاف الغاز في حقل 7 نوفمبر عام 1999 في منطقة الجرف القارئ بين ليبيا وتونس، وتطورت عمليات البحث والتنقيب عن النفط والغاز الطبيعي في بداية القرن الحالي في ليبيا، الجزائر، مصر، فلسطين، لبنان، قبرص. وتشير دراسات المؤسسة العامة للمسح الجيولوجي في الولاياتالمتحدةالأمريكية الى «إمكانية اكتشاف كنز غازي ونفطي هائل في حوض البحر المتوسط التي تقدر احتياطاته بحوالي 122 تريلون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي وحوالي 107 مليارات برميل من النفط الخام«. ومن جانبه أصدر الرئيس القبرصي ديميتريس كريستوفياس بيانا يبين ان حكومته ستمضي في خطط للتنقيب عن النفط والغاز ومن المتوقع أن تبدأ شركة نوبل انرجي الامريكية بموجب ترخيص من حكومة قبرص المعترف بها دوليا أعمال التنقيب في قطاع بحري جنوب شرقي الجزيرة قرب مطلع اكتوبر. ومن المتوقع طرح عطاءت بشأن مناطق بحرية أخرى في وقت لاحق هذا العام أو في العام القادم. وفي هذا الإطار يرى المراقبون انه في حال مضي قبرص قدما في التنقيب عن الغاز في شرق البحر المتوسط قد تواجه منازعات قانونية بشأن حدود المياه الاقليمية نظرا لمطالبة تركيا ولبنان بحقوقهما في مناطق بها جزء من الاحتياطيات.