في كل عيد فطر تقريبا يبدأ أفراد بالتشكيك في صحة الإفطار ويدعون إما إلى قضاء يوم أو يقولون إننا قد صمنا في يوم إفطار. وقد فعلوا ذلك في هذا العيد. ويبدو أن كل واحد منهم يرى في نفسه «زرقاء اليمامة»، ويتحدث، أحياناً عن هلال خاص به، لم يره لا الإنس ولا الجن ولا العالمون. وآخرون كانوا يقيسون طول الأثواب بالسنتمتر، ولا يسلمون على الحليقين، ويشكوك في أي شكل لا يروق لهم، ويتعبون أنفسهم في التبحلق وتمحيص الأبنية، والرسومات، والشعارات، لرصد أية مؤامرة «صليبية». وهؤلاء، الذين، يبدو لديهم «شحنة حساسية» زيادة أو أكثر من اللازم، موجودون في كل مجتمع، وفي كل بقعة من الأرض، وفي كل أزمان الدنيا، وفي كل شأن تقريباً، ويخرجون مع كل موضوع. لكنهم لا يبرزون، ولا أحد يأبه بهم إلا عندنا. لماذا؟ بسبب زيادة شحنة الحساسية هذه عندنا، فإن كثيرين يسرهم أن يستفزونا، إما بالتشكيك في الزكاة وطرق صرفها، أو بالتشكيك في نظافة الرواتب، والوظائف، والتشكيك في أنواع مركبات المعلبات والأجبان ونحوها، حتى أن منافسين تجاريين بدأوا يستخدمون حساسيتنا الدينية لمحاربة منافسيهملأن في ظهرانينا متشددين دينيين، وهؤلاء المتشددون لديهم حساسية بالغة جداً ويثارون سريعاً في كل شأن يتعلق بالدين. لهذا ضحك علينا الأفغان، والأمريكان، حينما دعوا إلى الجهاد لتحرير افغانستان من الغزو الشيوعي الملحد، فزجت زهور شبابنا أنفسها في أتون النار، من أجل تحرير كابول، ولم يفكروا بالقدس الأسيرة طوال عقود من الزمن. وحينما اختلى المتطرفون المغالون بشبابنا بين الجبال والوديان السحيقة، غيروا «الموجة» وأقنعوهم أننا نحن المارقون ونحن أعداء الدين والدنيا، وحكومتنا، التي يتلقب ملكها ب«خادم الحرمين الشريفين» كافرة، وأنه لا خلاص لهذه الأمة، إلا بزرع الألغام والخنادق في بلادنا وتفجيرها وتدميرها وجعلها خرابة «مثل أفغانستان» ثم نبايع الملا عمر أميراً للمؤمنين، ليحرم البنوك، ويضع الميزانية في كيس تحت الفراش، ويحرم تدريس البنات ويغلق مدارسهن، ويجلد النساء في الأسواق، بأي تهمة. وبسبب زيادة شحنة الحساسية هذه عندنا، فإن كثيرين يسرهم أن يستفزونا، إما بالتشكيك في الزكاة وطرق صرفها، أو بالتشكيك في نظافة الرواتب، والوظائف، والتشكيك في أنواع مركبات المعلبات والأجبان ونحوها، حتى أن منافسين تجاريين بدأوا يستخدمون حساسيتنا الدينية لمحاربة منافسيهم. ويتألم المرء، كيف ننحدر إلى هذه السذاجة كي يسرح بنا الآخرون ويمرحون!.. * وتر هل رأيتم الجميلة الأفغانية.. كم هي متعبة.. خداها خريطة من الألم ولهيب النار.. إذ خيبر يستحيل ممراً للآلام، وأحداق هذه الحوراء أسيرة السهد ودمعها الحراق.. إذ ليلها يطول، بطول صرخات الثكالى في وادي بانشير، وطوابير جنائز الراحلين. [email protected]