إن كانت قلة قليلة ممن خرجوا الجمعة الماضية يطالبون بتصحيح مسار الثورة المصرية قد انحرف بهم المسار، واختلطت في عقولهم الأمور، حتى باتوا لا يميزون بين العدو والصديق، ونال بعض من غضبهم - عن قصد أو غير قصد - سفارة المملكة في القاهرة.. وإن كان بعض من ضعاف النفوس من داخل مصر أو خارجها أرادوا أن يصطادوا في الماء العكر، واستغلوا تلك الأحداث وحاولوا الوقيعة بين الشعبين الشقيقين، عبر افتراءات وأكاذيب وأوهام وخيالات تراءت لهم في أذهانهم المشوّشة، أو بثها من ينفثون أفكارهم السامة في عقولهم.. وإن كان كثير وكثير من أبناء البلدين من العقلاء والحكماء قد ساءهم أن ينال سفارة المملكة بالقاهرة أي أذى أو يتعرّض أحد للمملكة بالتلميح أو التصريح، فإن من الواجب على الجميع أن يدرك أن العلاقة بين الشعبين أكبر وأعمق وأقوى من أن ينال منها تصرفات قلة ممن يسيئون صنعاً، لأنهم ببساطة لا يمثلون إلا أنفسهم، لا يعبّرون البتة عن المجتمع المصري، ولعل خير معبّر وأصدق مثال على هذا تصريحات سفير المملكة في القاهرة السفير أحمد قطان، الذي شدّد خلالها على متانة العلاقات المتميّزة بين الشعبين السعودي والمصري، مؤكداً أن أية محاولات للوقيعة بين البلدين لن تنال من هذه العلاقات التاريخية، لذا يجب ألا نعير الأمر كثيراً من الاهتمام، وألا يكون لهذا الحدث أثر في نفوس أبناء الشعبين الشقيقين. بقدر وعي وتفهّم وحكمة الشعب السعودي للأمر، يجب أن يكون ثوار مصر «الشرفاء» على قدر المسئولية، وألا يعطوا الفرصة – لأي أيادٍ خفية أو مندسين بينهم - أن يتسلقوا على ثورتهم وينحرفوا بها عن مسارها لتحقيق أهدافهم وبقدر وعي وتفهّم وحكمة الشعب السعودي للأمر، يجب أن يكون ثوار مصر «الشرفاء» على قدر المسئولية، وألا يعطوا الفرصة – لأي أيادٍ خفية أو مندسّين بينهم - أن يتسلقوا على ثورتهم وينحرفوا بها عن مسارها لتحقيق أهدافهم هم، يجب عليهم أن يعوا جيداً أن نجاح الثورة لا يكون بهدم نظام بل بإقامة نظام أفضل يقوم على العدل والحرية والديمقراطية، وللأسف المتابع لما يجري في مصر مؤخراً – لا سيما بعد الأحداث الأخيرة - يدرك بشكل جلي أن هناك أيادي خفية تحاول العبث بأمن مصر، وأن الاهتمام بمحاولات الهدم يتجاوز الاهتمام بعملية البناء، وأن الثوار استبدلوا أساليبهم السلمية - التي لطالما أشاد العالم بها - بأخرى عنيفة تهدم ولا تبني، تؤخر ولا تقدّم، تشوه صورة ثورتهم وسمعة بلدهم وتؤرق الأشقاء الحريصين على مصلحتهم وتضيع دماء ضحايا الثورة هدراً. وختاماً، لمن آلمه ما حدث، فإن أغلب الظن أن أعمال التخريب التي تعرّضت لها سفارة المملكة من الخارج عقب اقتحام المتظاهرين للسفارة الإسرائيلية بالقاهرة كانت غير مقصودة وأنها جاءت فقط بحكم وقوع سفارتنا في محيط الأحداث، وإن كانت مقصودة فمن قام بها قلة مندسّة لا يعبرون عن شعب مصر، لذا لم تُعط المملكة الأمر أكبر من حجمه، لأنها أكثر الدول حرصاً على ضمان استقرار وازدهار مصر، ومن مصلحة العرب جميعاً أن تظل العلاقة بين البلدين قوية لأنهما ركيزتا أي عمل عربي مشترك.. حمى الله مصر ممن يحاولون العبث بأمنها والوقيعة بينها وبين أشقائها، ووقاها شر الفوضى والانفلات. [email protected]