التصريح الذي أدلى به وزير التعليم العالي الدكتور خالد بن محمد العنقري، قبل أيام، حول المبتعثين وبرنامج الابتعاث، خاصة عندما شدد على أن بإمكان سوق العمل بالمملكة استيعاب قرابة 100 ألف مبتعث، هذا التصريح أثلج صدور أولياء الأمور وكثيراً ما تناولت الأقلام مشكلة المبتعثين، وكثيراً ما طالبت في هذه الزاوية بأن نستوعب هؤلاء من خلال فرص عمل حقيقية تفيد الوطن، ولا تهدر مليارات الريالات التي رصدتها الدولة لهم، ليعودوا إلى بلادهم محملين بالذخيرة العلمية والخبرة العملية التي يجب أن نستفيد منها بالشكل الأمثل. لا ينكر أحد أن برنامج الابتعاث هو الأضخم في تاريخ أي دولة في العالم، وربما يذكرني بما حاول أن يفعله أجدادنا الأوائل في أزهى عصور النهضة العربية، التي حلقت في أرجاء الدنيا طلباً للعلم، ونجحت في إثراء الدنيا بمعارفها وعلومها وترجماتها التي باتت كنزاً للبشرية كلها، وفي شتى فروع المعرفة. كما لا ينكر أحد، أننا على هذه الأرض، وبقيادة الأب والقائد عبدالله بن عبدالعزيز، عندما نرسل طيورنا المهاجرة، فإننا نبني ركيزة للمستقبل، نحاول من خلالها إثراء نهضتنا، وبالتالي يجب أيضاً تذليل كل الصعوبات والبيروقراطيات التي تقف عائقاً أمام الاستفادة من هذه الخبرات المتراكمة والمتنوعة. وعندما تحدث الوزير العنقري، عن بعض المشاكل التي تواجه المبتعثين، فإنه أصاب كبد الحقيقة، وربما يكون حديثه الشفاف والواضح أمام قرابة 650 من المبتعثين والمبتعثات في كندا، مقدمة لحل هذه الإشكاليات حتى نحقق أقصى استفادة ممكنة، ولقد طمأننا بشأن موضوع التأمين الطبي مثلاً، حيث لم يتبق فقط سوى المرحلة الثانية التي تتعلق بالجوانب المعنية بمواصفات التأمين وتفاصيله، في حين تكمن المرحلة الثالثة في تشكيل لجنة من الملحقية في كندا وممثلين من الوزارة لفتح المظاريف. الحديث أيضاً عن مشكلة اللغة الإنجليزية، والتأهل لها، كان ضرورياً ليوفر الأرضية المناسبة والسريعة لتحقيق القبول الأكاديمي، ما يوفر الوقت ولا يضيع الجهد سدى. الإشكالية، إذا تكون في كيفية انخراط هؤلاء المبتعثين في سوق العمل بعد العودة إلى المملكة، تلك هي التي يجب أن نشكل لها هيئة ما أو جهة محددة، للتنسيق والمتابعة والتأكد من الاستفادة من كل العقول، صحيح أن برنامج الابتعاث لم يكن عشوائياً، كما قال الوزير، بل كان نتاج دراسة بين وزارة التعليم العالي كجهة ابتعاث، ووزارتي الخدمة المدنية والعمل، كجهتين مسؤولتين عن سوق العمل الحكومي والخاص، ووزارة التخطيط، لمتابعة احتياجات خطط التنمية وتنفيذها، ووزارة المالية كجهة ممولة، لذا لماذا لا نفكر في إنشاء هيئة مشتركة، للإسراع باستيعاب هذه العقول والكفاءات، بدلا من تركها تتخبط وتعاني بعد سنوات الغربة في الخارج، لتجد غربة أخرى في وطنها. هل يتحرك أحد؟! تذكر ! تذكر -يا سيدي- أن لا مستحيل تحت الشمس عندما نعقد النية، أليس كذلك؟. وخزة !! أقول: دعونا نبدأ بالضروري.. ثم ننتقل للممكن، عند ذلك سنجد أنفسنا فجأة نصنع المستحيل.