لمصر العربية، مكانة رفيعة في نفس كل عربي، فما بالنا بهذه المكانة في نفوسنا نحن السعوديين، الذين تربطنا مع مصر، أواصر الجيرة ووشائج القربى، وعلاقات الدم والانصهار رغم تقلبات السياسة واختلاف بعض وجهات النظر.. ومع ذلك، فإن التاريخ يذكر للرياض والقاهرة، أنهما قلب العروبة النابض، وأن البلدين عن جدارة واستحقاق هما ركيزتا أي عمل عربي مشترك، سلماً أو حرباً، وبدونهما لن تقوم للعرب قائمة. ولأننا في المملكة، خيمة العرب الكبرى، نؤكد كما قلنا مراراً، إن ما يحدث في مصر شأن داخلي بحت، يهم الأشقاء المصريين، كما يهمنا أيضاً، دون تدخل، وهي سياستنا الراسخة والأكيدة التي أرساها الملك الموحد عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل، وأكدها جميع أبنائه من بعده، حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الرجل الذي أثبتت الأحداث والمواقف، انحيازه لخيارات الشعوب، واحترام المملكة قيادة وحكومة وشعباً لكل القرارات الداخلية، بغض النظر عما يحاول الافتراء به، بعض الموتورين أو المأجورين، الذين يحاولون تعكير العلاقات وتسميم الأجواء، وهم قلة معروفة جيداً لنا وللأخوة المصريين. ولهذا، لم أستغرب كثيراً محاولات الوقيعة بين الشعبين الشقيقين، عبر عديدٍ من الافتراءات، تأكد لنا وبالدليل القاطع أن هناك جهات أجنبية، وشخصيات بعينها تلعب على وتر الثورة المصرية، وتستغل لحظة التوهج العاطفي، لإحداث خللٍ بمزاعم مختلفة، وإن صحت غالبية الروايات التي تحدثت عن أيادٍ خفيةٍ قيل إنها إيرانية أو تابعة لحزب الله اللبناني فإننا أمام محاولة وقيعة مسمومة، نعرف أن العقلاء في شقيقتنا مصر يحاولون أيضاً اكتشافها وتجنبها. وحسناً فعل سفير المملكة في القاهرة السفير أحمد قطان، الذي أوضح في مداخلة له الأسبوع الماضي، مع إحدى الفضائيات المصرية، أن العلاقات السعودية المصرية فوق أي شبهة، وأن التاريخ السعودي مع مصر بالذات، في أنصع حالاته، وأنه «إذا أردنا أن نحكم على سياسات أي دولة في العالم، فإن ذلك يتم من خلال الحكم على تاريخها» متحدياً أي شخص بأن «يأتي بأي موقف سعودي ضد مصر، سواء قبل الثورة أو بعدها». لذلك، فإن ما حدث أمام السفارة السعودية، من قبل بعض المتظاهرين أعتبره دخيلاً على السلوك المصري السعودي، وغريباً بكل المقاييس، لأننا هنا في المملكة وبقيادة الملك عبدالله بن عبدالعزيز، من أكثر الناس إخلاصاً وحباً لمصر وشعبها الطيب والأصيل، والذي تدرك غالبيته حقيقة الأصابع الخفية، التي لا يهمها أبداً أي توافق بين البلدين، ونثق أكثر في قدرة أشقائنا المصريين على كشف الأيادي المدسوسة التي تلعب بالنار، في علاقة شراكة مصيرية يفخر بها التاريخ العربي، ونعتز نحن بالذات بمستواها وبروابط القربى ومشاعر الأخوة. وأعود لأستعير عبارة سفيرنا في القاهرة، السفير قطان، وأهمس بها في أذن أشقائنا في مصر، إننا معكم في السراء والضراء، فلا تستمعوا لمن لا يهمه مصلحة بلدينا، ولا تشكوا في من يحبكم. تذكر!! تذكر يا سيدي أن الشك يكثر عندما تقل المعرفة ، وتذكر أيضاً أن الشك ألم دائم. وخزة.. الكاتب علي سالم يردد: أكلك منين يا بطة .. أكلك منين ؟!