تصرُّ بعض وسائل الإعلام الإيرانية، المعروفة بقربها من دوائر القرار في طهران، على توجيه اتهامات بدون أدلة إلى المملكة العربية السعودية لافتعال أزمات سياسية وإثارة لغط إعلامي بغية إفساد العلاقات الخارجية للسعودية بدول الجوار التي ترتبط معها بأواصر متينة. هذه المرة اختارت وكالة أنباء إيرانية قريبة من قيادات بارزة في النظام الإيراني ضرب العلاقة بين المملكة ومصر ببث خطابٍ مزوَّر زعمت أنَّ وزير خارجية المملكة، الأمير سعود الفيصل، أرسله إلى سفيرنا في القاهرة، أحمد قطان، لمطالبته بالتدخل قدر المستطاع للحيلولة دون وصول مرشح رئاسي إسلامي إلى مقعد رئيس مصر، وهو ما نفته وزارة الخارجية جملةً وتفصيلاً واعتبرته تزويراً واضحاً مشيرةً إلى تعارضٍ بيِّن بين ما ورد في الخطاب «المزوَّر» والسياسة الخارجية للمملكة، والتي تنتهج عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة. تزوير وكالة الأنباء الإيرانية للخطاب تكشفه أيضاً تفاصيل صغيرة، فهو يختلف من حيث الشكل الخارجي عن الخطابات الرسمية الصادرة عن وزارة الخارجية، كما أنه يحمل تاريخاً ميلادياً في حين تعتمد الخارجية في مخاطباتها على التاريخ الهجري، وهي تفاصيل وإن بدت دقيقة إلا أنها تثبت عملية التزوير، وحسناً فعلت الخارجية بإعلانها ملابسات هذا الخطاب لقطع الطريق على من قد يحاولون استغلاله في توتير العلاقات بين الرياضوالقاهرة، والتي أثبتت الأسابيع الأخيرة قوتها وعدم تأثرها سلباً بأي أحداث. يدرك الايرانيون جيداً أن المملكة لا تتدخل في الشؤون الداخلية لمصر وأن السفير السعودي في القاهرة التقى جميع مرشحي الرئاسة المصريين في رسالةٍ مفادها أن الرياض على الحياد وأنها تقبل بمن سيختاره الشعب المصري وستتعامل معه أياً كان انتماؤه، فالأمر يتعلق باختيارات الناخبين المصريين وفقط، أما محاولات الإيحاء بتدخل المملكة فهي مجرد كذب لا يعبر عن الواقع الذي يدركه الأشقاء في مصر حكومةً وقوى وطنية وإنما يعكس جهود الوقيعة التي تبذلها قوى لأغراض سياسية.