• خمسون ألف قتيل من الشعب الليبي... من الجانبين (الحكومي والمعارضة). • المساومات الجارية خلف الكواليس، من أجل تقاسم النفط الليبي.. وتحقيق الصفقات المقبلة تجري على أشدّها. • ضخ 35% من النفط الليبي إلى فرنسا بأسعار مميّزة، لقاء استمرارها في تسليح الثوار واستمرار العمليات العسكرية ضد قوات القذافي.. حسبما ذكرته «صحيفة ليبراسيون الفرنسية» بالرابع من أبريل الماضي». • موافقة المجلس الانتقالي الليبي على صلاحية الاتفاقيات بين روسيا والقذافي. مقابل اعتراف روسيا بالمجلس ودعم الخطوات الدولية للمجلس وتسهيل الأفراج عن الأموال الليبية المجمّدة. • مؤتمر أصدقاء ليبيا المنعقد في باريس مؤخراً «رفض اعتبار تدخل الغرب في ليبيا عسكرياً باعتباره غزواً». هذه المرتكزات الأساسية التي قدّمتها المعارضة، كثمن لعملية التدخّل الغربي (السياسي والعسكري) في ليبيا، بقصد ايجاد نظام جديد في ليبيا بمنهج ومعطيات تتسم برؤية عصرية وحضارية مغايرة. استخلاصاً مما حدث.. ثمة مقولات أو نظريات ذات طابع تفوّقي استعماري انطلقت من الغرب، تحتاج الآن إلى المزيد من التدقيق والمراجعة مثل: «الغرب غرب والشرق شرق لا يلتقيان». ففي حالة ليبيا اندمجت المعارضة عسكرياً مع قوات (الناتو) ضد حكم فردي متسلط لإسقاطه وإزالة مقولاته البائدة.. وذلك تحت مظلة قيم وشعارات نادى وينادي بها الغرب – رغم ما بها من شوائب وتشويه – أهم عناوينها: (العدالة والديمقراطية والحرية وحقوق الانسان).. فهل انتفت حالات التضاد بين الشرق المتخلف والغرب المتفوق؟. أيضاً هناك المنافحة العدوانية من جانب العديد من دوائر الغرب الرأسمالي، القائمة على تمييز الدولة العبرية باعتبارها «الدولة الديمقراطية الوحيدة بمنطقة الشرق الأوسط» كذريعة مرسلة لدعم إسرائيل المطلق في عدوانها على الحقوق الفلسطينية والعربية رغم عدالة هذه الحقوق. فهل سوف تُغير مظاهر التغيير والتجديد في الواقع العربي من مواقف رجال السياسة بالغرب. أم تبقى مواقفهم الداعمة لإسرائيل رهناً بحجم الضغوطات المتنوّعة عليهم من قبل انصار إسرائيل، بما يتفق مع مصالحهم؟! . حالياً، القوى الدولية (على اختلاف مشاربها) تتأهب لمرحلة تقاسم تركة القذافي على حساب حقوق الشعب الليبي.. والمقاربة الحقيقية والصائبة بين ثمن إنجاز عملية التخلص من نظام القذافي بحجمها الهائل.. وبين العائد الفعلي على شعب ليبيا. تبرز بعد عودة الهدوء إلى هذا الوطن، واستكشاف المنهج المعتمد لاستبعاد كل المشاريع التي تفضي إلى ترسيخ الهيمنة الخارجية على حساب استقلال ليبيا الوطني والاقتصادي.. فهل يستطيع المجلس الانتقالي والقيادات المنتخبة لاحقاً حماية حقوق الشعب الليبي ووضع خطط تنموية لتطوير البلاد وصيانة المكتسبات المُحققة؟ . الأمر المؤكد، أن أية دولة عظمى لن تضحي (اقتصادياً وسياسياً) رأفة بالشعوب وحقوقها وحمايتها من الحيف أثناء حراكها ضد انظمتها السياسية. وإنما الذي يحرّكها دوافع مصلحية وحالة التسابق على الغنائم في هذه الدولة أو تلك.. فهل المطلوب منا شرعنة التدخّل الأجنبي في شئون بلداننا، وتشريع منافذ أوطاننا لمن هب ودب؟ بالمقابل.. أين موقع مفهوم (حركة التحرر الوطني) بالعالم العربي، التي ظهرت في خضم مقارعتها للوجود الاستعماري المباشر في القرن الماضي. وغدت رمزاً لمقاومته في كل الحقبات التاريخية الماضية.. بينما الذي نراه الآن هو حالة تماثل واندغام كاملَين بين أطراف هامة تمثل طلائع التحرر الوطني (وفق المعايير السابقة) وحلف (الناتو) الذراع العسكرية الفاعلة للرأسمالية الدولية.. كما أن الغرب صار أكثر تسامحاً مع عناصر متطرفة، قاتلت في افغانستان في السابق.. فهل ذابت هذه المصطلحات بفعل المصالح المشتركة للجانبين.. وسقطت جميعها أمام مواجهة العدو المشترك (نظام القذافي)؟.. وهل نسي الليبيون عنف اجهزة القذافي الأمنية ووحشيتها. تلك الأجهزة السوداء التي أسسها وبناها الغرب، وبالذات فرنسا وبريطانيا؟.. وهل اندثرت كل آثار الاتفاقيات وأشكال التعاون (السرية والعلنية) بين مجمل الدول العظمى والقذافي، بطابعها النفعي للأخير.. رغم ما حدث من انتقادات له؟. من المؤكد أن الانظمة في (دول الجنوب) لن ترضخ ولن تستجيب لإرادة شعوبها في عملية التغيير سلمياً.. الأمر الذي يجعل خواتم نضالاتها مخضبة بدماء نُخبها وحراكييها.. مما يجعل الثمن باهظاً. غير أن مستقبل الوضع الليبي غير محددة معالمه، وما زالت المخاطر الجمة تكتنف هذه التجربة.. فهل هذه التضحيات الجسيمة – فعلاً – تستحق ما هو مجهول حتى الآن؟. الوجه الآخر للحالة العربية المعقدة والملتبسة، تبرز من خلال ادراك ماهية السجال الدائر بين المثقفين حول الدعوات للتدخل الأجنبي بما في ذلك التدخل العسكري . ومن منظوري الخاص أجد أنه ليس المخرج المناسب لإسقاط أنظمة مستبدة .. فردية (مبسترةً) تاريخياً بالحكم – ولنقل فاقدة الشرعية – هو الدعوة للتدخل .. كما أنه ليس من اللائق تجريد من يعارض هذا الموقف من وطنيته – أو الاستهتار بموقفه – وهنا يحق لي أن ازعم بأن التدخل الأجنبي، أمر يتعارض مع الوطنية (هذا بالمطلق) وعلينا معالجة كل قضية بشكل مستقل.. عبر سبر مقادير الربح والخسارة في كل حالة. والأمر المؤكد، أن أية دولة عظمى لن تضحي (اقتصادياً وسياسياً) رأفة بالشعوب وحقوقها وحمايتها من الحيف أثناء حراكها ضد انظمتها السياسية. وإنما الذي يحرّكها دوافع مصلحية وحالة التسابق على الغنائم في هذه الدولة أو تلك.. فهل المطلوب منا شرعنة التدخّل الأجنبي في شئون بلداننا، وتشريع منافذ أوطاننا لمن هبّ ودبّ؟ . قد يبدو أن الموقف للبعض محيّراً ملتبساً، لكونها خيرات صعبة.. أو أن البعض لا يرى من بأس في تجاوز الخطوط الحمراء فيما يتعلق بالهوية الوطنية.. فالحال صعبة كما يقارب الأزمة أحد الكتاب اللبنانيين البارزين بعنوان مقالته: «الخيار المأساوي بين: حكم الطغيان أو التحرر بالاستعمار»!. [email protected]