مجمل المنابر الثقافية وجمعيات الفنون والمراكز على اختلافها وتنوّعها، تعتبر واجهة حضارية لأي بلد. وعلى مستوى وطننا فإن العمر الفعلي للدور والمراكز الثقافية – خصوصاً – بإقليم الحجاز (المنطقة الغربية) متجذّر وعمرها مديد، لاعتبارات خاصة بهذه المنطقة. من بينها التطوّر الموضوعي، والسبق التعليمي وغناء التجربة الثقافية من كل نواحيها. وبالذات فيما يتعلق بمؤثرات محاكاة التجربة الثقافية المصرية القديمة والتشابك مع مدارسها الأدبية. وقد تطوّر وضع هذه المنابر تدريجياً ليشمل أرجاء الوطن، حتى بلغ مستواه الراهن، حيث بلغ عدد الأندية الأدبية حالياً 13 نادياً على مستوى المملكة. وفكرة أنشاء الأندية بصيغتها الراهنة بدأت أثناء اللقاء الذي عقده الرئيس العام لرعاية الشباب بالرياض في شهر جمادى الأولى 1395ه آنذاك الأمير فيصل بن فهد (يرحمه الله) مع عدد من الأدباء والمثقفين من المناطق المختلفة، للتباحث في شأن صيغة مؤسسية لتفعيل الثقافة ورعايتها. حيث اقترح الأديب الراحل (عزيز ضياء – يرحمه الله) فكرة انشاء أندية أدبية في المدن كشكل انتقالي إلى أن بلغت الأندية وضعها الراهن. والأندية الأدبية خلال تطوّرها أدت دوراً كبيراً في أوساط المثقفين على اختلاف مشاربهم الفكرية ومرجعياتهم الأيدولوجية. ووجود نواقص وملاحظات لن تخفى أو تضعف الأدوار الايجابية التي أدتها المراكز والأندية الأدبية في جسم الحركة الثقافية المحلية. ومع تزايد المثقفين وتطوّر التعليم بمختلف أشكاله وألوانه. مرّت الأندية خلال مسيرتها العملية بعدة أطوار ومراحل وصيغ مختلفة من التعامل في تكوين مجالس اداراتها وبرامجها. يطغى عليها التجريب والإرادة الذاتية. حتى أدركت وزارة الثقافة والاعلام أهمية وحتمية الانتخابات في اختيار مجالس ادارات الأندية بدلاً من التعيين في الفترات السابقة (الذي اقتضته بعض الظروف في حينها كخيار مناسب). وقد عُدّلت اللائحة الخاصة بانتخابات الأندية بما يتوافق والمرحلة التي تتطلع إليها وزارة الثقافة والإعلام مستقبلاً (كما تشير الوزارة نفسها إليه) والهادفة بشكل أساسي إلى وضع مسؤولية الفعل الثقافي انتاجاً وإدارةً بيد المثقفين أنفسهم. مع اشراف وزاري على هذه الخطوات. ثمة مخاطر عديدة قد تحيق بالأندية الأدبية، إذا لم تخرج عن طابعها الرسمي والنهج الفردي البيروقراطي، وتتصف بالدور الإيجابي وتلتصق بهموم المثقف وطموحاته واحتياجاته وفتح المجال أمامه لممارسة دوره الثقافي بدون تقييد. ولا شك في أن أكثر المخاطر التي تتمثل في هذا المجال هي عزوف الشباب عن هذه الأندية وهجرها، لشعورهم بأنها لم تعد تمثلهم.ولتحقيق هذا الإنجاز في الوقت الحاضر.. ووفق تنسيق الوزارة وتنظيم الأندية الأدبية حالياً. فقد وضع جدول زمني لهذه الامتحانات بحيث يبدأ بشهر رمضان الحالي، وينتهي في ذي الحجة. وقد دشّن النادي الأدبي بالأحساء هذه الرؤية والتصور يوم الاثنين الثامن من رمضان الراهن. أفضى إلى انتخاب مجلس إدارة جديد، وحدّدت مهامهم ومواقعهم بالاقتراع السري. ولفت نظري (وهذا شيء ايجابي) أن الذي حصل على أقل الأصوات انتخب رئيساً للنادي فيما بعد. طبعاً لا يمكن أن تكون نتيجة الانتخابات مرضية للجميع.. وكخطوه أولى، وعبر المتابعة عما كتب عن الانتخابات يمكن اعتبار التجربة ناجحة بكل المقاييس. وما كُتب عن الطريقة الفنية الجديدة التي استخدمتها الوزارة في العملية الانتخابية، وكانت طريقة يجهلها الكثير، مما دفع بالبعض للمطالبة بالعودة إلى الطريقة التقليدية، لن تغيّر أي شيء في هذا النجاح.. خصوصاً أن المسؤول بالوزارة المشرفة على الانتخابات، يذكر عدم تقديم أي اعتراض بشكل رسمي. حتماً لن تكون الانتخابات نموذجية كما هو المبتغى، وسوف تشوبها نواقص ويطولها شيء من الطابع الرسمي. وحتماً ستكون المواقف متباينة بين المثقفين والمهتمين بالشأن الثقافي. غير أن القيمة الأساسية لهذه الانتخابات كونها بديلة للتعيين، وممارستها العملية، بها تعويد للجمعيات العمومية على صيغة الانتخابات وتحقيق الإرادة الذاتية للعضو، حتى لو وصل إلى سدة مجالس الإدارة عناصر لا نبتغيها. فعلى الجميع أن يحترم إرادة الأغلبية وما تفرزه صناديق الاقتراع. وطالما أن هناك حرية للاختيار، فسوف يبقى معيار النجاح والرضا معتمداً وقائماً على صيغة البرامج المستقبلية والفعل الثقافي الناجح. وغير ذلك لن يدوم، من منطلق أنه لا يصح إلا الصحيح. وفعلاً كما يقال: «لم يعد الشعر أو القصة أو الرواية هي المجالات الوحيدة للإبداع الفكري. وشباب اليوم يحتاجون إلى مراكز علمية وثقافية تتناسب واحتياجاتهم».. فمن هذه الإشارة تحتاج الأندية الأدبية إلى توسيع دورها الثقافي وفق معاصرة التثقيف والصيغ الحداثية، بعيداً عن شخصنة الأمور والشللية الفكرية والاصطفاف النوعي والتراكم البشري الكمي بدون فائدة ثقافية، وإنما لمجرد تجميع الأنصار والموالين. وثمة مخاطر عديدة قد تحيق بالأندية الأدبية، إذا لم تخرج عن طابعها الرسمي والنهج الفردي البيروقراطي، وتتصف بالدور الإيجابي وتلتصق بهموم المثقف وطموحاته واحتياجاته وفتح المجال أمامه لممارسة دوره الثقافي بدون تقييد. ولا شك في أن أكثر المخاطر التي تتمثل في هذا المجال هي عزوف الشباب عن هذه الأندية وهجرها، لشعورهم بأنها لم تعد تمثلهم.. واللجوء إلى مقار ثقافية أخرى غير منضبطة على شكل مقاهٍ (كما هو الحال الآن حيث سُميت بالمقاهي الثقافية أو انتشار الصالونات الثقافية العديدة) لعقد لقاءات وحوارات بعيداً عن رسمية الأندية الأدبية. فعلاً (رغم ما يشوبها) فقد أثبتت جدواها ومجاراتها لمتطلبات العصر وتطلعات أبنائه، بسبب اغتراب الأندية والمراكز الثقافية عن الواقع الثقافي بجديده ومعاصرته. فلماذا لا تكون الأندية هي الجامع لكل الفعاليات والحراك الثقافي؟!. ومن المخاطر الأخرى التي تهدّد الأندية الأدبية، اخراجها عن إطار مهماتها ومستواها الثقافي، ونقل هذا الدور إلى حيز ومواقع أخرى، تعبّر عن العمل الدعائي والاعلاني، وتجسّد رغبات ومواقف من يتسنم قيادة هذه الأندية. من جراء ذلك، فقد مرّت على الأندية ممارسات لا تخدم المشهد الثقافي، وشكّلت عائقاً وحائلاً دون الممارسة الثقافية الناجعة. وباعتبار أن المشهد الثقافي متموّج.. متغيّر، يتلبس الواقع ومن الصعب تلوينه حسب الميول أو الرغبة. فإنه من المستحيل خروج الحراك الأدبي والثقافة عموماً من معطف المال وأساطينه. كما خرج الأدب الواقعي الروسي القديم من معطف (غوغل). وإنما النتاج الثقافي المؤثر الفاعل – دائماً – تنتجه الطبقة الوسطى الواعية ونخب الطبقات الدنيا بالمجتمع.. حيث تكمن بمخيلات هذه الفئات هموم وهواجس الناس عموماً.