بعد 22 عاما على رحيله يسترجع «حوار الحضارات» أعمال وذكريات الشاعر محمد سعيد الجشي، في الأمسية التي أقامها المنتدى مساء الجمعة بمقره بالقطيف. الجشي الذي يضعه الجميع ضمن المدرسة الكلاسيكية في الشكل والمضمون، رأوا فيه علامة فارقة في عالم القصيدة الشعرية ، فهو امتداد لمدرسة الإحياء التي قادها البارودي، وشوقي. الجشي.. الشاعر ابتدأت الأمسية بكلمة لراعي المنتدي فؤاد نصر الله قال فيها إن تجربة الشاعر الجشي المفعم بحس إنساني عميق لم تكن منطلقة من فراغ، بل هي متشربة روح المكان، ومتغلغلة في التراث، مع ذلك النزوع العروبي القوي الذي لامس اهتماماته المبكرة. وأضاف أن قصائد الجشي لم تزل في حاجة إلى رؤى نقدية جديدة تكشف قدرات وإبداعات لتضيء بعضا من تجاربه التي حجبها الزمن، بعد كلمة نصر الله ألقى الشاعر محمد سعيد الخنيزي قصيدة رثائية عن الشاعر المحتفى بإبداعه. الجشي والكلاسيكية أما الشاعر محمد رضا الشماسي الذي قال إنه تتلمذ على يد الراحل ألقى كلمة قال فيها إن الجشي شاعر شغل الساحة الأدبية في وقته. وعن منهجه الشعري أوضح بأنه ينحو منحى مدرسة الإحياء التي ظهرت آخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين وبرز فيها محمود سامي البارودي، وأحمد شوقي وحافظ إبراهيم. وأضاف أننا لا نجد في شعره نثرية الحداثة، ولا تفعيلة الشعر الحر، فسيطرة القصيدة العمودية ، فرضت عليه منهج القصيدة التقليدية بأصالتها في الشكل والمضمون. وتحدث الإعلامي احمد الشمر عن الراحل قائلا إنه أحد أقطاب وأعمدة ورواد الحركة الأدبية والشعرية في منطقة القطيف والجزيرة العربية، و صاحب مدرسة شعرية متفردة أبدع في النهوض بتفعيل وتنشيط حركتها والتعريف بمنجزاتها، في تأصيل وتعزيز المشهد الثقافي. حياة وشعر بعد الشمر تحدث السفير السعودي السابق د. جميل الجشي فقدم نبذة قصيرة من حياة وشعر الراحل مشيرا إلى أنه ولد عام 1338ه وعمل لفترة في شركة ارامكو ثم تركها ليشتغل في الأعمال الحرة دون أن يحقق نجاحا ، وتوفي عام 1410 وقد غلبت على شعره الروح الإسلامية والاهتمام بالقيم الإنسانية ومشاكل الوطن، واستشهد ببعض قصائد منها (ياحماة المجد) و (لؤلؤة القطيف). الجشي .. الإنسان بعد ذلك تحدثت ابنة الراحل الدكتورة نهاد الجشي فقالت :» على ناصية الزمن الصبوح، تتألق أنجم الكبرياء، تنضج كرامة ووطنية وعقيدة.. من تقلدوا أكاليل الحرف، وجللوا بصدق الكلمة». وأضافت: أنه وبعد عقدين مازال اسم الشاعر الجشي يضيء ذاكرة الوطن، وما زال حرفه متسيدا. والدي وأنا الابنة المجروحة شهادتها لم يملك ناصية الحرف وحسب، ولكنه امتلك الحضور والصوت، وكان إلقاؤه جزءا من إبداعه، يلهب حرفه بدواخل روحه، فيأخذك إلى عالمه، ايقاعا ينبض إيمانا وحماسا.. ولا عجب فهو عاشق المتنبي، ومهتم بالجواهري، ومسكون بدعبل الخزاعي « وقال عبد الهادي الجشي شقيق الراحل إن الشاعر كان من السباقين في الشعر الديني المتميز ، وكذلك شعره الوطني والغزلي وهو من النخبة والكوكبة المتألقة التي أضاءت حروفهم الصادقة فكان نتاجهم الأدبي والثقافي سببا في إثراء إبداع بلادنا . اما صديق الراحل حسن الزاير، فقد استجاب للمطالبة بالمشاركة .. لكنه اكتفى بذكر عدد من المواقف القصيرة مع أبي رياض التي هي اقرب إلى ذكريات الصداقة والطفولة والشباب وحتى حلول الرحيل. وتحدث الكاتب والأديب سعود عبدالكريم الفرج عن الشاعر الراحل ودعا لتخليد تراثه وإحياء إنتاجه الشعري . وحفلت الأمسية بمشاركات شعرية وقراءات نقدية عديدة وعرضا للقاءات تلفزيونية للشاعر الراحل.