يخالجني الكثير من الاستغراب والأسف والأسى في نفس الوقت من الدعوات المتكررة التي تطالب بوقف النظام المروري «ساهر» سواء من قبل بعض رجال الدين كإمام الحرم المكي سابقاً الشيخ عادل الكلباني، أو الشيخ عبدالمحسن العبيكان، المستشار في الديوان الملكي الذي صرح مؤخراً لصحيفة «سبق» الالكترونية قائلاً «إن معالجة الأخطاء التي تحدث من السائقين لا يجب أن تتم بالطريقة الحالية من حيث تركيب الكاميرات، والتخفي لتصوير وحساب المخالفات ومضاعفتها في حال تأخر التسديد... أو من قبل بعض الناشطين على برامج التواصل الاجتماعي أو الانترنت كالذي حصل مؤخراً باستفتاء الإدارة العامة للمرور حول تركيب كاميرات «ساهر» داخل الأحياء والشوارع الفرعية التي اضطرت لازالته من موقعها الالكتروني عقب الهجوم الالكتروني المضاد الذي تعرض وحول النتائج إلى سلبية بالطبع. مرد استغرابي ولوعتي في نفس الوقت هو كيف يقف هؤلاء الممانعون في وجه نظام أسهم في إنقاذ أرواح الناس وخفض من الاصابات المرورية ووضعنا كمجتمع على أولى خطوات السلامة المرورية بفعالية حيث ان المملكة تصنف من أعلى دول العالم قاطبة في الوفيات على الطرق. يا جماعة لنتعقل قليلاً وكثيراً في هذه المسألة بالذات ونصبر على القصور الذي قد يعتري هذا النظام وقتياً في بداية تطبيقه كصبرنا على الكثير من الأنظمة البالية لعقود من الزمن ولا نعطي الجوانب المادية قدراً أعلى من قيمة البني آدم وسلامته وسلامة أفراد عائلته. فحصولنا على هذه المرتبة الدموية المتقدمة، لم يتأت من فراغ، وإنما بسبب ما تقترفه نسبة كبيرة من قائدي السيارات لدينا من مخالفات مرورية فجة، تشيب لها الولدان، يغلب عليها اللامبالاة والتهور والسرعة وضرب عرض الحائط ،والنافذة أيضا، بكافة ممارسات القيادة الآمنة المتعارف عليها في المملكة أو خارجها. ولربما شاهد وتعرض واكتوى الكثير بحوادث وقعت معه أو من أمامه وخلفه وجانبه وفي بعض الحالات من فوقه، كالسقوط عليه من فوق الكباري والجسور !. يا صائمون، في فترة من الفترات عندما تبحث في «YouTube» عن المملكة ما هي أولى النتائج التي تظهر أمامك ؟ فهي ليست فيديوهات الابتكار أو الاختراع أو الفكاهة أو الدعابة أو المحافظة على البيئة أو دعم جهود تخفيف المجاعة في العالم، وإنما فيديوهات مخجلة للبعض من شبابنا تبرز التصرفات الطائشة والهوايات المميتة مثل فيديوهات التفحيط أو فيديوهات المغامرة «الزبيرية» وهي المقاطع التي تصور شبابا تتدلى أقدامهم من باب سيارة وهم منتعلون «زبيريات» وأرجلهم تلامس الإسفلت والسيارة تمشي بسرعة كبيرة. يا عيني على الرقص «الأوبرالي الزبيري-السروالي «، الذي لا تنقصه إلا أغنية «أبكي على ما جرى لي يا هلي !!! لقد أسهم «ساهر» في تحقيق نتائج إيجابية ملموسة فور تطبيقه في كافة المدن التي يعمل فيها. فحسب تصريح لمدير مرور الرياض العميد عبدالرحمن المقبل في شهر فبراير 2011، أوضح أن نظام ساهر قد ساهم في خفض نسبة حوادث الوفيات إلى 23% مقارنة بالعام الماضي من نفس الفترة والتي قيس بها النظام بين العام 30 والعام 31 ه،كما حقق النظام خفضاً في عدد الإصابات إلى نسبة 3%،وخفض نسبة الخسائر الاقتصادية من جراء الحوادث إلى نسبة 20%. كما ساهم في اكتشاف العديد من القضايا الأمنية المتعلقة بسرقة السيارات والتزوير والمضاربة والصدم وإشهار السلاح والقتل والهروب. العميد المقبل، إدارة مرور الرياض مطلوب منها القيام بحملات توعية شاملة ومهنية توضح بلغة مبسطة وسهلة وشيقة الايجابيات المرورية والإنسانية والاقتصادية والتأديبية المتحققة جراء تطبيق نظام ساهر. فالكل يقر بأن مرحلة تطبيقه الأولى شابها الكثير من القصور التوعوي والإعلامي. كما أقترح عليك لوجه الله قضاء «غبقة رمضانية» مع الشيخين الفاضلين لتوضيح أهمية هذا النظام في حفظ الأرواح والممتلكات واقناعهما بالظهور في بعض فقرات الحملة. ادعوا معي ! [email protected]