كم أتمنى لو يأتي اليوم الذي تخلو فيه بلادنا من كل ُضرة هُمشت لغتنا لأجلها، لو نستغني عن كل كلمة إنجليزية تُزاحم لغتنا، لو نحتفل برحيل آخر كلمة من شوارعنا، وأسواقنا، وتعليمنا، لا أريدُ لمواطن على أرضنا أن يُخاطب عاملا أجنبيا بغير العربية، لا أود لعربي أن يُعرف نفسه إلينا بلوحة اسم غير عربية، لا أريد لمتاجر أن تسعر سلعها بلغة تتجاهل وجودنا ولغتنا ونحن غالبية زبائنها، هل تُراني أحلم، أم تلك أضغاث أحلام أهذيها، أم إن من حقي كما كل إنسان أن أجد لغتي على أرضي وبين أهلي هي اللغة الأولى؟! ترى متى يتحقق الحلم، وأي شيء يعني تحقيقه لو حدث؟ إن يكن فهو مؤشر على غدونا دولة عظمى، تماما كما كل الدول المستغنية عن استخدام أي لغة أجنبية إلى جانب لغتها الأم، لم لا نكون كأمريكا، وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، التي لا يُضطر مواطنوها للاستعانة بلغة أخرى إلى جانب لغاتهم الوطنية، ولا يُهددون بتعطل مصالحهم إذا ما تشبثوا بالتحدث بها، ليس ثمة مبالغة، وإذا ما مُد في أعماركم وسمعتم أن اللغة الصينية لا تفارق الإنجليزية في شوارع نيويورك وواشنطن فاعلموا أن الحضارة الأمريكية قد أفلت، وأن الصينية قد حلت مكانها، ظهور اللغة وانطفاؤها واحد من معايير نهوض الأمم أو سقوطها، وعمليا لم تغدُ العربية لغة البلاد الرسمية في الجزائر إلا بعد زوال الاحتلال الفرنسي باستقلالها، وقبل ذلك كانت اللغة الثانية بعد لغة المحتل الأولى!. لا أريد لمتاجر أن تسعر سلعها بلغة تتجاهل وجودنا ولغتنا ونحن غالبية زبائنها، هل تُراني أحلم، أم تلك أضغاث أحلام أهذيها، أم إن من حقي كما كل إنسان أن أجد لغتي على أرضي وبين أهلي هي اللغة الأولى؟! ولهذا السبب كان الفرنسيون وما زالوا يقاومون كل ما يمس أو يهدد سيادة لغتهم الوطنية، وثقافتهم الفرانكفونية، ولذات السبب خرج جاك شيراك محتجا من اجتماع للاتحاد الأوربي، لأن أحد رجال الأعمال الفرنسيين تحدث بالإنجليزية، وهنا قاطعه شيراك موبخا: لم لا تتحدث الفرنسية بحق السماء، ثم خرج وبأثره وزير خارجيته فيليب دوست بليزي، ووزير المالية ثيري بريتون ! اللغة هي ذاتنا، وهويتنا، ووجودنا، هي صوتنا ولساننا، واللغات القديمة لم تختف لأنها أضعفت بظهور لغات أخرى، ولكن لأن أهلها الناطقين بها اختفوا فاختفت باختفائهم، والمتعمد إخفاء وتهميش لغته كأنما يستعجل القضاء على الناطقين بها قبل أن تموت لغتهم بموتهم، شيراك لم يكن بخروجه من المؤتمر متزمتا ولكنه يعرف أن سلسلة التنازلات اللغوية تبدأ بكلمة، فجملة، فحوار. [email protected]