ضيفنا هذا الأسبوع ضيف لا يمل حديثه ولا يسأمه المستمع، ينصت له الشباب قبل الشيب، له العديد من المشاركات الروائية والقصص المشهورة التي وثقها من خلال طرحها على وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، التقينا به في حفل مهرجان أرامكو الثقافي المقام في محافظة الظهران.. إنه الراوي المعروف محمد الشرهان الذي استضفناه في هذا الحوار. نرحِّب بك عبر صفحات “في وهجير” بصحيفة “اليوم”. - هلا بك والساعة المباركة التي أتواجد فيها بينكم وفي جريدة “اليوم”.
تميّز محمد الشرهان بصغر سِنه عن غيره من الرواة.. فمتى كانت البداية؟ - منذ عام 1385ه كانت لي مشاركات شعبية مسموعة في برنامج الإذاعة مع منديل الفهيد “رحمه الله” وإبراهيم اليوسف وناصر السكران وغيرهم، ثمّ تطوّرت المسألة إلى أن شاركت في الإعلام المرئي عن طريق التلفاز من خلال التليفزيون السعودي ومن ثم انتشرت عن طريق أبو ظبي والكويت وقطر وغيرها من القنوات الإعلامية حتى يومنا هذا.
لديك مشاركات في دول غير خليجية مثل الجزائر وليبيا.. كيف للجمهور أن يدرك اللهجة النجدية في رواياتك وهل كان هناك تفاعل منهم؟ - بالنسبة إلى ليبيا فأنا كنت عضو في جمعية الثقافة والفنون في الرياض، وُكلفت الجمعية بالمشاركة في حفل الفاتح من سبتمبر عام 1408ه، وكنت حين ذاك نائب رئيس اللجنة وكان دوري تقديم قصيدة شعبية وروايات وكان الحضور كبيراً جداً والتفاعل كان رائعاً. وأما بالنسبة للجزائر فقد وجّهت لي دعوة لحضور حفل تكريم أبي فراس الحمداني، وكانت لي مشاركة بسالفة وقصيدة وبحضور الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقه، وأذهلني إعجاب الرئيس عبدالعزيز بوتفليقه لمدى فهمه وإعجابه بالرواية التي طرحتها، وعندما بحثت عن السر وعن كيفية فهمه للرواية وإعجابه بها وفهمه للقصائد الشعبية، علمت انه قد عاش وعمل ما يقارب 7 سنوات أيام شبابه في دولة الإمارات مستشاراً لدى الشيخ زايد “رحمه الله”، وأما الجمهور فقد كان متفاعلاً جدا.. فلهجتنا ليست بتلك الصعوبة.
ما الفرق بين الراوي والراوية ومدى علاقتهما بالشعر الشعبي؟ وأيهما محمد الشرهان؟ - الراوي هو لقبي وأنا احمل هذا اللقب، وهو مسجّل بوزارة الثقافة والإعلام منذ عام 1421ه إلى الآن. وأما الفرق بين الراوي والراوية فهو أن الراوي يتكلم عن القصص الشعبية الموثقة بالقصائد والشعر الشعبي، وأما الراوية فهو الذي يعرف عن الأنساب والأصول والتواريخ.. وكلٌ له علاقة بالشعر الشعبي.
ما مدى شمولية رواياتك على مناطق المملكة والخليج؟ - “رحم الله امرءاً عرف قدر نفسه” أنا عشت في منطقة نجد وضواحيها، أما بالنسبة للمناطق الأخرى فلم يسبق أن طرحت أي قصة أو رواية وذلك لاختلاف اللهجة والبيئة وغيرها من الأسباب، وجميع الروايات والقصص التي أقولها عايشتها من أصحابها أو من أبنائهم والرواية التي لا أثق بها 100% لا احكيها ولا أقولها أبداً.
ما آخر أعمالك؟ - سجّلت 30 حلقة لصالح التليفزيون السعودي بعنوان “في مجلس الراوي” وتعرض الآن القناة الأولى قبل الإفطار لمدة 15 دقيقة استعرض فيها قصة وقصيدة مع مراعاة تنوّع الطرح في ذلك.
الالتفاتة من التليفزيون السعودي.. ألم تأتِ متأخرة بعد أن تعود المشاهد على متابعتك على قنوات أخرى؟ بعد تغيير وزير الثقافة والإعلام السابق أوقفت البرامج الشعبية وذلك لإعادة هيكلة البرامج الشعبية، ووضع نظام لسيرها وطرح البرامج الشعبية الهادفة والمفيدة وترك الهزيل منها، وقصائد المدح وغيرها.
هل يعني هذا أنك أصبحت مستهلكاً لدى تليفزيون قطر بعد مشاركاتك على مدى 3 سنوات ماضية؟ - لم يوجّهوا لي دعوة هذه السنة ولكن انقطاعي عنهم بسبب وفاة والدي “رحمه الله” ومن بعدها تم توجيه دعوة لي ولكنها كانت في وقت ضيق واعتذرت لهم، فأتوا براوٍ يعزف الربابة على قصائده من الأردن لا يحضرني اسمه وأتوقع ان لديهم خطة لفتح باب المجال لآخرين. من الذي يوثق الآخر في نظرك.. القصة أم القصيدة؟ - كلها توثق بعضها.. ولكن عندما تأتي بقصة دون قصيدة قد تنساها، أما القصيدة فتعبّر دائماً عن قصتها.. فمن الصعب عليك نسيانها وغالباً تكون القصائد كمثابة الشاهد على القصة.
هل من قصائد لدى الشعراء الشباب او المعاصرين تستحق أن تروى قصص قصائدهم للأجيال القادمة؟ - نعم هناك القليل واذكر على سياق سؤالك قصة شاب يحكي في قصيدته وعما حصل بعد مروره بمنزلهم القديم بعد وفاة والده والذي يحكي فيه عن حال تفرقهم بعد أن كبر الإخوة، وتفرقوا وأصبح كل منهم في بيت وحده. فهو في قصيدته يحكي واقع إخوته بعد فراق والدهم ولا شك في أن مثل هذه القصائد هي قصائد هادفة وشيقة وجميلة ومطلوبة بلا شك.
ماذا لو كانت القصيدة هادفة ولكن بناءها الشعري غير سليم.. فهل سوف تكون ضمن رواياتك؟ - أبداً.. من شروط رواياتي أن تكون القصائد المذكورة بها جزلة ولو ترى ان اغلب القصائد التي اذكرها هي لشعراء أموات “رحمهم الله” والبعض منهم شعراء مغمورون ولكن قصائدهم جزلة ولا للهزل طريق إليها.
لا أملك من المواهب إلا ثلاثا، وهي حسن الإلقاء بالشعر والحفظ، والأهم منها القبول، ولله الحمد، والحقيقة أنني تعجَّبت أن لدي في جنوب حضرموت أناساً يسكنون الوديان، يحفظون رواياتي والقصائد التي نقلتها في الروايات، وكذلك في “جنوب الأستانة” وهو إقليم يقع بين تركيا وسوريا في البادية الشمالية. ما الفرق بين شعراء السابق والحاضر في نظرك؟ - “بن لعبون” و”اللوحيان” ومحسن الهزاني.. هؤلاء برزوا فعلاً والكل يعلم ان هناك في عهدهم شعراء ولكن لم يبرزوا أو لم تصل لنا قصائدهم. ولكن انظر إلى الشاعر حميدان الشويعر، الذي توفي عام 1200ه أي ما يقارب 232 سنة ولا تزال قصائده تردد كأنها قيلت البارحة، هنا الإبداع، أما شعراء الحاضر فسوف يبرز منهم ناس بلا شك ولكنهم شعراء يُعدون على الأصابع حتى لو كان هناك كمٌّ هائل من الشعراء وعلى قولة الشاعر: ترى الجواب أليا ظهر بركو فيه ناس يعرفون المعاني السماني وبالأخير لا يصح إلا الصحيح..ولا يبقى إلا الأفضل من القصيد. وأنا ودي أن أحفظ “بيتين” بهما جزالة، ولا أحفظ “ثمانين” بيتاً هزلة، وهناك شعراء دواوينهم ملأت الأرفف ولا احد يحفظ لهم بيتاً واحداً، وبالمقابل يوجد شعراء لا يوجد لديهم ديوان واحد وترى الكل يطرب لقصائدهم بل ويحفظها.
هل صحيح أنك طرحت من خلال مشاركاتك في أحد المهرجانات مقولة قلت فيها ان المرأة أشعر من الرجل في الشعر والمشاعر؟ - هذا مثل عند البدو والحاضرة بأن اقوى الأبيات تلقاها في قصائد “العبد والمرأة” فانظر إلى قصائد قيس وقصائد نوره الحوشان ومويضي البرازيه، وغيرهم من الشعراء الذين جعلت قصائدهم مضرب الأمثال.
إذا حصل خطأ غير مقصود منك في سرد القصص فهل يعتب عليك بعض أقرباء الشعراء ممن سردت قصصهم؟ - الحقيقة حصلت لي مرتين، ففي الأولى حضر لي احد الأشخاص وأعطاني رواية عن أمه وأبياتاً لها وتبيّن بالأخير أن الأبيات ليست لأمه والقصيدة الأخرى قالها لي احد الشعراء وسردتها في رواية، وتبيّن لي أنها لشاعر آخر اسمه شرعان بن رمال والحقيقة ان قلة التوثيق أو انعدامه في الماضي هو سبب رئيسي في ذلك.
مشاركاتك في الحملات الانتخابية وقبول الدعوات كما رأينا بالحملة الماضية.. هل يعد ذلك بحثاً من قِبلك للمادة؟ - طبعاً أنا مشاركاتي بالمهرجانات التي تقيمها الدولة أو تسمح بها الدولة، فحملات الانتخابات هذه أتت لكي يجمع المرشح أكبر عدد من الأصوات والكل يدلي بدلوه والكل يبدأ في استقطاب الشعراء والروائيين وغيرهم لجذب الزوار ليحصل كل مضيف على اكبر عدد من الأصوات، فهذا ما يحصل معي، فالبعض منهم يرى ان اسمي يأتي لهم بعدد طيب ولله الحمد فيحصل أني ألبي الدعوة.
هل تطلب على مشاركتك مبالغ معينة؟ - أنا لا افرض ولا اطلب مبالغ معينة، فالمهرجانات التي رصد لها مبالغ لضيوف المشاركين والمهرجانات الرسمية.. فالكل يعلم بأن الضيف له حقه في المشاركة اما المهرجانات الدعوية والإصلاحية فلم يسبق لي أن طالبت أو أخذت مبلغاً معيناً في ذلك بل بالعكس أنا أساعد وأعاون على عمل الخير.. أما من طلبني لحضور حفل زواج أو غيره فلا اطلبه، وبعدين هذا “عيب” بل ألبّي دعوته وأزوره.
ألا تخشى من أن يملّ المتلقي من تكرار رواياتك وقصائدك عليهم؟ - بالعكس أنا دائماً أنوّع في طرحي واترك المجال في البداية للجمهور، فما تلبث ان تمرّ أول دقيقتين إلا وأوراق الطلبات تأتي من كل مكان.. هذا يريد قصة الذيب وهذا يريد قصة علوش بن ظويهر وهذا يريد القصة الفلانية، والحمد لله الذي وفقني لحب الناس.
وما الذي ترى أنك تملكه لتحصل على حب جمهورك خصوصاً أن لديك متابعين من خارج الخليج ؟ - لا املك من المواهب إلا ثلاث حاجات وهي حسن الإلقاء بالشعر والحفظ والاهم منها القبول، ولله الحمد، والحقيقة أنني تعجّبت أن لدي في جنوب حضرموت أناساً يسكنون الوديان يحفظون رواياتي والقصائد التي نقلتها في الروايات وكذلك في “جنوب الاستانة” وهو إقليم يقع بين تركيا وسوريا في البادية الشمالية، وذلك من خلال سفري ومروري بتلك البلاد ففوجئت بأن بعضهم يتابعني ويحفظ رواياتي عن ظهر قلب.
رواياتك تكثر في الحضر دون البدو فلماذا؟ - الغالب من رواياتي أنها تختص بالحضر لأني حضري ومن سكان الحضر ولكن توجد لدي روايات عن البدو بشكل اقل لعدم ثقتي فيما اطرحه ومدى صحته وذلك لأني كما أسلفت من سكان الحضر واتوثق من رواياتي التي تختص بالمناطق التي سكنت فيها قبل طرحها، ولكني أرى ان يظهر راوٍ من البدو يطرح روايات تختص بالبادية وهذا أفضل رأي.
ما الذي يزعجك في الشعراء؟ - عدم الابتكار وعدم انتقاء الكلمات الجيدة.. وما يغضبني منهم السباب الذي يحصل بين الشعراء أو حتى اللعن الذي يطرحه الشاعر في قصائده، ولو كان بطريقة الغزل فاللعن مذموم.
هل لديك روايات موثقة لقصائد هجائية؟ - هو باب من أبواب الشعر لا احد ينكره.. ولكني أترفع عن طرح مثل هذه الروايات ولا أؤيدها، وهي تخص الشاعر نفسه وتنتهي في اللحظة ذاتها أمام الشاعر الآخر.
خلال السنوات التي مضت ومسيرتك الحافلة بالإنجازات.. ما نتاجك من رواياتك المطبوعة والمسموعة؟ - كتاب “سالفة وقصيدة” وهو عبارة عن ثلاثة أجزاء وكل جزء فيه 32 قصة مع قصيدتها، أما المسموعة فلدي في نتاج 18 شريطاً بالقصص والقصائد.
ثلاث رسائل لمن توجّهها؟ أوجّهها جميعاً للشعراء الشباب وهي: الأولى: عدم التطرق إلى اللعن في قصائدهم أبداً؛ لأن ما يقولونه أدب وهذا يتنافى مع الأدب. الثانية: عدم الإسهاب والإكثار من قصائد الغزل لكي لا يأتي بعد ما بلغ في العمر ما بلغ ليوثق قصائده ولا يجد إلا الغزل الذي لا يوثق أصلاً. الثالثة: لا تجعل قصيدتك تمرّ دون أن تجعل فيها بيتاً أو بيتين من الحكمة والنصح الطيب. مساحة حرة لمحمد الشرهان.. ماذا يقول فيها؟ كل عام وانتم بخير وتقبل الله طاعتكم وأعاننا الله على صيام الشهر الفضيل وقيامه وأهدي لقراء جريدة “اليوم” هذه الأبيات.
يقول أبو الشاعر حمد بن فطيس “جده” من شاف نفسه نايف بالجماعة يصغر إلا منه تكبر بلا داع كالطير بأطياره وزود ارتفاعه يصغر بعين إللي يشوفه من القاع