بملابس رثة، لا تخلو من آثار شحم وزيوت، جلس العامل الآسيوي على كرسي الطبيب لجهاز فحص النظر، في أحد محال النظارات الطبية بالدمام، يفحص نظر زبائن المحل، ويحدد لهم بكل ثقة، نوع العدسات ومقاساتها، وقد يصف لهم الأدوية بعد ذالك إذا استلزم الأمر. العامل الآسيوي، لم يتخرج في إحدى كليات الطب، أو أحد المعاهد المتخصصة، وإنما جاء إلى المملكة بتأشيرة حرة، فعمل في البداية في مزرعة دجاج، ثم انتقل للعمل في سوق الحراج، ثم عامل محطة بنزين، قبل أن يستقر به الحال في محل نظارات، طبيباً للعيون. أشد الخجل يقول صلاح الدوسري «اتخذت العمالة الوافدة إلى بلدنا كل شيء ليكون مصدراً لرزقها، بغض النظر عن مشروعيته من عدمها، ونحن نخجل أشد الخجل، عندما نرى وافداً كتب في إقامته مهنة «عامل مزرعة أو حلاق أو سباك أو سمكري»، وتجده مرتدياً «الكرافتّة» والقميص الفاخر، ويعمل في مهنة طبيب عيون بارع!! دون أن يخشى من أي مراقبة (إن وجدت أصلاً)، لأننا في السابق كنا نستغرب من العامل الذي يتعلم في بلدنا مهنة معينة، ويمارسها ونقول ليس لديه أي خبرة أو شهادة تخوله للعمل في ذلك المجال»، مضيفاً «أما الآن، فقد اتسع النطاق، وأتى هؤلاء العمال بما لا يصدقه العقل، حيث دخلوا إلى الجانب الطبي، وهو ما يمس صحة الإنسان التي هي أغلى ما يملك، دون أن تحرك الجهات المسؤولة أي شيء حيال ذلك». تخصص دقيق ويشير بندر القحطاني إلى أنه «دخلت ذات مرة أحد محلات بيع النظارات في حي القزاز، فسألت عن الطبيب المختص عن تشخيص النظر، فرد علي العامل قائلاً لقد سافر الطبيب، وها أنا موجود في الخدمة، فقلت له وما هي شهادتك؟ وكيف تشخص النظر دون علم به، فأجابني أن لديه الخبرة الكافية في هذا المجال، عن أي خبرة يتحدث هذا العامل، وهو يحمل في إقامته مهنة «عامل»، ومن خوّله للعمل في تخصص دقيق وحساس كهذا ؟! بل أين الجهات الرقابية على مثل هذا المهازل؟ وأين مكتب العمل الذي يتظاهر دائماً بإقامة الحملات الرقابية، وهو لم ينجح في إحباط أبسط المخالفات الظاهرة والواضحة للجميع، وهي إخراج العمالة الآسيوية المخالفة من داخل محلات النظارات ؟! أليس وجود عامل بوفية يقوم بتشخيص النظر، وتحديد نوع العدسات يعد مهزلة لم يسبق لها مثيل؟! نخجل أشد الخجل، عندما نرى وافداً كتب في إقامته مهنة «عامل مزرعة، وتجده مرتدياً «الكرافتّة» والقميص الفاخر، ويعمل في مهنة طبيب عيون حجم المهازل ويذكر صالح العمار أن «المقولة الشهيرة «من أمن العقوبة أساء الأدب» تنطبق تماماً على عمالتنا الوافدة، فهي لا تخشى العقاب، لأنه في الغالب لا يوجد عقاب، بل لا توجد مراقبة توجب العقاب»، مضيفاً «من أراد أن يعرف حجم المهازل الموجودة جراء وجود العمالة الوافدة غير المؤهلة، فليذهب إلى سوق الحراج، ليجد كيف نمت سطوة العمالة الوافدة، خاصة أن نصفها مخالف لنظام العمل».وتابع «لا أريد الابتعاد كثيراً عن محور القضية، وهو وجود عمالة غير مؤهلة في محلات بيع النظارات، وبلا شك، فإن الموضوع بقدر ما هو محزن ومبك، فإنه مضحك «وشر البلية ما يضحك»، ويتساءل العمار عن دور مكتب العمل، وهل هو في منأى عن هذه المخالفات، ويقول «لماذا تعودنا في مجتمعنا أن نلقي باللائمة على بعضنا البعض، مع أن الضرر سيلحق بنا جميعاً، ولا أبرّئ كفلاء تلك العمالة من الذنب، فهم شركاء أساسيون في تدمير المجتمع بجشعهم وأنانيتهم، ومن منّا لا يعلم حجم التلاعب الذي يمارسه الكفلاء، حيث أنهم يطلقون العنان لتلك العمالة، لتعمل في أي شيء، حتى لو كان في تصنيع الخمور وبيعها، المهم أن يكسب الكفيل مبلغاً زهيداً نهاية الشهر، بغض النظر عن مصدره ومن أين اكتسبه وربما تجد العامل الوافد في الدمام، وكفيله في جدة، أو في حائل أو في نجران ولا يعرف عنه شيئاً، إذاً لماذا يسمى كفيل، وهو لا يعلم عن مكفوله أي شيء؟.
مكتب العمل: ليس لنا علاقة بالعمالة الوافدة (!!) فضلت جهات رسمية عدة، عدم الرد على استفساراتنا، متعذرة بحجج مختلفة، تنوعت بين الإجازة الصيفية تارة، أو عدم الاختصاص تارة أخرى. وفي اتصال منا بمسؤول في أمانة المنطقة الشرقية، للتعليق على ترك العمالة الآسيوية غير المؤهلة، للعمل في مهن تحتاج إلى تخصصات علمية، ذكر لنا أن الأمانة لا علاقة لها بمثل هذه النوعية من المخالفات، وقال: «هذه الأمور تختص بها الجهات الصحية المراقبة لعمل المحلات التجارية ذات العلاقة بصحة المواطنين، سواء أكانت مطاعم أو بوفيهات أو مطابخ وغيرها.وأجرينا اتصالات عدة بالناطق الإعلامي في مكتب العمل حطاب العنزي، إلا أنه لم يرد على الاتصالات كافة، الأمر الذي جعلنا نجري اتصالاً بمدير مكتب العمل في الدمام أحمد السالم، الذي أفادنا أنه في إجازة حالياً، ولا يستطيع الرد على أي استفسار بهذا الخصوص. وعندما أوضحنا له أن الناطق الإعلامي لمكتب العمل لا يرد على اتصالاتنا، فقال: «ليس لي علاقة به»، موضحاً «بإمكانكم أن تكتبوا أن مكتب العمل ليس لديه أي رد على هذا الموضوع»(!!)