يصطدم شغف المواطنين بالمملكة بالاكتتابات العامة مع نقص الطروحات الأولية، حيث لم يشهد العام الحالي إلى الآن سوى اكتتاب وحيد هو التابع لشركة الاتصالات المتكاملة التي طرحت 35 بالمائة من أسهمها بما يعادل 35 مليون سهم من رأسمالها البالغ مليار ريال وهو مقسم على 100 مليون سهم. الكثير من المواطنين أثناء التقدّم بطلبات الاكتتاب في إحدى صالات الاسهم (اليوم) وفي حديث مع عبدالله بن خالد احد المتعاملين في سوق الأسهم السعودية أكبر البورصات العربية على الإطلاق تذكّر بضع سنوات مضت حين كانت تلك الاكتتابات تتيح له الفرصة لتحقيق أرباح وفيرة، وهو يتابع المنتديات الاقتصادية على الانترنت مع أصدقائه بحثاً عن أخبار لطرح عام أولي قد يكون في الأفق، فمع هيمنة المتعاملين الأفراد بصورة كبيرة على التعاملات يسعى الجميع وراء الربح السريع، لكن يبدو أن شهية الأفراد العاديين للاكتتابات لن تجد ما يشبعها قريباً اذ لا تلوح في الأفق طروحات لأي من الشركات الكبرى. يطالب متعهدو تغطية الاكتتاب بعلاوات أكبر بواقع المثلين أو ثلاثة أمثال، هذا ما جعل الشركات تحجم، مما أضعف شهية المستثمرين بشكل كبير. وعندما يرى الناس أحداً قد تضرر يخافون ويحسبون الأمر أكثر من مرة سواء من الناحية المالية أو من ناحية تأثيره على مكانة شركاتهم. ويقول عبدالله بن خالد إنه يشارك في الاكتتاب بأكبر عدد ممكن من الأسهم لتحقيق أكبر قدر يستطيعه من مكاسب مضمونة وسريعة تعينه على تكاليف الحياة رغم أنه يعيش في أحد أكثر بلدان العالم ثراء. وتشير بيانات صندوق النقد الدولي الى أن متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في المملكة بلغ 16641 دولاراً في 2010. وقال ابن خالد إن البيع في أول ثلاثة أيام مضمون لكن الاكتتابات لم تعد كالسابق وكان الربح فيها يتجاوز أحياناً 150 بالمائة في اقل من أسبوع، كنت اكتتب بأسماء أقاربي لجمع أكبر كمية من الأسهم وبيعها في أول يوم تداول، وحالياً لا أفضل أن اكتتب خصوصاً أن هوامش الربح لم تعد تتجاوز30 بالمائة الى جانب أن التخصيص بات قليلاً جداً. ويقول محمد الشهري وهو مواطن ممن تستهويهم الطروحات الأولية إن الأرباح التي يجنيها من الاكتتابات تعينه على سداد بعض متطلبات الحياة، ويضيف الشهري: أكتتب في أي أسهم تأسيس لشركة جديدة وفي السابق كانت الاكتتابات تعدّ دخلاً إضافياً لي ولكن الاكتتابات حالياً قليلة، وقيمة أسهم بعض شركات التأمين تضاعفت معي وساعدتني على دفع بعض الأقساط الشهرية. والمستثمرون الأفراد هم القوة الدافعة لسوق الأسهم السعودية ووفقاً لبيانات رسمية يسجل الأفراد نحو 93 بالمائة من الصفقات اليومية في السوق، ووفقاً لإحصاءات صندوق النقد العربي بلغت القيمة السوقية للأسهم السعودية منذ بداية العام وحتى 26 يونيو حزيران 05ر345 مليار دولار، كما بلغت قيمة التداولات خلال الفترة ذاتها 03ر152 مليار دولار. وتكشف تعليقات الأفراد على المواقع والمنتديات عن حالة من الولع بالاكتتابات فتعليقات مثل "الاكتتابات لن تتوقف ما دامت وسيلة للكسب السريع" و"نعم للاكتتاب" و"نعم للاكتتاب والبيع في أول أيام التداول" و"مرحباً بالاكتتابات دعونا نرتزق" و"أبشر بالتغطية القوية" ما هي إلا غيض من فيض. وفي مايو ايار فاقت طلبات الاكتتاب في أسهم الشركة السعودية للاتصالات المتكاملة المعروض بصورة كبيرة، وكانت الشركة تسعى في البداية لجمع 300 مليون ريال من الطرح الذي جمع بنهاية فترة الاكتتاب 7ر880 مليون ريال وبلغ عدد المكتتبين فيه 10ر1 مليون مكتتب، لكن ذلك لا يقارن مع طروحات أقوى وأكبر حجماً شهدتها السوق السعودية قبل بضع سنوات ففي عام 2003 بلغ حجم اكتتاب شركة الاتصالات السعودية 3ر15 مليار ريال وفي عام 2005 جمع بنك البلاد 8ر7 مليار ريال من طرح أولي. وفي عام 2006 بلغ حجم اكتتاب كيان السعودية التابعة لسابك 8ر6 مليار ريال، كما جمعت شركة زين السعودية 8ر17 مليار ريال من طرح أولي في عام 2008. ويقول محللون إن الوقت غير مناسب حالياً لعودة الطروحات الكبرى عالية الجودة الى السوق ومن المرجح ألا تعود قبل عامين عندما تتحسّن أوضاع السوق وتتحسّن شهية المستثمرين وثقتهم.. حيث يرى محمد العمران الكاتب الاقتصادي وعضو جمعية الاقتصاد السعودي إن السيولة النقدية التي يجري تداولها داخل المنظومة الاقتصادية تراجعت بشكل كبير وان الشركات أحجمت عن المضي قدماً في خطط طروحاتها وتفضل انتظار الوقت المناسب، وأضاف: عندما جمّدت مجموعة الطيار خطط الطرح الخاص بها لفت الأمر الانتباه بشكل كبير وزادت المخاطرة وبالتالي زادت علاوة المخاطر على الشركات، واليوم يطالب متعهدو تغطية الاكتتاب بعلاوات أكبر بواقع المثلين أو ثلاثة أمثال، هذا ما جعل الشركات تحجم، وأضعف شهية المستثمرين بشكل كبير. وعندما يرى الناس أحداً قد تضرر يخافون ويحسبون الأمر أكثر من مرة سواء من الناحية المالية أو من ناحية تأثيره على مكانة شركاتهم. وفي فبراير شباط 2010 جمّدت مجموعة الطيار للسفر والسياحة خطط الطرح الأولي بعدما فشلت في جذب طلب كافٍ من المؤسسات الاستثمارية. ويرى براد بورلاند كبير الاقتصاديين لدى جدوى للاستثمارات أن انهيار السوق بنسبة 60 بالمائة في فبراير 2006 وانهياره بنسبة مماثلة جراء الأزمة المالية العالمية جعل الشركات التي تعتزم الدخول الى السوق تضغط زر الإيقاف المؤقت لحين تعافي السوق وهو أمر لم يكتمل بعد، وأضاف: إن البنية الأساسية التنظيمية قوية حالياً كما أن قطاع الشركات التي تقدّم الاستشارات قوية، واعتقد أننا فقط نريد أن نرى الأوضاع في السوق قد تحسنت وعندئذ سنشهد زيادة كبيرة في عدد الاكتتابات عالية الجودة في السوق. وقال: هناك حالة من الحذر في السوق بسبب عدم التيقن بشأن الاقتصاد العالمي والاضطرابات الإقليمية في الشرق الأوسط، لذا نحتاج للتخلص من ذلك أولاً ولا أعتقد أنه أمر مرجّح هذا العام، وتابع: أي شركة لن ترغب في الإدراج وبعدها ينخفض سعر السهم ويقول الناس أشياء سيئة عنها، ولهذا كي تثق الشركات في عدم حدوث ذلك أعتقد أنها ستنتظر بعد انتهاء العام الجاري ربما تمضي قدماً في خطط الطرح خلال 2012 إن لم يكن بعد ذلك. وبعد طرح السعودية للاتصالات المتكاملة في مايو من المنتظر أن تشهد السوق السعودية طرح شركتين جديدتين هما اتحاد مصانع الأسلاك في أغسطس واسمنت حائل في سبتمبر.