أعرب معالي الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة وزير الثقافة والإعلام في الاحتفالية التي نظمتها وكالة الوزارة للشئون الثقافية لتكريم الروائية السعودية رجاء عالم والروائي السعودي يوسف المحيميد بنادي جدة الأدبي مساء السبت، عن سعادته، مؤكدا أن الاحتفالية عرس ثقافي سعودي ، واحتفاء برسالة الثقافة والأدب ، وتقدير للمبدعين والمتميزين ، وثمّن معاليه قيمة الكلمة حين تصبح أدباً راقياً، يتجاوز الحدود ، ويرنو إليه القراء، ويدرسه النقاد والباحثون ، ويصبح جزءاً من التراث الثقافي. لقطة من التكريم اثناء إلقاء معالي الدكتور خوجة كلمته (اليوم) وأضاف : تلك رسالة الأدب ، وتلك سمته وميزته ، ولذلك نحن نقرأ الأدب ، ونكابد من أجل الثقافة ، نجد المتعة والفائدة ، ونحس بالدهشة ، ونعيش في كلمات اللغة عوالم مختلفة ، ونستمد من الآداب الممتازة دروساً لاتحققها سواها وتابع خوجة : هذه الكلمات أوحت بها هذه المناسبة السعيدة مناسبة فوز أديبين سعوديين بجائزتين دوليتين في الرواية ، جائزة ( البوكر ) التي نالتها الروائية المبدعة الأستاذة رجاء عالم ، وجائزة ( أبي القاسم الشابي ) التي نالها الروائي المبدع الأستاذ يوسف المحيميد ، وفي هاتين الجائزتين تقدير واختبار للأدب السعودي الذي أصبح اليوم في مقدمة الآداب العربية التي يطمح القارئ العربي من الخليج إلى المحيط الاطلاع عليها ، وأن يجد فيها القارئ العربي ضروباً من القيم الجمالية الراقية .وأنا سعيد جدا بهذا الاستحقاق الأدبي الكبير .. سعيد لأن أدب بلادي أصبح يقصد لذاته ، وأن عقوداً طويلة في العمل الثقافي آتت اليوم أكلها . واختتم خوجة كلمته مخاطباً المحتفى بهما : شكراً لكما على هذا الإبداع الراقي الجميل .. شكراً لأعمالكما الروائية التي أصبحت جزءاً من ثقافتنا ، بل جزءاً من مفرداتنا ، وأبارك لكما هذا الفوز الثمين ، وأبارك للأدب العربي أن أضاف إلى تراثه الغني أديبين كبيرين نعتز بهما ، ويالها مصادفة طريفة أن تطيرا إلى جائزتين كبيرتين على جناحي حمامة .. رجاء عالم في « طوق الحمام « ويوسف المحيميد في « الحمام لايطير في بريدة « وهكذا هو « الحمام « يظل ، أبداً ، رمز اً لكل ماهو جميل ، جمال هاتين الروايتين . بعد كلمة دكتور خوجة ألقى الروائي يوسف المحيميد كلمة المحتفى بهما قائلا : كأننا نقف أمامكم بحمامنا ، بطوقه وأجنحته القصيرة ، لنقول لكم: شكراً أن منحتمونا هذا الحب ، كأنها أشارت لي نحو ناشرها ، المركز الثقافي العربي ، فتتبعتها مأخوذا بهما ، وكأنني أشرت لها صوب حمامي الذي لايطير ، فأبرقت بحمامها ذي الطوق ، الذي أغوت بجماله «أبوظبي « ففازت ، وأغويت بحمامي الذي لايطير أهل تونس ، فأطلقوه مع يمامهم الحر في شارع الحبيب بورقيبة ، كأن رجاء وأنا نسير على ضفتي نهر السرد العظيم ، ثالثنا الأبهى عبده خال ، كل واحد يتنبه إلى سره ويخفيه عن الآخرين ، يخفي مافي شبكته من لؤلؤ وصيد.
معالي الوزير الدكتور عبد العزيز خوجة (اليوم)
وقبل التكريم قدم الدكتور صالح زياد والدكتوره فاطمة الياس ورقتين نقديتين.. حملت ورقة الدكتور صالح زياد الأستاذ بجامعة الملك سعود بالرياض عنوان :»إستراتيجيات يوسف المحيميد الروائية - إلحاح المضمون والصيرورة إلى الهزيمة « قال فيها: يبدو بوضوح في روايات يوسف المحيميد تقدم المضمون على الشكل ، وذلك في مقابل توازن الشكل والمضمون أو تقدم الشكل ، وهي ثلاثة تجليات تسم الإبداع الأدبي من حيث هو علاقة بين أشكال ومضامين . وأتصور أن هذه الخاصية التي تسم منجز المحيميد السردي تمثل تجلياً ثقافياً لوجهة الإصلاح والحقوق التي برزت بشكل ملموس في عهد الملك عبدالله ، ومن اتساع هامش التعبير وأدواته ، وماشهدته الثقافة السعودية من طفرة الرواية التي تعني تكاثر إصداراتها بشكل يفوق كل حساب . ومعنى ذلك أن رواية المحيميد كما هي الرواية السعودية المجايلة لها تفسر الصحة والعافية من وجه ، وتفسر الاعتلال والمرض في ثقافتنا ومجتمعنا من وجه آخر . ويتناول الدكتور صالح زياد المضمون الروائي لروايات المحيميد و أبطال رواياته ويختم قراءته لروايات المحيميد مشيرا إلى انتهاء أبطال المحيميد إلى الهزيمة والانسحاب .بعدها قدمت الدكتورة فاطمة إلياس ورقة بعنوان: «عوالم رجاء عالم المكية - أسطورة المكان وعالمية الإنسان» تناولت خلالها عالم رجاء عالم . . وتاريخها الإبداعي الحافل .موضحة أن رجاء: لا تكتب لتفوز. . ولا تفوز لتحتفي وتزدهي، بل لتشحذ طاقتها وعشقها للتراث، واستلهام الماضي ، في معين الفن بمختلف صنوفه وقوالبه الكتابية والبصرية وأشادت بمشاركة الفنانة التشكيلية شادية عالم وحاصدة جائزة البوكر رجاء عالم في عمل إبداعي تركيبي يشتمل على الصوت والصورة ويتمحور موضوعه حول الثقافات المختلفة واكتشاف الآخر في الجناح السعودي ببينالي البندقية الرابع والخمسين . وتناولت د. إلياس رمزية مكة في وجدان رجاء عالم، وتموضعها في رؤيتها الكونية لماهية الإنسان،وجماليات الاختلاف، وسرمدية العلاقات بين الكائنات. و مزجها بين التاريخ والتخييل، والمعقول واللامعقول في قوالب حكائية ونماذج سردية تطفح بالطقوس والخرافات، . وتشير إلى أن بواكير أعمال رجاء وحتى روايتها الأخيرة « طوق الحمام» التي نالت من خلالها جائزة البوكر، ظلت رجاء عالم وفيّة لمكة وذاكرتها، وتوقفت أمام بعض شخصيات «طوق الحمام» التي تدور دراما أحداثها المثيرة بجوار الحرم المكي ، وتحديدا في «زقاق «أبو الروس مبينة أنه مع تصاعد الأحداث تميط رجاء اللثام عن جبل التحولات. . وحجم التصدعات في نسيج التركيبة الاجتماعية المكية. . وهول التناقضات بين قدسية المكان وقيمه الروحية من جهة ، والواقع المؤلم الذي خلقته أذرع النفاق والتشدد التي تكالبت على اغتيال المدينة المقدسة. وتنهي د. إلياس ورقتها قائلة:الخلطة السرية لرجاء فهي تلك الخيوط السحرية التي تغزلها تأملاتها الميتافيزيقية في الكون والتاريخ ، وتلونها ذاكرتها المعلقة بأستار الكعبة والساكنة أبدا جبال مكة ودحاديرها، ولا يجرؤ على امتطاء بساط سردها السحري إلا القادرون على التجلي والراغبون في التطواف.