اتصلت، فإذا بصوته الأبوي، أينك هذه المدة، قلت لكي أترك لك فرصة قراءته، قال: لا، قرأته حين تسلمته، وبدأ يرحمه الله بالثناء على الكتاب، وصدر له ما يسر به كل كاتب في أولى خطوات التأليف. هذا هو ابن خميس لم يمنعه اسمه وشهرته من أن يقدم لكتاب كويتب مغمور ، ومؤلف مجهول، أو أن يخشى من أن يكون اسمه البارز على عمل مبتدىء في عالم التأليف يخدش سمعته أو يقلل من شأنه كعلم، فلم يدفع به تكبراً إلى ركن قصي للحفظ أو سلة المهملات. لقد طوق ابن خميس عنقي بوفاء له في حياته فكنت أزوره في منزله العامر مقابل حي السفارات في جلسته العصرية كلما ذهبت للرياض، وبوفاء له بعد وفاته بالدعاء له، بأن يسكنه الله فسيح جنانه. لم يمنعه اسمه وشهرته من أن يقدم لكتاب كويتب مغمور ، ومؤلف مجهول، أو أن يخشى من أن يكون اسمه البارز على عمل مبتدىء في عالم التأليف يخدش سمعته أو يقلل من شأنه كعلم، فلم يدفع به تكبراً إلى ركن قصي للحفظ أو سلة المهملات. جانب مهم في سيرة ابن خميس هو عنايته بالأدب الشعبي، فكتابه الأدب الشعبي في جزيرة العرب تأصيل لعروبة الأدب والشعر الشعبي، وكتاب من أحاديث السمر تدوين لقصص واقعية من قلب جزيرة العرب، وكتابه عن راشد الخلاوي، وعن أهازيج الحرب أو شعر العرضة، كل ذلك وغيره كتبه من عمق إحساس بقيمة العروبة لدى ابن الجزيرة العربية مهما بعد عن أسلافه العرب الأوائل. وكانت لابن خميس يرحمه الله معارك أدبية دامت أكثر من أربعين عاماً ظل خلالها مدافعاً عن أصالة الشعر الشعبي، توجها بتأليف «رموز من الشعر الشعبي تنبع من أصلها الفصيح» الذي تشرفت بإهدائه الكريم الذي جاء كما يقول في مقدمته «دفاعاً عن أدبنا الشعبي عامة وتراثنا الشعري منه خاصة، وأنه محاولة لبعث السليقة العربية الأصيلة من جديد، والدفاع عن البدو الأقحاح الذين أخذت من بين ظهرانيهم لغة معاجمنا..». هذا جانب من سيرة ابن خميس كما عرفته، وله جوانب أخرى كتب عنها الكثير من الأدباء والمثقفين في وطننا وفي كافة أرجاء الوطن العربي. رحمك الله يا ابن خميس وأسكنك فسيح جنانه.