تعد مهنة المحاماة من المهن السامية والنبيلة؛ لأنها تسعى إلى مساندة القضاء في تحقيق العدالة. وقد صدر نظام المحاماة السعودي بالمرسوم الملكي رقم (م/38) وتاريخ 28/7/1422ه لينظم مهنة المحاماة والجهة المشرفة على هذه المهنة، كما حدد التزامات وواجبات المحامين. وقد عرَّف النظام مهنة المحاماة في مادته الأولى بأنها: «الترافع عن الغير أمام المحاكم وديوان المظالم واللجان المشتركة بموجب الأنظمة والأوامر والقرارات لنظر القضايا الداخلة في اختصاصها ومزاولة الاستشارات الشرعية والنظامية». كما نظَّم أيضا آلية قيد المحامين ومنح الترخيص لمزاولة مهنة المحاماة ومدته والرسوم المتطلبة لذلك من أجل توضيح الالتزامات والشروط اللازم توافرها فيمن يزاول هذه المهنة. وتناولت المادة الحادية عشرة طريقة مزاولة المحامي لمهنته وفقاً للأصول الشرعية والأنظمة المرعية، فعليه أن يمتنع عن أي عمل يؤدي للمساس بكرامة المهنة، كما يجب عليه احترام كافة القواعد والتعليمات الصادرة في هذا الشأن. وهذا يعني أن المحامي عليه أن يتمسك بمبادئ الشريعة الإسلامية والأنظمة المرعية في المملكة. وحفاظاً على استقرار العلاقات والمعاملات فقد نص النظام في المادة الثالثة والعشرين على التزام المحامي بسرية المعلومات والحفاظ على أسرار موكله حتى بعد انتهاء الوكالة، واستثنت اللائحة التنفيذية من ذلك إفشاء السر الذي يساعد على منع وقوع أية جريمة. كما تناولت المادة الثانية والعشرون أحكام العلاقة بين المحامي وموكله بعد انتهاء الوكالة، حيث ألزمت المحامي بأن يرد لموكله عند طلبه سند التوكيل والمستندات والأوراق الأصلية إذا كان الموكل قد أدى كامل الأتعاب إلى المحامي.وقد حظر نظام المحاماة في لائحته التنفيذية (3/1) مزاولة مهنة المحاماة مع غيرها من المهن الأخرى، والهدف من هذا الحظر هو أن يكون المحامي متفرغاً لمهنته، ومن جهة أخرى لضمان عدم القيام باستغلال وظيفته في كسب القضايا إن كان مزاولاً لمهنة أخرى، ومن أجل الحرية في التصرف والاستقلال والحياد في الرأي. كما أوضح النظام في المادة العشرين الإجراءات الواجب اتباعها من قبل المحامي عند الدفاع عن موكله في أولى الجلسات. كما منحه كامل الحرية في اتباع الطرق التي يراها ناجحة ومثمرة عند الدفاع عن موكله، فلا يجوز مساءلته عما يورده في مرافعته كتابياً أو مشافهة مما يستلزمه حق الدفاع. وتلك الحرية تتضمن عدم الحجر على الآراء والأدلة التي يمكن من خلالها الوصول إلى الحق ورده إلى أهله. وجدير بالذكر أن التزام المحامي تجاه العميل هو التزام ببذل عناية وليس بتحقيق غاية شريطة أن يبذل المحامي جهده وعنايته وفقاً لما تقتضيه أصول المهنة وأعرافها، ويعتبر المحامي مخلاً بالتزامه إذا لم يقم بواجبه أو يتسبب في الإضرار بموكله. وقد أورد النظام الإجراءات التأديبية والعقوبات المفروضة على المحامي عند إخلاله بواجباته المهنية أو مخالفته لأحكام هذا النظام ولائحته التنفيذية، إضافة إلى النص على إجراءات التظلم من قرار التأديب. وختاماً يمكننا القول إن مهنة المحاماة قد أخذت تتقدم وترتقي بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة بسبب التقدم والتطور في المنظومة القضائية، ولأن العدالة لن تتحقق إلا بالمشاركة الايجابية الفاعلة من قبل القاضي والمحامي على حد سواء. [email protected]