أكد محامون سعوديون أن المحامين جزء من وزارة العدل، مطالبين زملاءهم بالتقيد بالأنظمة واللوائح المنظمة للمهنة، وأن يكون المحامي وفق التطلعات والآمال المعقودة عليه ساعيا إلى بذل جهده في العملية القضائية والعدلية ونشر الثقافة الحقوقية والحذر من مغبة الدخول في أمور لا تحمد عقباها ومعتركات تسيء إلى بلاده وإلى مهنته الشريفة. وقال ل«عكاظ» رئيس اللجنة الوطنية للمحامين رئيس اتحاد المحامين لدول مجلس التعاون الخليجي الدكتور إبراهيم بن عبدالعزيز الغصن: اطلعت على ما نشر في بعض الصحف المحلية وردود الأفعال المختلفة حتى جاءت عناوين رئيسة «قرار وزارة العدل مراقبة تغريدات المحامين، ما دفعني لتتبع قرارات وزارة العدل وتعاميمها قبل أن المشاركة في هذا الموضوع حتى تكون مشاركتي موثقة ومستندة إلى حقائق، ولكنني لم أجد قرارا واحدا أو تعميما بهذا الخصوص إطلاقا، ونحن محامون نحرص دائما على أن تكون مشاركاتنا وأحكامنا مدعومة بالأدلة والبراهين، حتى إنني سألت بعض زملائي الذين غردوا بهذا الخصوص هل تعلمون قرارا أو تعميما بهذا الشأن، فأجابوا بالإجماع أنهم لا يعلمون. وزاد «أحترم رأي زملائي المحامين، وإن كان رأي كل منهم يعبر عن شخصه لوحده، لكنهم متفقون على أن هناك من دخل في صفوفهم وبدأ يكتب تغريدات منتحلا صفة المحامي، بل تجاوز الأمر إلى أن تستغل هذه التغريدات من أشخاص لا ينتمون لهذه المهنة، بل ربما بعضهم لا ينتمون للشعب السعودي، محاولين الاصطياد في المياه العكرة، فجعلوا الأمر يعني سياسة دولة وتوجه حكومة. وأضاف: من حق الزملاء المحامين أن يطالبوا بحقوقهم التي من أبرزها أنهم جزء من المنظومة القضائية التي تشرف عليها وزارة العدل، لكن ليس من حق الدخلاء على هذه المهنة أن يزجوا بالمحامين في غوغائية هم حريصون على أن يكونوا أبعد الناس عنها. وحذر الغصن من الدخلاء الذين يحاولون خلق صدامات بين أبناء هذا الوطن عن أي طريق، وخصوصا طريق المحامين، فالمحامي أكثر الناس معرفة بمهنته وأقدر الناس على فهم النظام وكيفية المطالبة بالحقوق، وكذلك القنوات الشرعية والقانونية التي يجب سلوكها للمطالبة بهذه الحقوق، مضيفا «لا أخفي أنه أزعجني كثيرا ما سمعته وقرأته من تغريدات ومقالات لا يمكن أن تصدر من مواطن مخلص يحاول فيها الكاتب أن يشكك بوطنية المحامي وانتمائه». المرجع الوزارة وبين الغصن أن جميع المحامين يدركون أن وزارة العدل هي مرجعهم، فهي الجهة التي أسند إليها ولي الأمر إصدار رخص المحاماة وأعطاها حق إصدار اللائحة التنفيذية لنظام المحاماة، كما في المادة الثانية والأربعين من نظام المحاماة ووزارة العدل هي المسؤولة عن إعداد جداول قيد أسماء المحامين الممارسين وغير الممارسين، ووزير العدل هو الذي يصدر الترخيص بمزاولة مهنة المحاماة بقرار منه حسب المادة السابعة من نظام المحاماة، كما أن المادة الحادية والثلاثين من نظام المحاماة نصت على أن وزير العدل هو الذي يشكل بقرار منه لجنة أو أكثر للنظر في توقيع العقوبات التأديبية الواردة في المادة التاسعة والعشرين من هذا النظام وتسمى لجنة التأديب، ولجنة القيد والقبول في الوزارة هي التي تقوم بإصدار القرار اللازم بشطب اسم المحامي من الجدول وإلغاء ترخيصه، كما جاء في الفقرة الثانية من المادة التاسعة والعشرين من نظام المحاماة. وأضاف: زملائي المحامون يعرفون تماما أنهم جزء من وزارة العدل ويعملون تحت مظلتها وإشرافها، وقد ساءهم كثيرا تدخلات الآخرين ومحاولة إيجاد فجوة بينهم وبين الوزارة، كقول بعض المغردين «هل تحمي الاتفاقيات الدولية استقلالية المحامين السعوديين». وأنا أجزم جزما مؤكدا أن كاتب هذه العبارة يعرف جيدا أن المحامي السعودي أكثر استقلالية من غيره، بل وله مكانة خاصة في وزارة العدل، فما أذكر أننا طلبنا اجتماعا مع وزير العدل إلا وتمت الاستجابة مباشرة، بل ربما طلبنا الاجتماع بمعالي الوزير فيوافق لنا بنفس الساعة ويتم الاجتماع بنفس اليوم. وهذا أمر اكتسبته وزارة العدل من سياسة الدولة الحكيمة، فقد مهد للمحامين الالتقاء مع ولي العهد أكثر من مرة، وكذلك وزير الداخلية، ولنا ترتيبات في هذه الدورة أن يكون لنا لقاء مع ولي العهد وكذا وزير الداخلية ووزير العدل ورئيس ديوان المظالم ورئيس هيئة التحقيق والادعاء العام ومدير الأمن العام وغيرهم من كبار مسؤولي الدولة. وزاد «لا أنسى أن أذكر بأن وزير العدل خاطب أعضاء اللجنة الوطنية للمحامين في أحد الاجتماعات بأن يقدموا ملاحظاتهم واقتراحاتهم حول نظام المحاماة وكل ما يعوق مسيرتهم من التنظيمات لدراسة تعديلها بما يتواءم مع رسالة المحامي، كما أن معالي الوزير وافق على إنشاء صالات خاصة بالمحامين مجهزة على حساب الوزارة في جميع المحاكم. حينما نلمس هذا الأمر كيف نسمح لناعقين أن يصفوا المحامي السعودي بأنه مسلوب الرأي والحرية. وهذا لا يعني أنه لا توجد بعض الأخطاء والتجاوزات، فهو أمر يوجد في كل نظام وفي كل عمل وفي كل دولة، ولكننا نحن المحامين نسعى لمعالجتها عبر القنوات الشرعية والنظامية دون المصادمات الإعلامية التي ربما استغلها المغرضون لزرع الفتنة ومحاولة الإفساد». وخلص إلى القول: أشكر زملائي المحامين الكرام الذين اتصلوا بي مبدين أسفهم لجعل المحامي هدفا لتحقيق أغراض بعيدة عن مهنة المحاماة. حتى الذين كتبوا تغريدات بهذا الموضوع بحسن نية ثم حاول الآخرون استغلالها لخدمة توجهات معينة. وأكد أن هناك اتفاقا عاما بين المحامين على استنكار هذه الظاهرة واستهجان الذين يقفون وراءها من خارج دائرة المحامين، بل ربما من خارج الوطن العزيز، مضيفا «ليهنأ الغيورون على هذا الوطن بالتعاون الكبير بين المحامين ووزارتهم التي تشرف عليهم. وأن وزارة العدل تسعى جاهدة لتحقيق استقلالية المحامين، بل إن دولتنا الموفقة تسعى لإقرار هيئة المحامين، وهي كما قلت سابقا في مراحلها الأخيرة، ونحن في صدد سماع إعلانها قريبا إن شاء الله. وفق الله جميع القائمين على هذا البلد لكل خير ومصلحة لأبناء هذا الوطن». المقصود بالمهنة من جانبه، أوضح الرئيس السابق للجنة الوطنية للمحامين بمجلس الغرف السعودية المحامي ماجد محمد قاروب أنه لا بد أن نوضح أن نظام المحاماة السعودي عرف بأن المقصود بمهنة المحاماة هو الترافع عن الغير أمام المحاكم وديوان المظالم واللجان المشكلة بموجب الأنظمة والأوامر والقرارات لنظر القضايا الداخلة في اختصاصها ومزاولة الاستشارات الشرعية والنظامية، ويسمى من يزاول هذه المهنة محاميا. ويحق لكل شخص أن يترافع عن نفسه. وبين أن النظام ولائحته التنفيذية شددا على ضرورة توافر شروط لممارسة المهنة، منها أن يكون حسن السيرة والسلوك وغير محجور عليه، وألا يكون قد حكم عليه بحد أو بعقوبة في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة ما لم يكن قد مضى على انتهاء تنفيذ الحكم خمس سنوات على الأقل، وأن يكون مقيما في المملكة، ويتعين على ممارس المهنة عدم الجمع بين المهنة أو أي عمل حكومي أو خاص، وليس للمحامي أن يعلن عن نفسه بشكل دعائي في أي وسيلة إعلانية. وقال: يجب أن يكون للمحامي الممارس مقر لائق مع مزاولة المهنة بأن يقع على شارع عام، ويوضع لائحة صغيرة عند باب المدخل من الخارج تشتمل على اسم المحامي وأيام وساعات استقبال أصحاب القضايا، كما أكد النظام ولائحته التنفيذية على تحويل قيد المحامي الممارس إلى قيد غير الممارسين في حال صدور قرار نهائي بحقه من لجنة التأديب بإيقافه عن مزاولة المهنة، ويكون تأديب المحامي إما بالشطب من الجدول أو إلغاء ترخيصه إذا حكم عليه بحد أو بعقوبة في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة، وفي حال إخلاله بواجباته المهنية أو ارتكابه عملا ينال من شرف المهنة يعاقب إما بالإنذار أو اللوم أو الإيقاف عن مزاولة المهنة لمدة لا تتجاوز ثلاث سنوات أو شطب الاسم من الجدول وإلغاء الترخيص، مع عدم الإخلال بدعوى التعويض لمن لحقه ضرر. إدارة المحامين وأشار قاروب إلى أن ما ذكر من أحكام في النظام ولائحته تؤكد على رعاية وزارة العدل من خلال الإدارة العامة للمحاماة لشؤون المحامين، من حيث الترخيص والممارسة والتأديب والشطب والتجديد، وأن ذلك يعطيها الحق في التأكيد على أن المحامين المرخصين من قبلها ملتزمون بما اشترط عليهم في نظام المحاماة من التزامات وواجبات، وجميع ما ذكر يتوافق بصورة كبيرة جدا مع ما جاء في القانون الموحد لمهنة المحاماة لدول الخليج العربية ومذكرته الإيضاحية، إذ أكد على أنه يشترط فيمن يقيد اسمه في جدول المحامين أن يكون كامل الأهلية، محمود السيرة حسن السمعة، غير محكوم عليه نهائيا في جريمة ماسة بالشرف أو الأمانة ما لم يكن قد رد إليه اعتباره، واشترط على عدم جواز الجمع بين مهنة المحاماة وبين مزاولة التجارة أو الأعمال التي تمس شرف وكرامة مهنة المحاماة، وأن ما يترتب على شغل المحامي أحد هذه الأعمال عدم جواز ممارسة مهنة المحاماة طوال فترة شغله لهذه الأعمال، وينقل إلى جدول المحامين غير المشتغلين، وأيضا يكون تأديب المحامين من اختصاص مجلس يشكل بقرار من وزير العدل يحدد فيه عدد أعضائه واختصاصاته وإجراءاته. وخلص إلى القول: كل ذلك يؤكد على أن من واجبات وزارة العدل قبل أن يكون من حقوقها مراقبة التزامات المحامين المرخصين وقيامهم بأعمالهم وفق صحيح النظام، كما هو حال جميع الوزارات مع من ترخص لهم من شركات وأفراد لممارسة أعمال وأنشطة مختلفة، كما هو الحال مع هيئات المهندسين والمحاسبين في مراقبة التزاماتهم وفق شروط مزاولة المهنة والترخيص الممنوح لهم، وهذا ما تم التأكيد عليه من خلال الأحكام التأديبية التي صدرت بالشطب والإنذار لعدد كبير من منسوبي المهنة في الأعوام الماضية، ولا يخرج المحامون عن هذا اليوم من خلال وزارة العدل وغدا من خلال هيئتهم عند صدور نظامها. ضوابط المهنة أما المحامي صالح بن عبدالعزيز الصقعبي، فقال: لا يخفى على كل من لديه أدنى علم بالأنظمة والتعليمات أن من الواجب على المحامين ضرورة التقيد والالتزام بضوابط المهنة، والتعليمات التي تتعلق بسلوكيات مهنة المحاماة تأسيسا على اعتبارها طليعة المهن ذات الارتباط بالعمل القضائي، والشريك الأهم في إيصال العدالة والوصول إلى الحق. فكيف يخفى ذلك على من يعمل في مجال المحاماة، ولا يخفى أن الخروج عن الضوابط الشرعية والنظامية مخالفة قد ترتقي لجرائم الجنح أو الجنايات، وتستوجب الردع بعقوبة جزائية وعقوبة تأديبية؛ لأن السكوت عن ذلك يخل بأخلاقيات المهنة، ولا يخفى أن التحدث عن القضايا المنظورة أمام القضاء، وإبداء الرأي فيها، وهي قيد النظر الشرعي لا يجب، فالتحدث في مثل ذلك يدخل بجريمة إفشاء الأسرار، فكثير من المتداعين بل أغلبهم لا يرغبون في كشف قضاياهم إلا فيما يضطرون إليه، ثم إن التحدث في مثل ذلك يجعل الرأي العام قد يتأثر فيما يتم التحدث فيه، وهذا فيه ضرر للعدالة من ناحية التشكيك؛ لأن من يتحدث عن وجهة نظره قد تكون صوابا أو عكس ذلك، والأولى ترك الحديث في مثل ذلك. وأضاف: الحديث في هذه القضايا أمام منصة العدالة لا في منصات أخرى أو وسائل إعلامية أين كانت هذه الوسيلة، وأرى أن الدخول في مساجلات وتجاوزات تتعلق بالنظام العام وقرارات الحكومة أمر غير لائق ولا يخدم العدالة، فالمحامي في وسعه أن يسلك فيها جادة مهنته بالرفع بما لديه بصفته المهنية لجهات الاختصاص، ولا يخفى أن ولي الأمر حين أصدر نظام المحاماة جعل من ضمن منطوقة أن لمعالي وزير العدل إصدار اللائحة التنفيذية لهذا النظام، ولذا فالوزارة من واجبها الشرعي والنظامي رعاية هذه المهنة وتطويرها، ومنع أي أسلوب يسيء إليها أو يتجاوز أنظمتها وأعرافها المستقرة، بما في ذلك الإساءة إلى زملاء المهنة من قبل بعضهم البعض. فالوزارة هي المسؤولة عن منح التصريح للمحامي، وهي المسؤولة عن تأديب المحامي حتى وإن كان التصريح أو التأديب يصدران من لجنة بعض أعضائها من خارج الوزارة، لكن من يعتمد أسماء أعضاء اللجنتين معالي وزير العدل. رقابة المحامين أما المحامي أحمد بن خالد الأحمد السديري، فقال: مما فهمته من نظام المحاماة الصادر بموجب المرسوم الملكي رقم م/38 وتاريخ 28/7/1422 ه و?ئحته التنفيذية إن حقوق المحامي مصانة وله حصانة مهنية بعدم مساءلته فيما يقدمه للجهات على أوراق وله حرية مطلقة بكيفية التعامل مع موكليه بأي أسلوب يشاء دون تدخل أي جهة كانت ما لم يكن هناك وقوع ضرر «إجحاف»، ونكون حينها أمام رقابة ?حقة «إلغاء وتعديل». وأضاف: أما عن رقابة أعمال المحامي ومنها محاسبته مهنيا بإحالته للجنة التأديب حال مخالفته لمقتضى آداب المهنة، فهي مقررة في الأنظمة المقارنة، وهو مبدأ أصيل لدى كافة المدارس التي تأثرت بها المهنة كالمدرسة الكلاسيكية واللاتينية والفرنسية وغيرها من المدارس الأخرى، وهو ما قررته الأنظمة المقارنة المختلفة، وهو خلاف على ما يعتقده بعض الزملاء المحامين أن الرقابة محصورة على الأعمال الأصيلة للمحامي دون غيرها من التصرفات كعلاقته مع موكله والأعمال المتصلة بها لدى الجهات العدلية، سواء القضائية منها أو الأمنية وغيرها من الجهات الحكومية وغير الحكومية، فتصرفات المحامي بعمومها مرتبطة بسمعة العدالة التي تلزم على منسوبيها فرض الرزانة والاعتدال والبعد عن اللغط وما يخل بالمروءة.