ندد الرئيس الاميركي باراك اوباما بسياسات و"عدوان" روسيا في اوكرانيا، مؤكدا انه "لن يقبل باحتلال روسيا للقرم او انتهاكاتها لسيادة اوكرانيا"، وابلغ نظيره الاوكراني المنتخب بترو بوروشنكو على "التزام الولاياتالمتحدة التام" من اجل مستقبل اوكرانيا، فيما يكون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين غدا محور كل اللقاءات التي ستعقد في النورماندي ما يثبت صعوبة عزل روسيا من قبل الغرب، وشهد الشرق الاوكراني هجمات واشتباكات ادت لسقوط قتلى وجرحى. وعبر الغربيون وفي مقدمتهم الولاياتالمتحدة في الاشهر الماضية عن رغبة في "عزل" روسيا دبلوماسيا واقتصاديا من اجل معاقبتها على "ضم" القرم و"زعزعة استقرار" شرق اوكرانيا. لكن في مناسبة الاحتفالات غدا بإنزال الحلفاء في النورماندي في 6 يونيو 1944 فان الرئيس الروسي يبدو محاورا لا يمكن تجاوزه. فقد نظم قادة القوى الاوروبية الابرز الثلاث- المانياوفرنسا وبريطانيا- لقاءات ثنائية مع الرئيس بوتين. وستجتمع به المستشارة الالمانية انغيلا ميركل صباح غد قبل الاحتفالات الرسمية بالانزال. وعلى هامش هذا الحدث في النورماندي سيجتمع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ايضا مع الرئيس الروسي. واخيرا سيحل بوتين ضيفا غدا في قصر الاليزيه حيث يقيم الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند مادبة عشاء على شرفه. وقبل ذلك يتناول هولاند العشاء مع الرئيس الاميركي باراك اوباما في مطعم باريسي. ومن غير المرتقب عقد لقاء ثنائي بين بوتين واوباما. لكنهما سيلتقيان على غداء الجمعة في النورماندي في قصر بينوفيل ثم خلال الاحتفالات في شمال غرب فرنسا. وستكون تلك اللقاءات الاولى منذ اندلاع الازمة الاوكرانية في نهاية 2013 رغم ان الرئيسين تحدثا عبر الهاتف عدة مرات منذ ذلك الحين. وكان الرئيس الاميركي صرح الثلاثاء في وارسو "انا اكيد انني سأراه، سيكون هناك". من جهته اكد الرئيس بوتين انه ليس هناك من داع "للاعتقاد بأن الرئيس اوباما لا يريد الحديث مع الرئيس الروسي". وقال في حديث مع اذاعة اوروبا-1 "انه خياره، انا مستعد للحوار" معتبرا ان "السياسة الاكثر عدائية والاكثر تشددا هي السياسة الاميركية". واضاف بوتين "ليس لدينا اية قوات عسكرية في الخارج تقريبا وانظروا في كل مكان في العالم هناك قواعد عسكرية اميركية (...) انهم يشاركون في الشؤون الداخلية لدولة او اخرى وبالتالي من الصعب اتهامنا بالتدخل". وهذا النشاط الدبلوماسي المكثف غداة قمة لمجموعة السبع تعقد الاربعاء والخميس في بروكسل- بدون روسيا- يثبت ان الغربيين يواجهون صعوبة في استبعاد موسكو رغم اخطر ازمة تشهدها العلاقات بين الطرفين منذ انتهاء الحرب الباردة. وتقيم برلين ولندن علاقات اقتصادية مهمة وكذلك في مجال الطاقة مع روسيا. وباريس باعتها لتوها سفينتين حربيتين يرتقب تسليمهما هذه السنة والسنة المقبل ما اثار غضب واشنطن. ويأمل الاوروبيون والاميركيون بالتالي ان يشكل ذلك بداية "وقف التصعيد" والحوار الذي يدعون اليه بشكل حثيث منذ اشهر، مع انسحاب حوالى 40 الف جندي روسي احتشدوا على الحدود الاوكرانية ومع انتخاب الرئيس الاوكراني بترو بوروشنكو. أوباما في وارسو واعلن الرئيس الاميركي باراك اوباما امس انه اكد للرئيس الاوكراني المنتخب بترو بوروشنكو على "التزام الولاياتالمتحدة التام" من اجل مستقبل اوكرانيا. وصرح اوباما امام صحافيين بعد لقائه بوروشنكو في وارسو "الولاياتالمتحدة ملتزمة بشكل تام الى جانب الشعب الاوكراني، ليس فقط في الايام او الاسابيع المقبلة، بل في السنوات المقبلة". وتابع اوباما "لقد لفتني رؤيته فعلا". كما اعلن اوباما ان واشنطن ستزيد مساعدتها لجهة المعدات العسكرية غير الفتاكة خصوصا تجهيزات للرؤية الليلية. من جهته، شكر بوروشنكو الذي تحدث بالانكليزية اوباما على "دعمه الثابت" والذي يرتدي "اهمية كبرى". حذر الرئيس الأمريكي باراك أوباما روسيا من أي عدوان على دولة عضوة في حلف شمال الأطلسي (الناتو) شرقي أوروبا. وفي خطابه بالعاصمة البولندية وارسو أشار أوباما امس إلى المادة رقم خمسة في ميثاق الناتو، وقال إن من يهاجم دولة عضو في الحلف فإنه يهاجم كل دول الحلف. وذكر أوباما أن ضم روسيا لشبه جزيرة القرم المنتمية لأوكرانيا يظهر ضرورة تضامن الأمم الحرة، وقال: "لن نقبل هذا الضم مطلقا". وأضاف أوباما: "بولندا وليتوانيا ورومانيا أيضا لن تقف بمفردها مطلقا"، موضحا أنه يقف بجانبها مع الولاياتالمتحدة أقوى قوة عسكرية في العالم، مؤكدا في الوقت نفسه أن مع الناتو تحالفا لا يمكن تدميره، وقال: "هذا ليس مجرد كلام، إنها التزامات لا يمكن انتهاكها". وفي المقابل أكد أوباما أن قوة الناتو غير موجهة كتهديد ضد دولة أخرى. وفي إشارة إلى أوكرانيا قال أوباما: "كل شعب وكل دولة لديها الحق في تحديد مستقبلها بنفسها... عصر الإمبراطوريات ودوائر النفوذ قد ولى". الشرق الأوكراني ميدانيا، واصلت القوات الحكومية الأوكرانية عملياتها العسكرية ضد الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق البلاد امس الأربعاء وقالت إنها ألحقت بهم خسائر كبيرة. وقال المتحدث باسم "عملية مكافحة الإرهاب" التي تقودها كييف إن أكثر من 300 مقاتل من الانفصاليين قتلوا وجرح نحو 500 آخرين في اشتباكات عنيفة في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة داخل مدينة سلافيانسك وبالقرب منها وهي معقل للانفصاليين وتتمتع بموقع استراتيجي. ولم يتسن الاتصال بمصادر من الانفصاليين لمعرفة عدد القتلى والجرحى الذين سقطوا في اشتباكات امس الثلاثاء التي استخدمت فيها القوات الحكومية الطائرات الحربية وطائرات الهليكوبتر والمدفعية لمحاولة اجتثاث الانفصاليين الذين يسيطرون على سلافيانسك منذ أوائل شهر أبريل نيسان. وقال المتحدث باسم القوات الحكومية فلاديسلاف سيليزنيوف إن جنديين قتلا وجرح 45 خلال المعارك التي وصفها بأنها كانت "عنيفة". وقالت المتحدثة باسم الانفصاليين ستيلا خوروشيفا إن عدد القتلى في البلدة "يزداد باستمرار". وفي لوغانسك، شن اكثر من 300 متمرد مجهزين بالاسلحة الاوتوماتيكية وقاذفات الصواريخ ومدافع الهاون ويؤازرهم قناصة، هجوما مساء الثلاثاء على قاعدة للحرس الوطني، كما اعلنت وزارة الداخلية التي تأتمر بها هذه الفرقة من المتطوعين. واستمر الهجوم اكثر من عشر ساعات، وردت القوات الاوكرانية "حتى آخر خرطوشة"، كما قال المصدر نفسه. وجميع آليات الحرس الوطني التي كانت متوقفة في القاعدة قد دمرت، ولحقت اضرار بالثكنة. وتشهد مدينة لوغانسك التي يبلغ عدد سكانها 450 الف نسمة وحيث اعلن الانفصاليون "جمهورية شعبية"، كما حصل في دونيتسك، معارك عنيفة منذ بداية الاسبوع. وحاصر المتمردون الاثنين طوال النهار المقر الاقليمي لحرس الحدود حيث ما زالوا متحصنين. وأمر الرئيس الأوكراني المنتخب بيترو بوروشينكو القوات الحكومية باستئناف العمليات العسكرية لإخماد تمرد يقوده انفصاليون موالون لروسيا في شرق البلاد الذي يغلب على سكانه الناطقون بالروسية. ولمعالجة وضع يزداد سوءا في المنطقة على رغم مرور شهرين على العملية العسكرية التي تقوم بها القوات الاوكرانية ضد الانفصاليين، توجه الرئيس الانتقالي اولكساندر تورتشينوف الذي سيسلم بيترو بوروشنكو الرئاسة السبت، الى المنطقة الشرقية، كما اعلن نائب رئيس البرلمان روسلان كوشولينسكي في تصريح لوكالة انترفاكس اوكرانيا. القوات الروسية وفي السياق، قال قائد عسكري كبير في حلف شمال الأطلسي امس الأربعاء إن روسيا تسحب معظم قواتها من الحدود الأوكرانية لكن قطاعا من القوات الروسية "يوحي بأنها تعتزم البقاء". وقال الجنرال بالقوات الجوية الأمريكية فيليب بريدلاف القائد الأعلى لقوات حلف شمال الأطلسي في أوروبا إن القوات غير النظامية الروسية والقوات التي تدعمها وتمولها روسيا كانت نشطة جدا في شرق أوكراينا و"يجب أن يتوقف هذا". وقال بريدلاف للصحفيين إن جميع الخطوات التي يتخذها الحلف لتقوية أعضائه في شرق أوروبا تتماشى مع الاتفاقية التي أبرمها حلف شمال الأطلسي مع روسيا في 1997 متهما موسكو بخرق الميثاق "عندما عبروا حدودا سيادية واستولوا باطلاق النار على جزء من دولة ذات سيادة". وقال أيضا إن الحلف والدول الأعضاء به يعكفون على دراسة مجموعة كبيرة من الطلبات لمساعدة أوكرانيا.