أطلق الرئيس الامريكي باراك اوباما، مبادرة بقيمة مليار دولار لدعم القوات البرية والجوية والبحرية الامريكية في دول "الحلفاء الجدد" في أوروبا الشرقية، وسط مواجهة بين الشرق والغرب بسبب الازمة الاوكرانية. وستزيد المبادرة التدريبات والمناورات والقوات الجوية والبرية التي يتم ارسالها بشكل دوري من الولاياتالمتحدة الى اوروبا. وقال البيت الابيض: ان "مبادرة طمأنة أوروبا" التي يجب أن تحظى بموافقة الكونغرس، ستسهم كذلك في بناء قدرات الدول غير الاعضاء في الحلف الاطلسي، بما فيها اوكرانيا وجورجيا ومولدافيا، بحيث تعمل مع الولاياتالمتحدة والحلفاء الغربيين لبناء دفاعاتها. وجاء في بيان للبيت الابيض صدر في بولندا، الثلاثاء، حيث بدأ اوباما جولة اوروبية أن "الولاياتالمتحدة تقف الى جانب حلفائها كما وقفوا الى جانبنا". وفي حال الموافقة على مبادرة اوباما، فستكون اكثر خطوة ملموسة له لطمانة حلفائه في اوروبا الشرقية ولتوجيه رسالة الى روسيا بأن اعمالها في اوكرانيا سيواجهها رد امريكي حاسم. وأشار البيان الى ان "الحلفاء الجدد" للولايات المتحدة في اوروبا الشرقية "قلقون جدا إزاء احتلال روسيا وضمها للقرم واعمالها الاستفزازية الاخرى في اوكرانيا". وقال اوباما بعدما تفقد وحدة مشتركة من طيارين عسكريين بولنديين وامريكيين في مطار وارسو: "التزامنا بأمن بولندا وامن حلفائنا في اوروبا الوسطى والشرقية يشكل حجر زاوية لأمننا، وهو لا يمس". وبعد لقائه مع نظيره البولندي برونيسلاف كوموروفسكي، دعا الرئيس الأمريكي حلفاءه الاوروبيين الى زيادة انفاقهم على الدفاع وسط زيادة عدم الاستقرار في اوروبا. وقال: "شهدنا انخفاضا مستمرا، ويجب ان يتغير ذلك"، معربا عن أسفه لخفض الانفاق العسكري في اوروبا بسبب التقشف الاقتصادي. واضاف: ان الدول الاوروبية مع بعض الاستثناءات بينها بولندا، لم تقم بحصتها من العمل في حلف شمال الاطلسي كما كشف اختبار القوة في اوكرانيا. وتابع الرئيس الامريكي: "انهم يريدون ان يكونوا اعضاء كاملي العضوية عندما يتعلق الامر بالدفاع عنهم، وهذا يعني ان عليهم ان يكونوا كذلك عندما يحتاج الامر الى مساهمتهم، هذان امران لا يمكن الفصل بينهما". وأكد اوباما ان الحلف الاطلسي هو "حجر أساس" في السياسة الدفاعية للولايات المتحدة. كما أعلن الرئيس البولندي أن حكومة بلاده ستزيد النفقات الدفاعية لتبلغ 2 بالمئة من اجمالي الناتج الداخلي مقابل 1,95 بالمئة، وذلك بسبب الوضع الامني الجديد بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم. ودعا الرئيس الامريكي الى الضغط على الانفصاليين في شرق أوكرانيا لوقف هجماتهم على القوات الحكومية، ومنع تدفق المقاتلين والاسلحة على تلك المنطقة. وحذر من أية "استفزازات" روسية اضافية يمكن ان تدفع الى زيادة العقوبات الاقتصادية على موسكو. واضاف: "ان اي استفزازات روسية اضافية ستواجه بدفع روسيا ثمنا أكبر بما في ذلك، وعند الضرورة، فرض عقوبات اضافية عليها". كما التقى أوباما، رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك وعقدا اجتماع عمل بحضور وزرائهما. ودعا اوباما الذي سيلتقي الرئيس الاوكراني المنتخب بترو بوروشينكو في العاصمة البولندية وارسو اليوم الاربعاء، الرئيس بوتين الى الاعتراف بنتائج الانتخابات الاوكرانية على انها "شرعية". كما دعاه إلى لقاء الرئيس الاوكراني المنتخب بترو بوروشينكو. وقال: انه سينقل هذه الرسالة الى بوتين عندما يلتقيه خلال الاسبوع في فرنسا بمناسبة الذكرى السبعين لمعركة النورماندي. وأعلن المستشار الدبلوماسي للكرملين ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيلتقي المستشارة الالمانية انغيلا ميركل صباح الجمعة، قبل بدء مراسم ذكرى انزال الحلفاء في النورماندي. ومن المتوقع ان يكون هذا الاسبوع حافلا؛ اذ سيشهد الاحتفال بالذكرى السبعين لإنزال الحلفاء في النورماندي (غرب فرنسا) التي دعا اليها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، نظيره الروسي. وسيجري رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في المناسبة محادثات على حدة مع بوتين "للتشديد على اهمية الحوار بين الحكومة الروسية والحكومة الاوكرانية الجديدة". وفي اوكرانيا، شهدت منطقة لوغانسك معارك عنيفة يوم الاثنين، فيما قام الطيران الاوكراني ب "تصفية" عدة ارهابيين بحسب الرئيس الاوكراني الانتقالي اولكسندر تورتشينوف. وأعلن وزير الداخلية الاوكراني ان القوات الاوكرانية كثفت الثلاثاء هجماتها على الانفصاليين حول معقل الموالين لروسيا في سلافيانسك شرق البلاد، ما تسبب في تبادل كثيف لإطلاق النار. وفي لوغانسك حيث وقعت معارك عنيفة الاثنين، اعلن حرس الحدود ان الوضع بقي هادئا، لكن المتمردين ما زالوا يحاصرون مقراتهم ما ينذر بهجوم جديد. وكتب ارسين افاكوف على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: ان "هجوما قويا يجري حاليا حول سلافيانسك"، مؤكدا ان "السكان المسالمين في سلافيانسك وكراماتورسك وكراسني ليمان مدعوون الى تفادي اي مجازفة والحفاظ على ارواحهم بالبقاء في منازلهم وعدم الاقتراب من المواقع التي يكثر فيها الارهابيون". وأوضح الوزير الاوكراني ان "تبادل اطلاق نار عنيفا جدا" وقع في سيمينيفكا بعد هجوم شنه الانفصاليون بقاذفات صواريخ على دبابات الجيش الاوكراني، وأكد ان القوات الاوكرانية دمرت حواجز اقامها المتمردون. والهجوم الذي اطلقته كييف منذ اكثر من شهرين اوقع اكثر من مئتي قتيل في صفوف المتمردين والقوات الاوكرانية والسكان المدنيين. ويشارك اوباما في الذكرى ال 25 للانتخابات الديمقراطية الاولى في بولندا الدولة السابقة ضمن الكتلة السوفياتية. وترتدي هذه الاحتفالات طابعا خاصا على خلفية الازمة الاوكرانية. وسيحضر ايضا الى وارسو الرئيسان الفرنسي فرنسوا هولاند، والالماني يواخيم غوك، بالاضافة الى العديد من القادة السياسيين من وسط وشرق اوروبا. ومن المتوقع ايضا ان يصل في المساء الرئيس الاوكراني المنتخب بيترو بوروشنكو، الذي سيقوم بأول زيارة له الى الخارج منذ انتخابه في 25 ايار/مايو بتأييد 54% من الاصوات. وفي اشارة الى الدعم القوي للحكومة الجديدة في اوكرانيا، سيلتقي اوباما بوروشنكو الاربعاء ومن الممكن ان يتباحث معه حول مساعدة عسكرية امريكية الى اوكرانيا. وفي اشارة اخرى الى الدعم الغربي، اعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس انه سيتوجه الى كييف لحضور مراسم تنصيب بوروشنكو. واعلن مساعد وزبر الدفاع الامريكي ديريك شوليه خلال زيارة الى كييف الاثنين، انه تباحث مع السلطات الاوكرانية حول تقديم "مساعدة بقيمة 18 مليون دولار، بالإضافة الى تعاون على المدى الطويل من اجل تعزيز البنى الدفاعية الاوكرانية". وستجري الاجتماعات على خلفية توتر سياسي وغداة معارك استخدمت فيها قذائف هاون وقاذفات صواريخ بين حرس الحدود وانفصاليين موالين لروسيا في لوغانسك (شرق). وأشار حرس الحدود الى اصابة ثمانية من عناصرهم بجروح ومقتل خمسة انفصاليين. وبعد المواجهات، نددت وزارة الخارجية الروسية ب"جريمة" ترتكبها السلطات في كييف "ضد شعبها". من جهتها، اعلنت الولاياتالمتحدة الاثنين ان لديها "اثباتا" بأن روسيا تواصل السماح بمرور "مقاتلين " و"اسلحة" الى شرق اوكرانيا. وتنفي روسيا على الدوام هذه الاتهامات، وتطالب في المقابل بأن توقف كييف عمليتها العسكرية في شرق البلاد. واصطدم مشروع قرار عرضته روسيا الاثنين على مجلس الامن، وينص خصوصا على اقامة "ممرات انسانية" في شرق اوكرانيا بانتقادات الغربيين. وعلى صعيد الطاقة، امهلت روسيااوكرانيا اسبوعا اضافيا عندما أرجأت حتى التاسع من حزيران/يونيو المهلة قبل بدء العمل بنظام الدفع المسبق للغاز تحت تهديد وقف التسليم مما يثير قلق اوروبا. إلا انه لم يتم التوصل الى اي اتفاق الاثنين في بروكسل بين روسياواوكرانيا حول سعر الغاز الذي تشتريه كييف وتسديدها لدين الغاز، الا ان المفاوضات تحقق تقدما ومن المقرر عقد اجتماع جديد في الايام المقبلة، حسبما اعلن المفوض الاوروبي لشؤون الطاقة غونثر اوتينغر.