ثمن علماء دين وخبراء وسياسيون، دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في البرقية التي بعث بها الى الرئيس المصري المنتخب عبدالفتاح السيسي لعقد مؤتمر لأشقاء وأصدقاء مصر للمانحين، لمساعدتها في تجاوز أزمتها الاقتصادية، وكذلك دعوته الى عدم التدخل في شؤون مصر الداخلية. وأكدوا أن هذه الدعوة، امتداد لمواقف تاريخية سابقة انطلاقا من شعور الملك عبدالله وأسلافه الكرام، بوحدة المصير المشترك. وأضافوا ان موقف خادم الحرمين الشريفين إبان ثورة 30 يونيو 2013 ودعوته لدعم مصر وشعبها داخليا وخارجيا والوقوف بجانبها حتى تتجاوز محنتها، قد غير كثيرا من المعادلات في ظل الضغوط التي كانت تمارس ضد مصر والظروف المتوترة التي مرت بها. (اليوم) رصدت جانباً من هذه الانطباعات.. وكانت كالتالي: إشادة وتثمين في البداية، قال الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية: نثمن هذه الدعوة ونؤيدها، مشيدا بجهود خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في مساندة مصر، ومواقفه العظيمة في خدمة العروبة والاسلام، مؤكدا ان جميع المصريين لن ينسوا وقوف المملكة حكومة وشعبا الى جانب مصر في أزماتها. أما مفتي مصر السابق، د. على جمعة، فثمن أيضاً، بشدة مواقف خادم الحرمين الشريفين الداعمة لمصر وشعبها، مضيفا ان مواقف خادم الحرمين الشريفين المشرفة تجاه مصر وشعبها هي مكنون حقيقي في وجدان القيادة السعودية والشعب السعودي وان ما تبديه المملكة من مواقف تجاه الشعب المصري يتوقعه كل مصري. قيمة وقامة من جانبها، قالت مستشارة الرئيس المؤقت لشؤون المرأة، سكينة فؤاد، إن قيام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود بالمبادرة بالتهنئة للرئيس عبدالفتاح السيسي بمناسبة فوزه رسمياً برئاسة مصر، يدل أن الملك عبدالله قيمة وقامة للأمة العربية والإسلامية، إذ إنه يعبر في لحظات الأزمة عن الأصالة العربية والكرامة التي تتحول إلى صخرة يكسر عليها كل من لا يحترمون هذه الأمة، كما انه لا يتردد في لحظات الفرح عن تهنئة مصر. وأضاف ل«اليوم» ان خطاب الملك عبدالله أظهر تجليات عن أصالة وقيم تكنها المملكة إلى المصريين والرئيس الجديد، إذ انه يدرك حجم المخاطر التي تتعرض لها مصر، علاوة على أن لديه بصيرة بكافة المخاطر التي تهدد الأمة العربية، لأنه يُدرك قيمة مصر وما تمثله من قلب نابض للأمة العربية، يجب أن يظل قويا، كما يُدرك ضرورة استعادة الأمة لوحدة صفها لإعطاء درسًا إلى القوى الامبريالية والصهيونية والأمريكية أن لا مجال لمن لا يحترم سيادة الأمة العربية وعلى رأسها مصر. وتابعت مستشارة الرئيس المؤقت: «السعودية بما منّ الله عليها، لا يتوقف عطاؤها لمصر، وتؤكد دائما استمرارها في الوقوف بجانب مصر حتى ترسو على بر الأمان، ولا ننسى العبارة التي قالها الملك عبدالله ان المساس بمصر هو مساس بالسعودية والأمة العربية. وقالت إنها تتمنى أن يمتثل كل رؤساء وملوك الدول العربية إلى الملك عبدالله، وأن يحذو حذوه في تأكيده على استمرار الدعم عمليًا إلى مصر والرئيس الجديد. رسالة قوية بدوره، أكد خبير العلاقات الدولية والباحث بمركز الأهرام للدراسات الدكتور سعيد اللاوندي، ان خطاب الملك عبدالله يحمل رسالة قوية إلى كل دول العالم، أن من سيعادي مصر، فهو ند كبير إلى السعودية، وبالتالي فإن كل الدول التي تنتهج موقفا عدائيا ضد مصر وعلى رأسها قطر وإيران وتركيا، عليهم أن يعدلوا عن سياستهم، وإلا سيخسرون علاقتهم نهائيًا بالمملكة السعودية. وقال ل«اليوم»، إن خطاب الملك يؤكد على صياغة حلف عربي جديد في المنطقة يدعم مصر، من شأنه تقوية الشوكة العربية في وجه المخططات الغربية والأمريكية. ولفت إلى أن حديث الملك عبدالله تأكيد على أن المملكة ستنفذ عمليًا وعلى أرض الواقع كل ما التزمت به تجاه مصر، ما سيؤدي إلى ازدهار ودفع الاقتصاد المصري، بسبب الاستثمارات السعودية، وبالتالي يمكن الاستغناء عن المعونة الأمريكية نهائيًا. أقوى دعم في سياق متصل، قال نقيب الصحفيين الأسبق مكرم محمد أحمد ل«اليوم»، ان خطاب الملك يعتبر من أقوى صور الدعم للمصريين، وهو جزء من عدة مواقف اتخذها في السابق، منها تحذير الدول الأوروبية من خطر الإخوان، وحزمة المساعدات المالية التي قدمها هو وباقي دول الخليج والتي قدرت ب12 مليار دولار. وأضاف مكرم، ان خطاب الملك عبدالله، أكد أيضا على أن أمن مصر هو من أمن السعودية وأن تلك هي حقيقة ثابتة لا جدال فيها، كما أن حينما يطلب من العرب عقد مؤتمر لدعم مصر، وأن من سيتخلف عن الحضور فهو غير منتمٍ إلى الأمة العربية، هو بذلك يؤكد على الأصالة والعروبة. كما يحمل خطاب الملك بعض النصائح إلى الرئيس السيسي بضرورة الاستعانة بالشباب، وإعطائهم دور أكبر الفترة المقبلة. تاريخ طويل من جهته، وصف السفير عفيفي عبدالوهاب، سفير مصر بالمملكة كلمات خادم الحرمين الشريفين بأنها تعبير عن موقف أخوي وعروبي صادق من قبل زعيم عربي يشهد التاريخ بمكانته الرفيعة، وأضاف ان هذا الموقف الذي يعبر عن تاريخ طويل من العلاقات الأخوية بين شعبين شقيقين، ظهر معدنهما في السراء والضراء. وبينما أشار عبدالوهاب، إلى حالة مشاركة من الأشقاء السعوديين، لإخوانهم في مصر، خاصة في هذه اللحظات، أضاف في تصريح صحفي الأربعاء، ان مصر كانت في أمس الحاجة لموقف داعم من الدول العربية ماديا وفي مجال الطاقة لها، موضحا أن دعوة خادم الحرمين لعقد مؤتمر ودعوة الدول الشقيقة للتأكيد على استمرار دعمها لمصر. وتابع ان "السعودية ستكون أول زيارة خارجية للمشير عبدالفتاح السيسي بعد توليه منصب رئيس البلاد خاصة بعد موقف خادم الحرمين الشريفين". مكنون حقيقي في السياق، قال الشاعر فاروق جويدة، إن مواقف خادم الحرمين الشريفين المشرفة تجاه مصر وشعبها هي مكنون حقيقي في وجدان القيادة السعودية والشعب السعودي وان ما تبديه المملكة من مواقف تجاه الشعب المصري يتوقعه كل مصري. وتابع قائلا: ان موقف القيادة السعودية والشعب السعودي من ثورة 30 يونيو الماضي هو تعبير حقيقي عن أن الاخوة تسبق كل شيء فالسعودية وقفت مع مصر في محنتها عقب ثورتي 25 يناير و30 يونيو وأكدت أن الشعبين واحد والموقف النبيل من القيادة السعودية تجاه مصر كان بردا وسلاما على الشعب المصري فالقيادة السعودية ممثلة في خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وقفت مع مصر في الدقائق الاولى من الثورة المصرية التي اطاحت بحكم الاخوان الكارثة وحسمت الموقف العربي وكان موقف خادم الحرمين الشريفين مهما في دعم مصر بالخارج والداخل، وهو موقف ايمان حقيقي بالأخوة العربية والاسلامية. علاقات عميقة أما الدكتور حسن طلب الباحث والمحلل السياسي رئيس مجلس إدارة مؤسسة دار المعارف، فقد أكد عمق العلاقات الاخوية بين مصر والمملكة والتي تقوم على مبادئ وأسس راسخة، مضيفا ان هذا تأكد في كثير من المواقف السعودية التي تعبر عن الاخوة الحقيقية بين البلدين والشعبين وان هذه المواقف كانت بالأفعال وليس بالأقوال والتاريخ لن يغفل مواقف القيادة السعودية الداعمة لمصر في كل أمر جلل. وتابع قائلا: ان هذه الدعوة هي امتداد لمواقف تاريخية سابقة انطلاقا من شعور الملك عبدالله بوحدة المصير المشترك مؤكدا انه بدون هذا الشعور لن تكون المواقف المعطاءة، معربا عن شكره وتقديره للقيادة السعودية التي تؤمن بهذا المبدأ. وأضاف ان موقف خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إبان ثورة 30 يونيو 2013 ودعوته لدعم مصر وشعبها داخليا وخارجيا والوقوف بجانبها حتى تتجاوز محنتها، قد غير كثيرا من المعادلات في ظل الضغوط التي كانت تمارس ضد مصر والظروف المتوترة التي مرت بمصر. تجسيد وحرص من جهته، أشاد الشيخ راشد بن عبدالرحمن آل خليفة السفير البحرينيبالقاهرة والمندوب الدائم لدى جامعة الدول العربية بدعوة خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية إلى عقد مؤتمر لأشقاء وأصدقاء مصر للمانحين، لمساعدتها في تجاوز أزمتها الاقتصادية معربا عن تأييد المملكة لهذه المبادرة، ووصفها بأنها تجسد حرص خادم الحرمين الشريفين على دعم كل الجهود التي تصب في مصلحة الأمتين الإسلامية والعربية وتعزيز أمن واستقرار المنطقة. وأكد أن توجيهات جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين تؤيد وتدعم هذه الدعوة الكريمة من خادم الحرمين الشريفين لعقد مؤتمر لأشقاء وأصدقاء مصر للمانحين، لدعم الأشقاء في جمهورية مصر العربية لتحقيق تطلعات وطموحات الشعب المصري نحو الاستقرار والمزيد من التقدم والازدهار. وأكد أن مملكة البحرين ستسهم بإرادة صادقة في جميع الجهود التي من شأنها تمكين الأشقاء في مصر من مواجهة مختلف التحديات وبما يحقق لهم ما يصبون إليه من عز وكرامة وتطور ونماء. تأمين الأمن القومي أما الدكتور عزمي خليفة الدبلوماسي والأكاديمي المصري، فوصف مضمون الرسالة التي بعث بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بأنها واحدة من أهم الخطوات التي أقدم عليها في سبيل تكثيف التعاون العربي وفي الوقت نفسه الأمن القومي العربي خاصة أن المنطقة العربية تمر بمرحلة تحول ترسم ملامح سياسة عربية جديدة لمواجهة التحديات المحيطة بالأمة ولعل في مقدمة هذه الملامح دعوة المملكة لوزير خارجية ايران لزيارة الرياض ثم دعوة الرئيس الإيرانى روحاني للمشاركة في حفل تنصيب المشير السيسي رئيسا لمصر وهو ما يشكل فاتحة خير لأن ذلك يعنى أن الدول العربية باتت تتجه الى انتهاج أسلوب التفاوض والتهدئة للتعامل مع مشكلات المنطقة وهو ما يتطلب من طهران أن تتقدم خطوات للأمام على نحو يسهم في حل الخلافات الأقليمية. ونوه الدكتور خليفة بأهمية دعوة خادم الحرمين الشريفين بعقد مؤتمر اصدقاء مصر وهي دعوة تصب على الرغم من طابعها المالي والاقتصادي في منحى يخدم محددات الأمن القومي العربي مشيرا في هذا السياق الى أن هذه الدعوة حظيت بتأييد فوري من الإمارات ما يعكس رغبة أغلب دول الخليج لمساعدة مصر لتخطي العقبات التي تعترض استقرار مصر وهو ما من شأنه أن يسهم في الاستقرار الأقليمي الذي تلعب فيه مصر الدورالرئيس دوما. ويلفت الدكتور خليفة الى أن الرسالة تنطوي على استمرار سياسات سعودية سابقة في مجال مكافحة الإرهاب والتي بدأت بتجريم مواطنيها الذين يلتحقون بجماعات إرهابية بالخارج وبالتالي فإنها- أى الرسالة- تصب في دعم مصر في حربها ضد الإرهاب الذي يبدو أنه يحاصرها من أغلب حدودها وهو ما يعني أنه لن يكون عليها بمفردها مواجهته لأنه يهدد كل دول المنطقة. ويخلص الدكتور خليفة الى أن الرسالة تنطوي على التأكيد على محددات تقود الى تأمين مجمل الأمن القومي العربي في ظل التوجهات الجديدة التي باتت تحكم مواقف السعودية تجاه مصر وسياسة مصر تجاه السعودية ومنطقة الخليج بشكل عام.