"كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته" قالها رسول الله (صلوات الله وسلامه عليه) ليعبر بالقليل عن الكثير. ففي الحياة الكثير من الأشياء التي نطمح للحصول عليها وبرغبة شديدة، وفي أغلب الأحوال تكون نظرتنا محددة الملامح لا تخرج عن تصورنا القاصر. فرغم أن الأمنيات تتحقق ويشبع ذلك النهم الداخلي لدينا, لكن يغيب - للأسف - حس المسؤولية تجاهها بمجرد أن تصبح واقعاً ملموساً, وإن كنا لا نستطيع حماية ما بين أيدينا، فكيف لنا أن نتعامل مع تأنيب الضمير ؟ قد يستطيع البعض أن يخدر ذلك الضمير أو حتى يقتله ببرود , لكني أجزم بأن ظلال التقصير والإهمال لن تدعه. أيها الأب، وأيتها الأم أنتما مسؤولان عن أبنائكما كلنا مسؤول وفي حياتنا نستصغر بعض الواجبات أو نماطل في تأديتها، ونرى أنه لا حسيب ولا رقيب، لكنها ستظل تلاحقنا حتى وإن طوانا الموت واحتضنتنا الأكفان. نعم هناك من يغمض عينيه وينسى أو يتناسى أن عين الله لا تنام, وسنحاسب فتشهد الأعمال وتحضر كل صغيرة وكبيرة, حينها هل سنعود؟ هل توجد فرصة أخرى لنعوض تقصيرنا؟ هل سنستطيع أن نعتذر عن أخطاء ارتكبناها بقصد أو دون قصد؟ والفرصة مازالت أمامنا لنرى كل ما حولنا ونقيم ونصلح, ولنبدأ من أول مسؤولية نتحملها وبكل صدر رحب، بل وبشغف, تلك النواة الأولى للمجتمع "الأسرة ". أيتها الأم وأيها الأب أنتما مسؤولان عن أبنائكما فهم أمانة بين أيديكما ومسؤولية عظيمة. لم يكن بيدهم الخيار في الخروج لهذه الحياة، بل كان الأمر بأيديكما بعد الله - سبحانه وتعالى - فهل قدرتما حجم تلك المسؤولية؟ وهل لكما أن تقوما بدوركما كما يجب. إنهم أمانة بين أيديكما ومسؤولية أنتما محاسبان ومسؤولان عنها أمام الله - سبحانه وتعالى - وليس الأمر مجرد توفير مأكل ومشرب، فحاجاتهم الجسدية تقابلها حاجاتهم النفسية التي بإشباعها تصنعان منهم أفراداً صالحين قادرين على إكمال مسيرة الحياة دون تعقيدات تجعلهم يتوقفون في منتصف الطريق. تأكدوا أنكما أنتما من يساعدهم على رسم خريطتهم, ليتمكنوا بعدها من إكمال رحلة الحياة بنجاح بإذن الله. أمنيتي أن نبحر جميعاً في سفينة الحياة ونحن نحمل على أكتافنا مسؤولياتنا بكل أمانة. [email protected]