الأزمة السورية أنعشت تنظيم القاعدة ووفرت للعناصر الإرهابية الأرض الخصبة والملاذ الآمن ووفرت له التمويل بعد سنوات طويلة من الجفاف. فعند الحديث عن الجماعات التي تسمى الجهادية أمثال جبهة النصرة والدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" التي كانت في بداية الأزمة السورية تقاتل بجانب المعارضة المسلحة، ومن ثم انقلبت عليها هي في الأساس صنيعة المخابرات الغربية أو أنها مخترقة من قبلها لن يكون لها مستقبل في الأراضي السورية سواء سقط النظام السوري أو استطاع الصمود. لذلك ليس لهذه الجماعات الجهادية مصير إلا أن يتم تصديرها لدول الجوار السوري، ولعل ما حدث في مدينة معان الأردنية من مواجهات مع بعض العناصر التابعة لجبهة النصرة خير دليل على ذلك. ما أعلنت عنه السلطات الأمنية السعودية قبل بضعة أسابيع من إحباطها مخططا لتنظيم القاعدة في المملكة العربية السعودية والمرتبط بالعناصر الإرهابية في اليمن وسوريا لا يمكن النظر له بعيدا عن إستراتيجية تصدير الأزمة السورية التي يقف خلفها بعض القوى الغربية في محاولة لزرع الفوضى في المنطقة الخليجية. كما أن ما تناقله بعض الصحف اليمنية العام الماضي 2013 من إحباط لبعض عمليات تهريب الأسلحة التركية إلى الأراضي السعودية عن طريق الحدود اليمنية دلالة على أن مخطط تنظيم القاعدة الذي أحبطته السلطات السعودية تقف خلفه أطراف إقليمية تسعى إلى تطبيق السيناريو السوري في الأراضي السعودية. من جهة أخرى نجد أن عودة تنظيم القاعدة إلى تأسيس مركز له في المملكة بعد أن تم اجتثاثه والتضييق عليه وتجفيف منابع تمويله السنوات الماضية سيكون الفشل حليفه لعدة أسباب أهمها أن القوة الأمنية السعودية من خلال مواجهاتها مع تنظيم القاعدة منذ بداية الألفية وحتى السنوات الأخيرة ما قبل الربيع العربي أصبحت تمتلك الخبرة الكافية التي تجعلها قادرة على التعامل مع هذه العناصر وإحباط مخططاتها في مهدها. كما أن مستوى الوعي لدى الشعب السعودي ارتفع وأصبح ليس من الصعب فقط بل من المستحيل التغرير به كما في السابق وتمرير الأفكار المتطرفة تحت مسمى الجهاد خاصة بعد الحقائق التي كشف الستار عنها لبعض دعاة الفتنة. الحدود الجنوبية للمملكة مع اليمن تشكل تهديدا للأمن القومي السعودي وهذا يتطلب ضرورة التشديد الأمني على هذه المنطقة خاصة مع استمرار المعارك مابين السلطات الأمنية اليمنية مع تنظيم القاعدة من جهة ومعارك الحوثيين المدعومة إيرانيا من جهة أخرى ما يجعل من السهل في ظل هذه المعارك تسلل العناصر الإرهابية إلى الأراضي السعودية.