لم يربط رسالته التعليمية السامية في فصله الدراسي وداخل مدرسته، بعقارب الساعة ومقدار ما يمضي من دقائق الحصة ووقتها، وعدد ما بقي من ساعات على نهاية الدوام اليومي، ولم ينظر لطلابه في فصول التربية الفكرية على أنهم فئة من ذوي الاحتياجات الخاصة سيقدم لهم الرعاية البسيطة المتشابهة دون تأمل وعناية. كانت الشرارة الأولى التي أشعلت طاقته الوثابة عام 1414، حين لفت انتباهه ستة من طلاب التربية الفكرية، حيث لاحظ أنهم مختلفون في سلوكياتهم عن البقية، لكنه يعتبر اهتمامه ذاك بداية لأرضية لم تكن موجهة لا علمياً ولا عملياً، ذلك أن هؤلاء الطلاب تم ضمهم إلى هذه الفئة بوصفهم من فئات المتخلفين عقليا إذ لم يصنف اضطراب التوحد ولم تعرف ملامحه بشكل دقيق آنذاك، ولم يكن معروفاً ولا مفهوماً لدى الأخصائيين. رغم الإعاقة في إحدى قدمي الأستاذ فوزي الجمعان، إلا أنها لم تمنعه من تحقيق هذا الجهد، والجوائز والبحوث والاهتمام طوال ربع قرن أما الانطلاقة الأولى في هذا المجال، فيصفها بالبداية النظرية عام 1417، حين رشح من إدارة التربية والتعليم بالأحساء لورشة عمل عن التوحد في جامعة الملك سعود، لكن الانطلاقة الفعلية له كما يقول كانت في عام 1419؛ حين تم ترشيحه من الأمانة العامة للتربية الخاصة بوزارة التربية والتعليم لحضور ورشة عمل في مركز الكويت للتوحد، تلك الورشة التي أدارها فريق بلجيكي مختص وكانت هي النقلة النوعية التي وضعت قدمه الأولى على الطريق الصحيح عملياً، إذ أن المعلومات النظرية السابقة التي عرفها كانت بعيدة عن واقع التوحد. شارك في مؤتمر الكويت الأول للتوحد عام 2000، والثاني عام 2003، وقدم ورقة عمل في المؤتمر الثالث عام 2004، وشارك في عام 2007 في ملتقى ارامكو الأول للتوحد، وفي عام 2009 في ورشة عمل في مركز أبوظبي للتوحد، كما قدم 15 دورة تدريبية عن كيفية التعامل مع حالات التوحد، وحصل على الوسام الذهبي في جائزة الموسى للتميز التعليمي وجائزة المعلم المتميز على مستوى إدارة التربية والتعليم مرتين، وزار العديد من مراكز التوحد المختصة في الرياضوجدةوالكويتوأبوظبي والشارقة، وهو الآن يدرس لنيل درجة الماجستير من قسم التربية الخاصة بجامعة الملك فيصل، ويقتني أكثر من أربعين رسالة ماجستير ودكتوراة عن التوحد عربية وأجنبية. والتوحد كما يوضحه: هو اضطراب نمائي يصيب الأطفال خلال السنوات الثلاث الأولى، يحدث بسبب خلل وظيفي يصيب الدماغ ويؤثر على ثلاثة مجالات رئيسة لدى الطفل هي: التواصل اللفظي وغير اللفظي، والتفاعل الاجتماعي مع الناس والأشياء، والإدراك والتخيل، والنمطية في السلوك. وهو قسمان- الأول: كلاسيكي نمطي يولد به الطفل، والثاني: يسمى توحد الانتكاس الطفولي وفيه يولد الطفل طبيعياً فتحدث له انتكاسة يفقد فيها مهارات التواصل في اللغة وفي التفاعل مع أقرب الناس إليه، ولم يصل العلم حتى اللحظة لأسباب إصابة الأطفال بهذا الاضطراب. قرأ وتأثر ب (قصة شروق) لعالمة الأحياء الأمريكية د. تمبل جراندن التي لم تمنعها الإصابة بالتوحد من التفوق والنجاح. ويوصي بالتدخل المبكر لعلاج التوحديين؛ حتى لا تتفاقم حالتهم، وكذلك دعم الأسرة وخاصة الأم وتدريبهم، فهي من الوسائل الناجحة جداً في معالجة الطفل التوحدي، وأهمية وجود مركز يهتم بتدريب وتعليم وتأهيل أطفال التوحد بشراكة مع القطاع الخاص، وضرورة تصنيف التوحديين إلى فئات وإلحاق كل فئة بالبرامج المناسبة لهم، الدعم العلمي والعملي من مؤسسات التعليم العالي لهذه الفئة، إنشاء وقف خيري يشتمل على صالة ألعاب حسية تستهدف طلاب التوحد وتخفف من اضطراباتهم. الأمر المقلق له أن نسب إصابة الأطفال بهذا الاضطراب في ازدياد محلياً وعالمياً. وتبقى المفاجأة الكبرى، أنه رغم الإعاقة في إحدى قدمي الأستاذ فوزي الجمعان، إلا أنها لم تمنعه من تحقيق هذا الجهد، والجوائز والبحوث والاهتمام طوال ربع قرن.. إنها الهمة العالية والإيمان بالرسالة السامية. تويتر @waleed968