كل ما هو سلبي في الأعمال والأنشطة الإدارية بأي مؤسسة أو جهاز يأتي من بوابة البيروقراطية وانهيار الشفافية، وذلك يحدث بصورة مطردة وقد تأخذ منحى منهجيا حين يتعامل عناصر المنظومة الإدارية بلا مبالاة أو وجود قيادي ضعيف لا يجيد السيطرة على الموظفين، ولذلك حين يحدث الترهل التنفيذي أو الإداري لا يمكن أن نتوقع أداء سلسا ومناسبا لطموحاتنا في الحصول على خدمات متطورة وسهلة. تميل كثير من الأجهزة في القطاع العام الى تأسيس منظومة عملية تسعى من خلالها لمواكبة عجلة التطور، ولكنها تبقى في الإطار النظري ولا يكتب لها أن تكون تطبيقا عمليا ناجحا ومميزا هو استحقاق أصيل للمواطنين، وفي هذا السياق استشهد ببعض خدمات أمانة المنطقة الشرقية، ولا ننكر محاولاتها لتجويد خدماتها، ولكنها للأسف تظل نظرية ولم تبلغ المرحلة العملية، ولدي حالتان أقيس بهما تواضع جهد الأمانة في تطوير أدواتها الخدمية. التحديات أكبر من أن يتم التعامل معها بسطحية تهدر الطموح للارتقاء بالخدمات البلدية التي تعتبر أكثر مطلوبات المواطن أما الحالة الأولى فهي إطلاقها الرقم (904) لتواصل المواطنين معها عبر الإبلاغ عن أي مخالفات يرونها أو يقفون عليها في أي موقع ذي نشاط يختص بالأمانة وبلدياتها، والفكرة في الإطار النظري متميزة ومتقدمة، ولكن ليجرب أحدكم مجرد الاتصال ليقف على الخدمة قبل أن يراقب الأداء البلدي نيابة عن البلديات، سيظل الهاتف يرن الى أن تقطع أنفاسه ولا يرد عليك موظف واحد، وبالتالي ابتلاع البلاغ أو رميه في سلة المهملات مع إحساس عميق بخيبة الأمل. حالة ذلك الرقم تكشف بالتأكيد عن قصور مريع في أداء البلديات، لتحدث بذلك المفارقة بين النظري والعملي التي أشرت اليها سابقا، وأما الحالة الثانية فهي أكثر اتساعا في تطورها من الأولى، إذ أنها أكثر تقدما ومواكبة لتطور العصر وهي ما أصبح يعرف بالحكومة الإلكترونية، ومعلوم بالضرورة أن العالم بأسره يتجه الى تطبيقات هذا النوع من الحكومات لما توفره من كثير من الميزات فيما يتعلق بالجهد والمواعيد واختصار الوقت وسهولة الحصول على الخدمات من أي موقع في العالم الذي أصبح صغيرا. أمانة الشرقية تعلم أن الدمام إحدى مدن الطاقة العالمية، وهي من تمثل المدينة في هذا المحفل الدولي، وهنا اتساءل.. كيف يمكن تصور وضع الدمام بجانب مدن مثل سدني الاسترالية أو نيويورك أو أوتاوا وغيرها من المدن الكبيرة في العالم؟ فواقع الحال أن الأمانة تسعى، نظريا، لتطبيق الحكومة الإلكترونية، ولكن ما الذي ينقصها لتفعيلها؟ لا شيء سوى البيروقراطية والتسويف والتعسف في المضي بهذا التطبيق العصري الذي يوفر كثيرا من الوقت والانتظار على المواطنين، وهناك في الواقع حاجة ماسة لإرادة تنفيذية تعمل على تفعيل الحكومة الإلكترونية هي ما نفتقدها في هذا الإطار. فعالية الحكومة الإلكترونية في النشاط البلدي سلوك حضاري وأسلوب متطور ينبغي أن تزال أمامه كل المعوقات وإقصاء كل دور بيروقراطي، لأن التحديات أكبر من أن يتم التعامل معها بسطحية تهدر الطموح للارتقاء بالخدمات البلدية التي تعتبر أكثر مطلوبات المواطن، وحين تكون هناك وسيلة فاعلة لإجراءات عملية وحاسمة يجب أن نتخذها في الحال، إن لم يكن ابتكارا وإبداعا فعلى سبيل التقليد، ولننظر في تجربة دبي القريبة ونستشرف موقعنا في خريطة التطور الإلكتروني والخدمي. [email protected]