ماذا يعني تعيين أحد متقاعدي أرامكو؛ لإدارة مجمع الملك عبدالله الطبي في جدة، المخصص للمصابين بفايروس كورونا؟ وقبل أن أدخل في دلالات السؤال، اسمحوا لي أن أتحدث عن هذا المتقاعد قليلاً.. الصيدلي حمد الضويلع في نهاية الخمسينات من عمره، ورغم عمله الطويل في شركة أرامكو لما يزيد عن تسعة وعشرين عاماً، إلّا أن شغف النجاح يفيض من عينيه في كل مرة أقابله فيها، ودراسته لماجستير إدارة المستشفيات في أريزونا الأمريكية؛ سهلت مهمته عندما كان يدير أكثر من ثلاثة آلاف موظف في الخدمات الطبية التابعة لأرامكو، حتى رفع راية التقاعد، وأعلن الرحيل الاختياري في عام 2009. الفكرة المهمة في هذه القصة، هي إعادة تدوير الكفاءات المتقاعدة من أرامكو، إلى سوق العمل الخيري والحكومي ليتجه بعدها لإدارة مستشفى الأحساء للتنمية، الذي شهد قفزة إيجابية في عهده القصير، وبعدها توجه هذا المتقاعد إلى القطاع الخيري؛ ليقود المشروع المتخصص في حفظ النعمة "إطعام"، والذي انطلق بتمويل سخي من مجموعة رجال أعمال أفاضل في المنطقة الشرقية، وكانت نجاحات هذا المشروع نوعية وأعطت صورة مختلفة عن المشاريع الخيرية المماثلة، وذلك لأنه تخصص في الطعام فقط، وخبرة الضويلع الإدارية والطبية جعلت الوجبات المقدمة للمستفيدين بمعايير عالية وآمنة، وانتشر نشاط هذه المبادرة ليصل إلى العاصمة الرياض والصناعية الغربية ينبع، إضافة لامتدادها بين مدن الشرقية. وما لفت نظري في نجاح الضويلع في «إطعام»، هو تواجد طرف فني متخصص "خارجي"؛ للتأكد من جودة المنتج واستيفاء المعايير، فالمراقب ليس هو المنفذ -وهذه فلسفة شبه غائبة عن كثير من مؤسسات القطاع الخيري في بلدنا-، وفي زحمة نشاط الضويلع الخيري تداهمه اتصالات كبار أرامكو على حين فجأة، وتقول له: استعد فالوطن يطلبك، فبعد وصول معالي الوزير المكلف للصحة، التي تخوض وزارته الجديدة الحرب مع "كورونا"، طلب الوزير من شركة الزيت العملاقة الدخول لأرض المعركة ومشاركته الجهاد الطبي، وكعادة أرامكو لا تتأخر في تلبية هذا النوع من النداءات، وكان حمد الضويلع أحد الأسلحة المهمة في هذه المواجهة، فالولاء الأرامكوي لا يزول بالتقاعد، وبعد دخول أرامكو على الخط، نُحي مقاول الصحة في مجمع الملك عبدالله الطبي بناء على طلب غيره، وتولت إدارة المشاريع بأرامكو زمام الأمور. متفائل بنجاح الفريق الجديد في مهمته الكورونية، والفكرة المهمة في هذه القصة هي إعادة تدوير الكفاءات المتقاعدة من أرامكو إلى سوق العمل الخيري والحكومي، فهم ثروات مهمة تستطيع إيجاد ثقافة SYSTEM، والمنهجية الإدارية التي ورثوها من الأم أرامكو، ومن الحكمة أن يقال: انشروا الأرامكويين في جزيرة العرب.