يرى خبراء أن عملية «مكافحة الإرهاب» التي أطلقتها كييف لاستعادة السيطرة على شرق أوكرانيا من أيدي الانفصاليين المسلحين الموالين لروسيا آلت على ما يبدو إلى فشل بعد شهر على بدءها، ما يشير إلى عجز السلطات في مواجهة المتمردين، فيما ذكر الرئيس الأوكراني الأسبق ليونيد كرافتشوك أمس أنه من المقرر أن تنعقد جولة جديدة من المباحثات الهادفة إلى تحقيق المصالحة في أوكرانيا التي تواجه أزمة خلال الأيام القادمة، وهدد الغرب روسيا بنزيف اقتصادي. وقال كرافتشوك الذي شارك في ترأس مباحثات طاولة مستديرة مطلع هذا الأسبوع: إن اليوم السبت هو موعد محتمل للجولة التالية من حوار الوحدة الوطنية، واعتبرت روسيا تقرير الأممالمتحدة حول حقوق الانسان في أوكرانيا أنه غير موضوعي وله دوافع سياسية. وكانت الولاياتالمتحدة قد وصفت الجولة الأولى من المباحثات في كييف بأنها «ناجحة» رافضة انتقادات بأنها لم تتضمن الانفصاليين الموالين لروسيا. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماري هارف الخميس: إن «المشاركين اتفقوا على رسالة قوية للوحدة الوطنية بناء على رفض عالمي للعنف». الغرب يهدد روسيا وقبل أقل من عشرة أيام من انتخابات رئاسية تعد بالغة الأهمية لمستقبل أوكرانيا، هددت الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي بجعل الاقتصاد الروسي «ينزف» في حال عمدت موسكو إلى عرقلة الاستحقاق الانتخابي. وتزامنت التهديدات الغربية مع تزايد المواجهات في شرق البلاد بين الجيش الأوكراني والانفصاليين المسلحين بعد حوالي شهر على إطلاق عملية «لمكافحة الإرهاب»، تستهدف استعادة سيطرة كييف على المناطق الانفصالية. صرحت وزارة الخارجية الروسية في بيان بأن «غياب الموضوعية الكامل والتناقضات الصارخة والمعايير المزدوجة لا تترك مجالًا للشك بأن معدى (التقرير) كانوا يمارسون عملًا سياسيًا محددًا يهدف إلى تبييض صورة السلطات التي نصبت نفسها في كييف»سفينة فرنسية من جهة أخرى دخلت سفينة الاستطلاع الفرنسية دوبوي دو لوم إلى البحر الأسود لتعزيز التواجد الدولي في المنطقة في إطار تفاقم التوتر في أوكرانيا، كما أعلن مصدر دبلوماسي. وترمي السفينة الفرنسية إلى جمع معطيات واتصالات مصدرها «منطقة معادية». وترسو حاليًا في مرفأ فارنا شرق بلغاريا على ضفاف البحر الأسود، كما أعلنت وكالة بي جي أن أي أس. ويواصل الانفصاليون توسيع سيطرتهم كما حصل في «إنتراتسيت» في منطقة لوغانسك، حيث سيطر الانفصاليون على مبنى بلدية أحد الأحياء الخميس. وأعلن المصرف المركزي الأوكراني الخميس إقفال فرعه في منطقة دونيتسك وإخلاء الموظفين بعد تهديدات من انفصاليين طالبوا بالأموال. «المشرط بدل المطرقة» أما في لندن حيث اجتمع وزراء خارجية الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، فقال مسؤول أميركي طلب عدم الكشف عن اسمه: إن الهدف من سلسلة العقوبات الأولى كان «استخدام المشرط بدلًا من المطرقة»، في إشارة إلى إلحاق أضرار محددة. وأضاف المسؤول «توجد الكثير من الأمور التي يمكن أن نقوم بها بالمشرط لإحداث نزيف سيكون له بشكل خاص تأثير قوي على الاقتصاد الروسي، ونمو روسيا المستقبلي»، وأشار إلى أن الدول الأوروبية أصبحت مقتنعة أكثر بالقدرة على الوصول لذلك، خاصة أن للاقتصاد الروسي «الكثير من مواضع الضعف». من جهته حذر وزير الخارجية الأميركي جون كيري أنه «في حال عمدت روسيا ووكلاؤها إلى عرقلة الانتخابات، فإن الولاياتالمتحدة ودول الاتحاد الأوروبي الممثلة اليوم ستفرض عقوبات محددة على قطاعات معينة»، وتابع «رسالتنا بسيطة جدًا: دعوا أوكرانيا تنتخب. دعوا الشعب الأوكراني يختار مستقبله». وأشار كيري إلى أن كييف تعمل على تنظيم جلسة حوار ثانية في شرق أوكرانيا. فشل كييف بالشرق وفي سياق الأزمة يرى بعض الخبراء أن عملية «مكافحة الإرهاب» التي أطلقتها كييف لاستعادة السيطرة على شرق أوكرانيا من أيدي الانفصاليين المسلحين الموالين لروسيا آلت على ما يبدو إلى فشل بعد شهر على بدءها، ما يشير إلى عجز السلطات في مواجهة المتمردين. وقال الخبير العسكري ميكولا سونغوروفسكي: إنه «تبين أن العملية غير مجدية؛ لأن القوات الأوكرانية لم تكن مستعدة لها». وأورد ياروسلاف غونتشار مساعد قائد كتيبة «ازوف» وهي كتيبة متطوعين في الحرس الوطني الاوكراني عدة تفسيرات لهذا الفشل ذاكرا «على المستوى الوطني خيانة الشرطة والمعارضة للشعب وعدم كفاءة الذين يخططون للعمليات». وقال فولوديمير فيسينكو من مركز بنتا للدراسات السياسية: إن «عرض حصيلة لهذه العملية أمر لا معنى له، ليس هناك أي نتيجة تذكر والقوات الأوكرانية لا تملك على الإطلاق الوسائل الضرورية لإعادة فرض النظام في المنطقة». وهو يعتبر أن العملية العسكرية لن تكون في مطلق الأحوال كافية لتسوية المسألة، وقال بهذا الصدد: «لن يكون من الممكن الاحتفاظ بدونباس بالقوة، هذا لا يمكن أن يحصل إلا بالتفاوض»، مشيرًا إلى ضرورة إشراك النخب المحلية في العملية، بدءًا بالملياردير رينات احمدوف أثرى رجل في أوكرانيا والذي يعتبر مركز الثقل الاقتصادي في شرق أوكرانيا. وحذر فيسينكو من أنه إذا لم تترافق العملية العسكرية على وجه السرعة مع المفاوضات فإن «دونباس ستتحول شيئًا فشيئًا إلى ما يشبه ترانسنيستريا» المنطقة الانفصالية الموالية لروسيا في مولدافيا والتي لا يعترف بها أحد. ورأى أن «هناك سيناريوات أخرى أسوأ، مثل قيام حرب طويلة الأمد وتصعيد في العنف، أي السيناريو اليوغوسلافي». تدهور حقوق الإنسان قالت مفوضة الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي أمس: إن مراقبي المنظمة الدولية رصدوا تدهورًا خطيرًا لحقوق إنسان في شرق أوكرانيا ومشاكل خطيرة ناشئة في منطقة القرم. وقالت بيلاي في بيان صدر بالتزامن مع تقرير المراقبين الذي وقع في 37 صفحة: «من لهم نفوذ على الجماعات المسلحة المسؤولة عن الكثير من أعمال العنف في شرق أوكرانيا (يجب) أن يبذلوا أقصى جهدهم لكبح جماح هؤلاء الرجال الذين يبدو أنهم عازمون على تمزيق البلاد». وانتقدت روسيا تقرير الأممالمتحدة حول حقوق الإنسان في أوكرانيا معتبرة أنه غير موضوعي وله دوافع سياسية. وصرحت وزارة الخارجية الروسية في بيان بأن «غياب الموضوعية الكامل والتناقضات الصارخة والمعايير المزدوجة لا تترك مجالًا للشك بأن معدي (التقرير) كانوا يمارسون عملًا سياسيًا محددًا يهدف إلى تبييض صورة السلطات التي نصبت نفسها في كييف». وكان التقرير أشار إلى تدهور «مقلق» لحقوق الإنسان في مناطق الانفصاليين الموالين لموسكو في شرق البلاد.