قالت لجنة خبراء تابعة للأمم المتحدة في تقرير سري اطلعت عليه رويترز: إن محاولات إيران لشراء مواد سرًا لبرامجها النووية والصاروخية تباطأت في الوقت الذي تواصل فيه المحادثات مع القوى العالمية لإبرام اتفاق طويل الأجل. وطرحت لجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة وتتولى رصد الالتزام بالعقوبات التي يفرضها مجلس الأمن على ايران هذا الاستنتاج بحذر، مشيرة إلى أن من المحتمل أن تكون طهران تعلمت كيف تتفوق على أجهزة الأمن والاستخبارات في سعيها للحصول على المكونات والمواد الحساسة. واستند التقرير إلى «انخفاض في عدد المحاولات الايرانية التي تم رصدها لشراء مواد لبرامج محظورة وعمليات الضبط المرتبطة بها منذ منتصف عام 2013، ومن الممكن أن يعكس هذا الانخفاض البيئة السياسية الجديدة في ايران والتقدم الدبلوماسي صوب حل شامل». وكانت إيران بدأت العمل للتوصل إلى حل يقوم على التفاوض لنزاعها النووي مع القوى الكبرى بعد فوز الرئيس المعتدل حسن روحاني في يونيوحزيران الماضي. وقال التقرير: إنه أصبح من الصعب على نحو متزايد تحديد أي صلات بين المكونات «ثنائية الاستخدام» التي يمكن استخدامها لأغراض عسكرية أو مدنية وسعت ايران للحصول عليها والجهات التي يحتمل أن تتسلمها في الجمهورية الإسلامية. استراتيجيات شراء معقدة لكن التقرير حذر من أن «ذلك قد يرجع إلى استراتيجيات شراء أكثر تعقيدًا من جانب إيران التي طورت اساليب لإخفاء المشتريات، وفي الوقت نفسه توسيع الأنشطة المحظورة. ويمكن استخدام هذه الوسائل أيضًا من جانب إيران في شراء وتمويل تجارة مشروعة، وهو ما يزيد من تعقيد مساعي الدول للتعرف على المشتريات السرية». وأضاف التقرير إن إيران «أظهرت أيضًا قدرة متنامية على انتاج مكونات رئيسية محليًا»، ومن المكونات الحساسة ثنائية الاستخدام التي سعت ايران لشرائها من الخارج على مر السنين الألومنيوم والألياف الكربونية وصمامات خاصة. والأولوية لدى إيران في المفاوضات مع القوى العالمية لوضع نهاية للعقوبات الدولية التي أثرت بشدة على اقتصادها المعتمد على النفط. وتنفي إيران منذ مدة طويلة اتهامات الغرب وحلفائها لها أنها تسعى لامتلاك قدرة على تصنيع أسلحة نووية تحت ستار تطوير الطاقة الذرية للأغراض السلمية. وربما تكون إيران قلصت مساعيها للالتفاف على العقوبات التي تهدف لمنعها من تطوير برامجها النووية والصاروخية، لكن التقرير أوضح أن اللجنة لم تسجل أي تغير في الأفعال الإيرانية للالتفاف على حظر السلاح خاصة في إمدادات الأسلحة للرئيس السوري بشار الأسد في حربه مع المعارضة التي تسعى للإطاحة به. وقال التقرير: «الدول الأعضاء ووسائل الإعلام مستمرة في الحديث عن عمليات نقل للأسلحة من إيران إلى جهات منها سوريا وغزة والسودان والبحرين». وأضاف إن «دعم إيران العسكري للحكومة الحالية في سوريا موثق توثيقًا جيدًا، وقد خلقت الحرب فرصًا إضافية لقوة القدس (التابعة للحرس الجمهوري الايراني) لكي يزيد نشاطه في البلاد». ومن الأمثلة التي ساقها التقرير على مخالفة إيران للحظر ضبط السلطات الاسرائيلية والكينية أسلحة ومتفجرات وذخائر. غموض يلف العقوبات كما حذرت لجنة الخبراء من أن الحكومة أبدت قلقًا بشأن الغموض الذي خلقته المساعي الدبلوماسية لإبرام اتفاق طويل الأجل بين إيران والقوى العالمية الست والذي قد يسمح لإيران بالقيام بأنشطة تحظرها عقوبات الاممالمتحدة ولاسيما تخصيب اليورانيوم. وقال التقرير: «أحد التحديات التي ستواجهها الدول خلال هذه الفترة من المفاوضات المكثفة، وكذلك تطبيق الحل الشامل إذا قدر له أن يتحقق سيتمثل في الحفاظ على الوضوح فيما يتعلق بالتزامات الدول بموجب العقوبات الحالية التي يفرضها مجلس الأمن». وتابع «شاركت بعض الدول اللجنة في درجة من عدم اليقين فيما إذا كانت قرارات مجلس الأمن المتعلقة بإيران ستظل سارية المفعول بالكامل. وأحد مصادر عدم اليقين هو وضع الالتزامات فيما يتعلق بالمشتريات المرتبطة بتخصيب اليورانيوم في إيران إذا قدر لمثل هذه الانشطة أن تستمر في ظل الحل الشامل». وبعد أن توصلت ايران إلى صفقة مؤقتة مع الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الامن وألمانيا في نوفمبر الماضي حدث بعض التخفيف للعقوبات المفروضة على قطاعي الطاقة والمال في إيران. لكن بخلاف ذلك العقوبات تبقى سارية بصفة عامة لحين التوصل إلى تسوية دائمة للنزاع النووي. وقال التقرير: «كذلك يتابع أعضاء القطاع الخاص عن كثب التطورات مع إيران، ويحرصون على استئناف التجارة العادية مع ايران. وشرع كثيرون في إقامة علاقات تجارية مع ايران وأبدوا تفاؤلهم بأن (الصفقة المؤقتة) ستعمل بسرعة على إزالة الحواجز أمام توسيع التجارة». وسلم التقرير إلى لجنة الأممالمتحدة الخاصة بعقوبات إيران قبل أيام فحسب من بدء الجولة الأخيرة من المفاوضات في فيينا بين إيرانوالولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين. وهدف هذه المحادثات هو التوصل لتسوية طويلة الأجل تفرض قيودًا عامة يسهل التحقق منها على الانشطة النووية الايرانية مقابل رفع العقوبات على مراحل. استغلال الشركات الوهمية ورغم الهبوط الواضح في المشتريات قال التقرير: إن ايران استمرت في محاولة الحصول على مكونات قد تستخدم في مجال تخصيب اليورانيوم. وقال الخبراء: «تحاول إيران شراء ألياف كربونية عالية الجودة للاستخدام في تصنيع بعض الدوارات لأجهزة الطرد المركزي». وأضافوا إن طهران سعت أيضًا لشراء ألومنيوم ومواد ثنائية الاستخدام. وقال التقرير: «إيران مستمرة في استغلال الشركات الوهمية على نطاق واسع لشراء مكونات لأنشطة محظورة. وبعض الشركات ربما تكون قد أنشئت لغرض شراء الممنوعات. وربما تكون شركات أخرى تعمل في أنشطة مشروعة». وأضاف «ربما يكون من الصعب على الدول خاصة تلك التي تسعى لتسهيل إنشاء شركات جديدة التعرف على الشركات التي تشارك في عمليات شراء لأنشطة محظورة في إيران». كما طورت إيران وسائل معقدة للتحايل على العقوبات المالية الدولية، وغالبًا ما تستخدم بنوكًا إيرانية صغيرة لم تشملها عقوبات الأممالمتحدة. وفي بعض الأحيان تستخدم إيران كيانات مشروعة لشراء تكنولوجيا رئيسية. وساق التقرير الذي يتضمن ملاحق تفصيلية مثالًا على ذلك كيف أن إيران استخدمت صناعة البتروكيماويات كواجهة لشراء مكونات أساسية لمفاعل آراك النووي الذي يعمل بالماء الثقيل، ويعتبر من النقاط الشائكة في مفاوضات إيران مع القوى العالمية. وإذا بدأ تشغيل هذا المفاعل بوضعه الحالي فسينتج كميات غير قليلة من البلوتونيوم المستخدم في صناعة الأسلحة. وتريد الولاياتالمتحدة وحلفاؤها الاوروبيون أن تلغي إيران المشروع أو تعدل المفاعل ليعمل بالماء الخفيف، وألمحت إيران إلى أنها لن تعارض تعديل المفاعل.